تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
اتسمت المعلومات الاعلامية عن اتجاه الى مؤتمر لبناني في جنيف بتضخيم غير دقيق عكس عمق الفراغ السياسي الذي يعيشه لبنان وسط زحمة الاستحقاقات المصيرية التي يشهدها. اذ جرى الحديث عن عشاء مرتقب غدا الثلثاء في السفارة السويسرية في بيروت يضم ممثلين عن الأحزاب الأساسية في البلاد على أن يكون العشاء تمهيداً لمؤتمر يعقد الشهر المقبل لمناقشة عدد من النقاط الأساسية المتعلقة بالوضع في لبنان.
ولكن معلومات “النهار” تشير الى ان عددا من الأحزاب والقوى تلقت دعوات من جمعية معنية بتنظيم الندوات ترعاها وزارة الخارجية السويسرية أبدت فيها استعدادها لاستضافة ممثلي الافرقاء اللبنانيين في ندوة في جنيف. ولم يكن هذا المشروع وليد الاسابيع الاخيرة بل سبق التحضير له قبل الانتخابات النيابية، واقترح المنظمون دعوة ممثلين لكل طرف الى هذ الطاولة على ان تعقد في تشرين الثاني المقبل في جنيف اذا استكملت التحضيرات اللوجستية بحيث يكون اللقاء فيها على شكل لقاء “سان كلو” الفرنسي . وسرعان ما برزت عقبات تواجه مشروع عقد هذا المؤتمر بحيث سيبقى على الأرجح في اطار ندوة سياسية في حال الاتفاق على عقده، ومن بين العقبات عدم تمثيل السنة وكذلك الشكوك الواسعة في نجاحه استنادا الى فشل تجربة مؤتمر “سان كلو”. وليل امس اعلن النائب ملحم رياشي انسحابه من العشاء المقرر في السفارة لتحميل المناسبة اكثر من حجمها كما اعلن النائب وضاح صادق انه ضد أي مؤتمر في ظل السلاح . كما بدا لافتا ان السفير السعودي وليد بخاري غرد ليلا في موقف بدا اعتراضيا على ما تردد عن مؤتمر في جنيف فكتب “وثيقة الوفاق الوطني عقد ملزم لارساء ركائز الكيان اللبناني التعددي والبديل منه لن يكون ميثاقا اخر بل تفكيكا لعقد العيش المشترك وزوال الوطن الموحد واستبداله بكيانات لا تشبه لبنان الرسالة”.
في الإطار، وفي خضمّ مشهد تعطيل الانتخابات الرئاسية والتنكيل بالمهل الدستورية، وجدت قوى الثامن من آذار ضالتها في الدعوة إلى عشاء حواري في مقر السفارة السويسرية غداً "لتدسّ السم" في أطباقه وتسخّره في خدمة أجندة "تفخيخ" الاستحقاق الرئاسي و"تفكيك" اتفاق الطائف، الأمر الذي سرعان ما تنبّه له بعض القوى المعارضة المدعوة، فاحترقت "طبخة" العشاء السويسري باكراً تحت وطأة توالي الاعتذارات عن عدم المشاركة فيه.
وبينما سعت أوساط الجهات الداعية والداعمة للعشاء إلى التأكيد على كونه «لا يرتقي إلى مستوى الحوار الوطني إنما يفترض أن يشهد جلسة عصف حواري في الشأن السياسي اللبناني وأبعاده المستقبلية، مع حرص سويسري على إبقاء النقاش تحت سقف الطائف»، لم تتردد أطراف السلطة باقتناص الفرصة ومحاولة استخدام عشاء السفارة السويسرية كمطية حوارية لـ»حرف الأنظار عن أولوية الاستحقاق الرئاسي»، كما أكدت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»نداء الوطن»، موضحةّ أن توجيه الدعوة أتى تحت عنوان «المناسبة الاجتماعية»، لكن بعدما تبيّن أنّ الأمور أخذت طابع «المناسبة السياسية» تقرر عدم المشاركة في العشاء «إيماناً بأنّ الأولوية الآن هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في حين أنّ الأطراف المدعوة من الجانب الآخر معروف موقفها مسبقاً في تعطيل الاستحقاق الرئاسي ولذلك كان لا بد من رفض أي محاولة لحرف الأنظار عن أهمية وأولوية هذا الاستحقاق تحت أي عنوان من العناوين».
ولاحقاً، أعلنت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» أنه بعدما تحوّلت مقاربة لقاء العشاء في السفارة السويسرية من مناسبة «محض اجتماعية» إلى «طاولة حوار يتمّ التحضير لها داخل البلاد أو خارجها في هذا الظرف بالذات، طلبت «القوات» من النائب ملحم رياشي الاعتذار عن عدم المشاركة في هذا العشاء»، وأضافت: «البلاد بحاجة إلى انتخابات رئاسية تعيد الاعتبار لدور المؤسسات الدستورية تحت سقف الدستور وتعيد تصحيح الانقلاب على اتفاق الطائف وليس الى حوارات عقيمة لا تؤدي الى أي نتيجة»، مع التشديد على وجوب ألا يأتي أي حوار «من أجل القفز فوق استحقاق بأهمية الاستحقاق الرئاسي»، وعلى ضرورة أن يسبقه «ورقة عمل تلتزم بالدستور واتفاق الطائف والمرجعيات الدولية والعربية والثوابت اللبنانية ليجري الحوار على أساسها».
وتزامنا، برز كلام للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى السعودي جاء فيه: «وفي لبنان فنؤكد ضرورة تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تقود إلى تجاوز أزمته، وأهمية بسط سلطة حكومته على جميع الأراضي اللبنانية لضبط أمنه والتصدي لعمليات تهريب المخدرات والأنشطة الإرهابية التي تنطلق منها مهددة لأمن المنطقة واستقرارها».
وبرزت تغريدة للسفير السعودي وليد بخاري مساءً عبر «تويتر» أكد فيها أنّ «وثيقة الوفاق الوطني عقد مُلزم لإرساء ركائز الكيان اللبناني التعددي، والبديل عنها لن يكون ميثاقًا آخر بل انفكاك لعقد العيش المشترك، وزوال الوطن الموحَّد واستبدالهُ بكيانات لا تُشبه لبنان الرسالة». ويزور بخاري اليوم بعبدا وعين التينة.
أما على ضفة كتلة «النواب التغييريين» فتردد أمس أنّ مسألة تأكيد النائب ابراهيم منيمنة مشاركته في العشاء السويسري خلفت بعض البلبلة في صفوف كتلته لا سيما في ضوء عدم موافقة عدد من زملائه في الكتلة على هذه المشاركة، انطلاقاً من مبدأ رفض «الحوارات في السفارات والالتزام بوجوب حصر أي حوار وطني تحت سقف المؤسسة التشريعية»، الأمر الذي بات يحتم على منيمنة إعادة تقديم اعتذاره عن تلبية دعوة السفارة السويسرية، تماشياً مع رأي أغلبية زملائه «التغييريين».
وكشفت مصادر بعض المدعوين إلى عشاء السفارة السويسرية بلبنانل"اللواء"، إلى انهم تلقوا الدعوة من منظمة «هيومن دايلوغ»، وليس عن طريق السفارة، بهدف تبادل الاراء حول الاوضاع العامة بلبنان، وتنشيط التلاقي والحوار بين مختلف المكونات، باعتبار الحوار وسيلة مهمة لاستخلاص الحلول للازمات والمشاكل القائمة، وعلى أي مستوى كان.
ونفت المصادر ان تكون الدعوة نظمت، تحت عنوان عقد مؤتمر خارج لبنان لبحث تعديل اتفاق الطائف او ما شابه، باعتبار ان مثل هذا الامر، يتطلب اجماعا داخليا لبنانيا، وتجاوبا اقليميا ودوليا، ويتجاوز كثيرا اسباب الدعوة واهدافها.
الا ان المصادر اعتبرت هذه التوضيحات بانها جاءت بعد الضجة الاعلامية التي اثيرت حول الدعوة الملتبسة في هذاالظرف بالذات،وبعد اعتذار اكثر من شخصية مدعوة ، كانت وافقت على تلبية الدعوة، ولكنها تراجعت واعتذرت بعد تلقيها حجم الاستياء العام جراء هكذا دعوة مشكوك بأمرها، وأن ما يمكن تسميته بالحوار السويسري وُلد ميتاً.