تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
في موقف مفاجيء، وعكس السير العام في البلاد، أصدر الوزير الكتائبي السابق سجعان قزي ،(الذي يعتبر الكتائبيون، أنه طعنهم في الظهر، عندما كان وزيراً للعمل، في حكومة تمام سلام، ورفض قرار الحزب بالاستقالة، في حزيران 2016، بسبب غاياته ومصالحه الشخصية) فتوى ببقاء الرئيس ميشال عون في سدة الرئاسة، في حال عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد، وعدم تشكيل حكومة جديدة.
وقال قزي في برنامج على شاشة تلفزيون OTV ، بينما كان يُقدّم أوراق اعتماده إلى التيار الوطني الحر، ورئيسه جبران باسيل، كمرشحٍ لرئاسة الجمهورية: «إذا نجيب ميقاتي لم يؤلف حكومة، وبقيت حكومته تصريف أعمال، وبما أن الضرورات تُجيز المحظور، وبما أنه لا يجوز تسليم البلاد إلى هكذا حكومة، يُصبح من الضروري الإبقاء على رئيس الجمهورية، لأنه ما يُطبّق على الحكومة، يُطبّق أيضاً على الرئاسة الأولى».
في العادة يحرص قزي على أختيار كلماته بدقة، حتى أنه يعمد إلى تشكيل كل حرفٍ في مقالاته، ليُظهر مدى براعته في اللغة العربية، ومنعاً لأي تأويل أو قراءة خاطئة لما يريد قوله. فكيف له أن يسقط في هذه الهفوة الدستورية والسياسة في آن؟؟؟!!! وهو يعلم أن الوقت المتبقي من فترة ولاية الرئيس ميشال عون، أصبح أضيق من أن يتم فيه الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
لقد جمع قزي خبرته في الفلسفة والاقتصاد السياسي والسياسة، مع ما اتّسم به من تمسك بالفكرة الفينيقية، عبر كتابه «فصول من تاريخ لبنان من الفينيقيين إلى الصليبين» ، الذي زايد به على جماعة المؤرخين وأساتذة التاريخ في لبنان، ليقوم اليوم بالمزايدة على أساتذة القانون والدستور، ويُصدر فتوى من محض غاياته ورغباته الرئاسية، وهي طبعاً لا تمت إلى الدستور بصلة على الإطلاق.
نصت المادة 64 من الدستور، على قيام الحكومة بتصريف الأعمال في حال استقالتها أو اعتبارها مستقيلة، وجاء فيها ما حرفيته؛ «ولا تمارس الحكومة صلاحیاتها قبل نیلها الثقة، ولا بعد استقالتها، أو اعتبارها مستقیلة، إلا بالمعنى الضیق لتصریف الأعمال».
ولم يلحظ الدستور اللبناني استمرار رئيس الجمهورية بتصريف الأعمال، بعد انتهاء مدة ولايته، بل نصت المادة 62 من الدستور على: «في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، تناط صلاحیات رئیس الجمهوریة وكالةً بمجلس الوزراء». ومن الجدير ذكره أن الدستور لم يستثنِ حكومة تصريف الأعمال، من تولي صلاحيات رئيس الجمهورية في حال خلو سدة الرئاسة.
ولقد حددت المادة 49 من الدستور ،مدة ولاية رئيس الجمهورية، بست سنوات، ومنعت إعادة انتخابه قبل انقضاء ست سنوات على انتهاء ولايته، وهذا يعني حكماً منع التمديد للرئيس، أو البقاء في منصبه بعد انتهاء ولايته.
لقد خالف سجعان قزي ما ينص عليه الدستور، وكذلك رأي فقهاء القانون (ما خلا بعض أصحاب الغرضيات والمصالح الخاصة) وأصدر فتوى ببقاء الرئيس ميشال عون في منصبه، وعدم تسليم الصلاحيات إلى حكومة نجيب ميقاتي، بعد انتهاء مدة ولايته، وهو بذلك خالف توجهات بكركي أيضاً، والبطريرك الراعي، الذي يشدد في كل عظاته، على التمسّك بالأصول الدستورية، وانتخاب رئيس جديد للبلاد، في الموعد المحدد وضمن المهل الدستورية.
فيما ينتظر اللبنانيون إطلالة عهد جديد، يبعث الأمل في نفوسهم، ويرسم خارطة طريق لإنقاذ لبنان، من مأساته التي أوصلها إليه، عهد المناكفات والنكايات والتعطيل، أطل قزي مبشراً، ومبرراً لمزيد من الأزمات الدستورية والتعطيل الرئاسي.
فهل ستتبرأ بكركي من فتوى سجعان قزي، الذي ما فتئ يلتحف عباءتها، طارحاً نفسه مرشحاً لسدة الرئاسة، وفق قناعته بالفيدرالية والفينيقية واللامركزية الموسَعة، التي قد توصل إلى تقسيم هذا اللبنان الصغير؟؟؟.