تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
يبقى الملف الحكومي مفتوحاً على تطورات جديدة ومحتملة، بسبب "الصراع الصامت" بين الرياض وباريس، وهو ما عكسه التشويش السعودي على رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، مرشح باريس، عبر استباق السفير السعودي في بيروت وليد البخاري الاستشارات الرسمية بأخرى جانبية مع عدد من النواب، وممارسته ضغوطاً على قوى سياسية، أدّت إلى مواقف ظهّرت حجم التدخل السعودي، كما في بيان كتلة "اللقاء الديموقراطي" (اجتمعت أمس بحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط) الذي سمّت فيه "السفير نواف سلام لتشكيل الحكومة"، علماً بأن إشارة الكتلة إلى أنها لن تشارك في الحكومة شكّل دلالة على أن الجميع باتَ يُدرك صعوبة تأليف الحكومة، أياً يكن اسم الرئيس المكلف.
مصادر سياسية مطّلعة عبّرت عبر "الأخبار"عن اعتقادها بأن "لا كلمة نهائية للسعوديين في اسم السفير سلام حتى الآن، وكل ما يجري في إطار الجوجلة لمعرفة حجم المؤيدين والمعارضين له". ولذلك "أرجأ حزب القوات موقفه حتى وصول كلمة السر في اللحظة الأخيرة"، علماً بأن أوساط معراب تحدّثت عن "انقسام بشأن التسمية. ففيما تفضل النائبة ستريدا جعجع تسمية ميقاتي، يميل النائب جورج عدوان إلى عدم التسمية، فيما الجو الغالب هو عدم دعم السفير سلام".
وقالت المصادر نفسها إن "باطِن الحركة السعودية يرتبِط بالموقف السعودي من العلاقة بين الفرنسيين وحزب الله، وأن الرياض ترى أن هناك توافقاً بينهما على الملف الحكومي نجمت عنه تسمية ميقاتي"، مشيرة إلى أن "ما يحاول أن يفعله البخاري هو تسجيل رسالة اعتراض من لبنان على الانفتاح الفرنسي تجاه الحزب".
وذكرت المصادر إن "إصرار نواب سنّة (١٦ نائباً) على تسمية ميقاتي يؤكد أن الرياض لم تخُض معركة جدية حتى الآن ضد رئيس الحكومة".
فرنسا للسعوديّة: الإصرار على سلام عبثيّ
على المستوى الدولي والإقليمي، تقول المصادر النيابية المواكبة لاستحقاق التسمية لـ "البناء" إن التجاذب الفرنسي السعودي حول لبنان ليس بعيداً عن مشهد التسمية، فميقاتي المدعوم من فرنسا يمثل مقاربة غير عدائيّة تجاه التعاون مع حزب الله تنسجم مع المقاربة الفرنسية، بخلاف المقاربة السعودية التي تنظر للتسمية وما قبلها للانتخابات واستحقاقات انتخابات رئيس ونائب رئيس وهيئة مكتب المجلس بعين السعي لتحقيق انتصار على حزب الله، والخيارات التي يدعمها، ومنها خيار تسمية ميقاتي.
واوضحت المصادر أن مسعى فرنسياً لإقناع السعودية بتأجيل البحث بكيفية مقاربة الوضع اللبناني لمناقشة الاستحقاق الرئاسيّ وما بعده، تضمن لفت النظر إلى أن الإصرار على تسمية سلام عبثي لأن عمر الحكومة المفترض أقل من الوقت الطبيعي لتشكيل الحكومات في لبنان، فكيف سيشكل سلام حكومة، في ظل أزمة مع كل نواب الطائفة الشيعيّة؟ وهل سيكون سهلاً أن يحصل على توقيع رئيس الجمهورية على تشكيلة حكوميّة قبل نهاية العهد، وفوز سلام وفق الأرقام مشروط بنيله تسمية القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ولكل منهما شروط تنفي شروط الآخر، فكيف سيجمع بينها، وهل يبقى معنى للفوز بتسمية سلام إذا كان الفوز بالتسمية مشروطاً بمشاركة التيار الوطني الحر، وما جدوى الفوز بالتسمية دون القدرة على تشكيل حكومة، تنتهي مفاعيله الدستورية بنهاية العهد، فيما تبقى حكومة ميقاتي تصرف الأعمال، وربما ترث صلاحيات رئيس الجمهورية بعد نهاية عهده، وبخلاصة هذا التقديم دعت فرنسا السعودية الى صرف النظر عن هذا الإصرار، الذي لا يبدو الا كمحاولة يائسة للبحث عن نصر شكلي للانتقام من نتائج جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس النيابي، وهذا لا يليق بالسعودية.
وإذ علمت "البناء" أن السفير السعودي طلب من جنبلاط دعم سلام، أوضح عضو كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدالله لـ"البناء" أن "لا أحد ضغط علينا، لكن بالتأكيد هناك اعتبارات وعناصر خارجية تؤثر في قرارات مختلف الكتل النيابية"، مؤكداً أن "تسمية سلام لا تستهدف ميقاتي، بل تنطلق من خيار استقلالي وسيادي لتحريك المياه الراكدة والجمود السياسي والحكومي الحاصل في البلد منذ سنوات.