تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
… والآنَ، على مسافةِ يومينِ من الانتخاباتِ ، نقولُ للمتحمِّسينَ والمتوعِّدينَ والمُراهنينَ هنا وهناك:
خفِّفوا عنترياتكمْ قليلاً، وانزلوا من عليائكمْ لتروا صورةَ البلدِ بوضوحٍ أكبرَ…
يا جماعةُ، المسألةُ كلها تُختصرُ بـ7 نوابٍ أو 8 زيادةً أو نقصاناً على المعادلةِ الحاليةِ في المجلسِ النيابيِّ. فلا تنتظروا انقلاباتٍ في "الستاتيكو" القائمِ.
دَعْكُم من الرِّهاناتِ على الأرباحِ والخسائرِ، وتعالوا جميعاً إلى أرضِ الواقعِ،
فكِّروا جيداً:
أيُّ دولةٍ وأيُّ بلدٍ وأيُّ شعبٍ سنكونُ بعدَ 15 أيار؟
هذهِ هي المسألةُ التي تستأهلُ التفكيرَ فعلاً، والباقي مجرَّدُ تفاصيلَ "لا تُسْمِنُ ولا تُغني عن جوعٍ"!
***
يحزُّ في القلبِ أن الانتخاباتَ في العالمِ الحضاريِّ هي معركةٌ شريفةٌ بينَ أبناءِ البلدِ على البرامجِ والأفكارِ وخدمةِ الشعبِ…
وأما عندنا فهي معركةٌ بينَ مرشحينَ، بعضُهمْ وكلاءُ للقوى الخارجيةِ، وبعضهمْ يَرفعُ عنوانَ الدولةِ والسيادةِ، وبعضُهمْ لا نعرفُ شيئاً عنهمْ…
ويحزُّ في القلبِ أن الانتخاباتَ في العالمِ الحضاريِّ تنتهي بالاحتفالاتِ، وبتهنئةِ الخاسرِ للفائزِ…
وأما عندنا فتنتهي بتهديدِ الخاسرِ للفائزِ، وتهديدِ الفائزِ للخاسرِ...
ويحزُّ في القلبِ أن الانتخاباتَ في العالمِ الحضاريِّ هي محطةٌ للانطلاقِ نحوَ مرحلةٍ جديدةٍ من تطويرِ الدولةِ،
وأما عندنا فهي محطةٌ للانزلاقِ أكثرَ نحوَ أعماقِ جهنمٍ، حيثُ الويلُ والثبورُ وعظائمُ الأمورِ…
***
نعم، نقولُ هذا ونعرفُ أننا لا نبالغُ.
فتوقعاتُ الخبراءِ لما بعد 15 أيار أكثرُ من مُخيفةٍ، والشائعاتُ التي تدورُ في كلِّ مكانٍ تطلِقُ العنانَ للهواجسِ…
في الحقيقةِ، تردَّدنا قبلَ كتابةِ هذا المقالِ:
هلْ نوردُ هذهِ التوقُّعاتَ والشَّائعاتَ، فيما الناسُ تعصُفُ بهمْ الهواجسُ؟
لكننا ارتأينا أن واجبنا هو قولُ الأمورِ كما هي، كي يعرفَ الناسُ إلى أينَ نحنُ متَّجهونَ...
1- يقالُ، بعدَ الانتخاباتِ، إن موجةَ الانهيارِ الجديدةِ سيُطلقها قرارُ مصرفِ لبنانَ وقفَ الدعمِ: دعمُ المحروقاتِ والأدويةِ والطحينِ وكلِّ شيءٍ…
2- وطبعاً، قرارُ وقفِ دعمِ الدولارِ الذي كلَّفَ المركزيَّ أكثرَ من مليارِ دولارٍ، من أموالِ المودعينَ، لتهدئةِ سعرِ الصرفِ اصطناعياً وتمريرِ الانتخاباتِ…
3- وطبعاً، إقرارُ الموازنةِ المجنونةِ التي جرتْ "ضبضبتها" في الأدراجِ موقَّتاً، وفيها سترتفعُ أسعارُ الخدماتِ بشكلٍ هستيريٍّ…
وهذا يعني جنونٌ في أسعارِ الكهرباءِ والاتصالاتِ والمحروقاتِ والرسومِ…
4- والأخطرُ، هو الجنونُ في سعرِ صرفِ الدولارِ…
وهذهِ المرَّةَ، لنْ يُقْدِمَ حاكمُ المركزيِّ على أيِّ مغامرةِ دعمٍ جديدةٍ،
فالسياسيونَ ارتاحوا من عبءِ الانتخاباتِ، والمصرفُ لم يعدْ يتحمَّلُ الاستنزافَ…
وما يزيدُ الطينِ بلَّةً، هي الشائعاتُ عن تطوراتِ عاصفةٍ تقتربُ... ربما تكونُ حدثاً زلزالاً أو عمليةَ توقيفٍ معيَّنةٍ، تؤدي إلى تعقيداتٍ يصعبُ حصرها…
فهلْ يمكنُ التخيُّلُ، في هذهِ الحالِ، إلى أيِّ حدٍّ ستبلغُ الكارثةُ؟
***
كلُّ ذلكَ، فيما هناكَ صاحبُ الهامةِ المقتدرةِ في السراي، على رأسِ حكومةٍ اسمها حكومةُ "النجيبِ العجيبِ"…
هي أساساً لم تصرِّفْ أيَّ عملٍ منذُ أن جاءتْ إلى ديارنا… فكيفَ ستكونُ عندما تُصبحُ فعلاً حكومةَ تصريفٍ، بعدَ 20 أيار؟
وماذا سيفعلُ رئيسها العجيبُ سوى عَلْكِ الوعودِ التي يُطلقها في الصبحِ لينساها في المساءِ؟
وماذا سيفعلُ مجلسنا النيابيُّ العظيمُ، وهو نفسهُ تقريباً مجلسنا العتيق، بعدما أمضى فرسانهُ 4 سنواتٍ يتسلَّونَ بعناوينَ الإصلاحِ وقوانينِ الإنقاذِ، لكنَ روحيَّةَ الفسادِ منعتهمْ من إقرارِ أيٍّ منها؟
***
باختصارٍ، لا بقعةَ ضوءٍ نراها في النفقِ، بعدَ الانتخاباتِ…
بقعةُ الضوءِ الوحيدةُ هي في الانتخاباتِ نفسها، ومرَّةً جديدةً وربما أخيرةً نقولها للمخلصينَ:
اتَّحدوا، ولْينسحبْ بعضُكمْ لبعضٍ. فالفرصةُ ما زالتْ سانحةً... لا تضيِّعوها!