تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
يوماً ما سيُنجَزُ ترسيمُ الحدودِ في الجنوبِ،بحراً وبراً، وسيبدأ التنقيبُ عن الغازِ في البلوكاتِ التي كانَت متنازعاً عليها سواءٌ جنوباً أو شمالاً. صحيحٌ ان الأمورَ تأخذُ وقتاً، ولكن ما من مفاوضاتٍ في العالمِ استمرتْ إلى ما شاءَ اللهُ، ففي نهايةِ المطافِ سيتمُ التوصلُ الى اتفاقِ الترسيمِ.
***
لكن ما يشغلُ البالَ ويُشكِّلُ خطراً على حاضرِ البلدِ ومستقبلهِ،
هو " ترسيمُ حدودِ الصلاحياتِ" بينَ السلطةِ التنفيذيةِ في ما بينها ،
وبينها وبينَ السلطةِ التشريعيةِ ،
وبينَ السلطتينِ التشريعيةِ والتنفيذيةِ من جهةٍ، والسلطةِ القضائيةِ من جهةٍ ثانيةٍ.
هذا النوعُ من " الترسيمِ " هو الأكثرُ تعقيداً والذي من شأنهِ ان يتسببَ بحروبٍ ومعاركَ داخليةٍ لا نهايةَ لها .
" حروبُ ترسيمِ الصلاحياتِ" عمرها من عمرِ الحربِ اللبنانيةِ التي اندلعت في نيسان من العام 1975 (ومنهم مَن يقول إنها لا تزالُ ولم تتوقفْ بعد)،
صحيحٌ ان جانباً كبيراً من هذهِ الحربِ هو خارجيٌّ ، لكن الاسبابَ الداخليةَ لا تقلُ شأناً على الإطلاقِ ،
ولهذا في كلِّ مراحلِ الحربِ كانت تُعقَدُ طاولاتُ الحوارِ وتُقدَّمُ أوراقُ الإصلاحِ،
وهي في جوهرها تتعلَّقُ بحدودِ الصلاحياتِ بينَ الرؤساءِ والحكومةِ ،
وعلى رغمِ كلِّ طاولاتِ الحوارِ التي أنعقدتْ والإصلاحاتِ التي أُقرَّتْ في مؤتمرِ الطائفِ، فإن " نغمةَ " الصلاحياتِ وحدودها بينَ الطوائفِ وبينَ المواقعِ تُطِلُّ برأسها بينَ الحينِ والآخرِ ما يُخشى معه من ظهورِ حروبٍ جديدةٍ لا طاقةَ للبنانيِّ على تحمُّلِها.
***
ولكن ماذا عن " الترسيمِ " بينَ السلطةِ والمواطنِ؟
المسافةُ بعيدةٌ جداً ويستحيلُ الترسيمُ لأن السلطةَ في مكانٍ والناسُ في مكانٍ آخرَ ،
وأكثرُ من ذلكَ فإن الهوَّةَ ستتباعدُ اكثرَ فاكثرَ بينَ الطرفينِ، لأن المشاكلَ ستزدادُ والملفاتِ ستتراكمُ ولا تملكُ السلطةُ سوى الوعودِ العاجزةِ :
دلُّونا على إنجازٍ واحدٍ حققتهُ حكومةُ " النجيبِ العجيبِ" منذُ وصولهِ إلى السرايا ؟
بصراحةٍ كليةٍ: صفرُ إنجازاتٍ.
***
يُقالُ : " إذا ما كبرتْ ما بتصغر" ،
يا دولةَ الرئيسِ المتمسِّكِ بسلطةٍ لم تعدْ موجودةً ،
ما رأيكم لو تقدموا استقالتكمْ وتقلبوا الطاولةَ فوقَ رؤوسِ الجميعِ، وعندها فليحدثْ ما يحدثْ ،
لكن إذا لم تفعلوا، وإذا بقيَ الوضعُ على ما هو عليهِ، فإنَ الشعبَ أمامَ حالةٍ تشبهُ الموتَ البطيء .
دولةَ الرئيسِ ، " رسِّمْ الحدودَ" بينَ طموحاتِكمْ وتمسُّكِكُمْ بالسلطةِ ،
وبينَ مطالبِ اللبنانيينَ الذين ما عادوا يريدون سلطةً عاجزةً لا تقوى على شيءٍ، ولا تقومُ بشيءٍ، ولا تُنجزُ شيئاً، تماماً كالطاووسِ الذي ينفشُ ريشهُ و"يتغندر"... "شوفوني"ّ!