تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
=== خاص ==== "الثائر"
عضو مجلس الاعلام المصري ومدير موقع احوال مصر سيد زهيري
رغم مرور عام كامل على كارثة انفجار "مرفأ بيروت", وما خلّفته من دمار وضحايا وأزمات, ومشاهد أدمت قلوب الإنسانية حول العالم تعاطفاً وتضامناً مع الشعب اللبناني الذي أعيته الحيلة, وأغلقت أمامه نوافذ النجاة, بفعل الأزمات والنكبات المتتالية, التي اكتملت بانفجار "المرفأ", هذا الحدث الجلل الذي جعل المواطن اللبناني المتعلق بتلابيب الأمل يتوهم أنه سيحرك ضمائر الساسة, وسيجعل العالم ينتفض من أجل انقاذ لبنان القابع تخت أسر الطائفية والمذهبية, والمحاصصة السياسية, التي قضت علي مفهوم الدولة, وحولت الوطن إلى "غنيمة" تتقاسمها الطوائف والمذاهب والتكتلات السياسية, كل حسب نفوذه وسيطرته, لكن هذا الحدث الجلل الذي زلزل منخفضات ومرتفعات لبنان, وأبكى شجر "الأرز" الذي يكسو أوديته , لم يحرك ساكناً, وكأن الضمائر في سبات عميق.
فبعد مرور عام كامل على انفجار "المرفأ", ما زال لبنان غارقاً في أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية, حيث تهاوت قيمة الليرة اللبنانية، مع عدم وجود رؤية أو خطة إنقاذ واضحة. الأمر الذي أحدث ارتفاعات كبيرة وهائلة في أسعار الكهرباء والطاقة والمواد الغذائية وصلت نحو 400 في المئة, ورغم كل هذه الأزمات وغيرها, لم يتفق الساسة وتكتلاتهم ومذاهبهم و طوائفهم على تشكيل حكومة إنقاذ, بسبب الخلاف على المحاصصة, ما دعا المواطن اللبناني يستصرخ ضمائر العالم لانقاذه.
ومع اليأس الواضح في التعويل على النخبة السياسية اللبنانية, في أن تُعلي المصلحة الوطنية على نزعاتها الطائفية والمذهبية, ومصالحها الذاتية, ومع استمرار تردي الوضع الاقتصادي في لبنان والفشل في تشكيل حكومة، طالب اللبنانيون الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على مسؤولين يرونهم سبباً في أزمة البلاد الخانقة, والتي تتفاقم يوماً بعد يوم, فقد أشارت بعض الإحصاءات إلى أن ما يقرب من نصف اللبنانيين باتوا يعيشون تحت خط الفقر, فيما كشف تقييم صادر عن الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن أن قرابة 77 بالمئة من الأسر اللبنانية ليس لديها ما يكفي من الطعام أو حتى المال الكافي لشراء مواد غذائية, وكان البنك الدولي قد حذر في تقرير سابق له من الوضع الكارثي في لبنان, مشيراً إلى أن الأزمة اللبنانية ربما تكون ضمن واحدة من أسوأ ثلاث أزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن حالة الضعف والوهن التي أصابت الدول العربية التي تعاني منذ ما سمي بـ"ثورات الربيع العربي", تجعلها عاجزة عن فرض حلول من شأنها إنقاذ الشعب اللبناني, ناهيك عن أن الساحة السياسية الدولية تشهد صراعاً خطيراً بين القوي الكبري على السيظرة والهيمنة والنفوذ, فأمريكا التي باتت عاجزة عن تقليم أظافر التنين الصيني المتحصن بقوته الاقتصادية والتكنولوجية, التي تهدد العرش الأمريكي, و روسيا التي تسعي للعودة والتأثير من خلال نظام عالمي جديد, وجدت الفرصة سانحة في التحالف المستتر مع الصين, وما يهمنا هنا أن ثلاثي الصراع الدولي بات يبحث عن مناطق الصراع ومواطن الآزمات حول العالم لاستغلالها في تعزيز الهيمنة والنفوذ, وتأتي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في بؤرة هذا الصراع, الذي لايتسع المجال هنا لتفصيلاته, لكن بالنظر لموقع لبنان الجغرافي وحدوده مع سوريا وفلسطين المحتلة, ووجود "حزب الله" الموالي لإيران, فإنها من ناحية يمكن أن تستخدمها الولايات المتحدة كساحة بديلة لتقليم أظافر إيران, ومن ناحية أخري فإن الصين وروسيا تسعيان لاستثمار الوضع الراهن في لبنان, استغلالاً لموقعه المتميز على منطقة "شرق المتوسط" التي تشهد صراعاً محتدماً على ثرواتها البترولية, عقب الاكتشافات المتتالية لحقول الغاز, الأمر الذي لا يؤشر بحلول قريبة للآزمة اللبنانية. ومع كل ما سبق فإنه يبقي الآمل في أن يفيق القادة العرب من غفوتهم و أن لا يتركوا مصائرهم بيد أعدائهم, ويدركوا أن وحدتهم هي السبيل الوحيد لحل أزماتهم, والنجاة من براثن هذا الصراع المحتدم بين القوى الكُبرى وأطماعها في مقدرات و ثروات المنطقة.
وحين يتفق العرب ويمتلكون الإرادة, فإنهم قادرون على حلحلة أزمات لبنان ورفع المعاناة عن كاهل الشعب اللبناني, واستعادة وحدة لبنان الذي ندعوا المولى عز و جل أن يكتب له ولشعبة السلامة والنجاة..
|