تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أطلق برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان مؤتمر ملف بيروت، في السرايا الحكومية، برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب ، وحضور نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي، وكيل الأمين العام والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ميمونة محمد شريف، الممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في الدول العربية الدكتور عرفان علي، مديرة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان تينا كريستيانسن، نائب رئيس برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان طارق عسيران، ممثلين عن وكالات الأمم المتحدة في لبنان.
كما حضر الوزراء في حكومة تصريف الاعمال دميانوس قطار ورمزي المشرفية وغادة شريم، والسفير القطري في لبنان محمد حسن جابر الجابر.
كريستيانسن
بداية، قالت كريستيانسن: "إنه لشرف كبير لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أن يرحب بكم في حفل إطلاق ملف مدينة بيروت، تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، الذي يشرفنا حضوره وأصحاب المعالي الوزراء الى جانب السيدة ميمونة شريف والدكتورة نجاة رشدي. أشكركم جميعا على تخصيص هذا الوقت من برنامج عملكم للانضمام إلينا اليوم، حيث نقدم لكم تقريرا مفصلا عن مدينة بيروت في إطار الاستجابة للأزمة الحضرية وجهود التعافي".
أضافت:" يتميز برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية على الصعيدين العالمي والإقليمي بإعداد دراسات حول المناطق الحضرية متعددة القطاعات، وتوفر بيانات وتحليلات قيمة عن المدن والمناطق الحضرية بهدف إرشاد التخطيط والبرمجة -بما في ذلك خطط التعافي- وتوجيه التنسيق بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. أصدر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في السنوات الأخيرة أكثر من 30 تقريرا حول المدن و80 حول الأحياء، وذلك في الدول العربية، وتحديدا في لبنان، يتمتع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بتاريخ طويل وخبرة كبيرة في تحديد سمات وخصائص المدن والأحياء. يساهم التقرير حول مدينة بيروت بإثراء رصيد الدراسات المتنامي لدينا في لبنان، والذي يتضمن حتى الآن تقريرين لمدينتي طرابلس وصور، وأكثر من 29 دراسة للأحياء التي يقع معظمها في المناطق المحرومة في جميع أنحاء البلاد وتم إعدادها بالشراكة مع منظمة اليونيسيف. ويتم استخدام هذه التقارير في توجيه تدخلات التنمية المحلية".
وتابعت: "كانت الاستجابة الفعالة للأزمة الحضرية احدى المجالات الرئيسية لعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية منذ إنشائه في لبنان في العام 2006. فقد نفذنا مجموعة واسعة من المشاريع القائمة على الأدلة استجابة للأزمات المتعددة التي عصفت بالبلاد في السنوات الماضية، وبالتنسيق الوثيق مع السلطات المحلية والحكومة، وذلك جنبا إلى جنب مع الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية الأخرى. وبالإضافة الى الاستجابة لحالات الطوارىء، يسعى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أيضا إلى تخطيط وتنفيذ البرامج التي تعالج شؤون التنمية الحضرية على المديين المتوسط والطويل".
وأردفت: "يعد ملف مدينة بيروت، إلى جانب ملفاتنا الأخرى، أداة تحليلية مهمة لربط هذه العلاقة بين التنمية والاغاثة. أود أن أعبر عن امتناننا للدعم السخي الذي قدمته NORCAP ووزارة الخارجية النرويجية لتمويلهما الكريم لتنفيذ ملف مدينة بيروت. علاوة على ذلك، أود أن أشيد بالتعاون الكبير والمعلومات القيمة التي قدمتها البلديات واتحادات البلديات التي يغطيها هذا التقرير. وقد تفضلت وكالات الأمم المتحدة الأخرى في لبنان والشركاء العاملون في المجال الإنساني بالمساهمة في إعداد ومراجعة التقرير، كما قدموا بيانات قيمة للتحليل. إضافة الى ذلك، تكرم العديد من الأكاديميين بتقديم خبرتهم ووقتهم لإغناء التقرير. إنه لأمر رائع أن نرى بعض هؤلاء بيننا هنا اليوم".
عرض
ثم قدمت مستشارة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ورئيسة قسم تحليل المعلومات في شركة Urban A إيدا زلين عرضها عن ملف مدينة بيروت وأهدافه ونتائجه وتوصياته.
رشدي
بعد ذلك، قالت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية: "تعرفت الأسبوع الماضي على خمس قصص إنسانية مؤثرة جدا تعكس الواقع المؤلم والمرير للوضع الاقتصادي الراهن في لبنان والذي لا يلبث يزداد سوءا يوما بعد يوم، ومن بين هذه القصص، قصة يوسف: رجل لبناني يبلغ التاسعة والخمسين من عمره، يعيش منذ بعض الوقت في شوارع بيروت بلا مأوى ومن دون ذرة أمل. حلمه ببساطة هو أن يكون له باب يمكن إغلاقه عندما ينام وسقف يحميه. والمفارقة الغريبة أن حلم يوسف هو فعليا حق من حقوق الإنسان الأساسية".
أضافت: "لا يخفى عليكم أن الوضع في لبنان يتدهور باستمرار وبشكل مطرد، وبات لا يحتمل بالنسبة لعامة الناس مثل يوسف. فكيف لا؟ وها هم يرزحون تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والمالي، والآثار الكارثية التي خلفها انفجار مرفأ بيروت، ناهيك عن التأخير في تشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتحقيق التعافي المنشود".
وتابعت: "أثر انفجار مرفأ بيروت المروع الذي وقع في الرابع من آب 2020 تأثيرا ملحوظا على البنية التحتية لمدينة بيروت. فقد غير وجه بيروت بالكامل وحرم العديد من الأسر من المأوى وجعلها تعاني من وضع سكني غير مستقر، مما أدى إلى تفاقم ظروف المعيشة، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين كانوا يعيشون بالأصل في مأوى أو مسكن غير لائق وغير آمن. تضررت آلاف المنازل أو حتى تدمرت بالكامل بسبب الانفجار الذي جعل مئات الآلاف من الأشخاص بلا مأوى أو دفعهم إلى الإقامة في مناطق لا تزال معرضة للخطر. زرت عائلات دمرت منازلها بالكامل ودمر معها مستقبلها وآمالها، وقابلت أطفالا فقدوا الشعور بالأمان في منازلهم وأحيائهم التي طالما كانت بيئتهم الحاضنة والآمنة. كما التقيت أشخاصا أكدوا لي أهمية عودة أطفالهم إلى المدرسة حتى يستعيدوا أملهم بمستقبل أفضل، والحاجة إلى ترميم منازلهم لضمان سلامتهم وحمايتهم وصون كرامتهم ورفاههم الشخصي".
وقالت: "إن الأزمات الحالية المتتالية والاستثنائية التي تعصف بلبنان تتطلب منا اعتماد طرق عمل غير عادية. بالفعل، استجابة لهذه الأزمات، قام فريق العمل الوطني التابع للأمم المتحدة، من خلال وكالاته الوطنية الـ26، بمضافرة جهوده دعما للبنان في عملية الاستجابة لأزماته المتعددة الأوجه، وذلك بطريقة سريعة، ومنسقة، وبالاعتماد على الأولويات الملحة والمختلفة، ناهيك عن دعم الحكومة اللبنانية وجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية مع الالتزام بالدفاع عن حقوق الناس في الكرامة والسلام والعدالة. واعتمادا على مهامها السامية، ركزت وكالات الأمم المتحدة العاملة في لبنان على المساعدة في معالجة الجوانب المختلفة للتحديات الإنسانية والإنمائية الطويلة الأمد التي تواجه البلاد، لا سيما في مجال الحوكمة، والاقتصاد، والحماية الاجتماعية، وإرساء السلام والاستقرار، وفي مجال تأمين الخدمات الأساسية والاجتماعية وتأمين المأوى وحماية البيئة وصون التراث الثقافي".
أضافت: "في الوقت عينه، قمنا بإنشاء آليات تنسيق للاستفادة إلى أقصى حد من مختلف أوجه التآزر والتعاون وتجنب التداخل في استجاباتنا وجهودنا المبذولة في سبيل التعافي. وإلى جانب الجهود الإنسانية التي بذلت للاستجابة لانفجار مرفأ بيروت المدمر، قمنا مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة البنك الدولي وبالتعاون الوثيق مع الحكومة اللبنانية، بتطوير إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار للبنان (المعروف باسم 3RF)، الذي يرتكز على الإنسان أولا. ويهدف هذا الإطار إلى ربط الاستجابة الإنسانية الفورية بجهود التعافي وإعادة الإعمار المبذولة على الأمد المتوسط بهدف وضع لبنان على مسار التنمية المستدامة. ويتعلق هذا الإطار بالأشخاص الذين فقدوا منازلهم، وبالعائلات التي فقدت أحباءها، وبأولئك الذين فقدوا خبزهم اليومي، وآمالهم، وأعمالهم التجارية، وخسروا سنوات من العمل ومن مدخراتهم المشروعة".
وتابعت: "يشجع إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار على اتباع نهج متكامل في جميع القطاعات، ويسترشد بمبادىء الشفافية، والمساءلة، والشمولية. وقد تم اعتماد طريقة عمل جديدة في مسار إعداد هذا الإطار ووضعه قيد التنفيذ، إذ تم التعاون بشكل وثيق ومنذ البداية مع الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني لجعل هذا الإطار تشاركيا بامتياز. ففي الوقت الذي نتحدث فيه، تقوم هيئة الإشراف المستقلة بقيادة المجتمع المدني، بإرساء الأسس الضرورية لعملية الإشراف على تنفيذ هذا الإطار بصورة فعالة. إن ضمان المأوى والمسكن هو في صلب أولويات إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، وضمن المشاريع الخاصة به التي تتمحور حول إعادة بناء المنازل المتضررة من جراء الانفجار بالإضافة إلى المباني التاريخية وغيرها من البنى التحتية، بما في ذلك تطوير الأحياء المتضررة والضعيفة التي تؤوي الفقراء والفئات الأكثر ضعفا".
وقالت: "تعد الدراسة التي يطلقها اليوم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية عن مدينة بيروت مرجعا رئيسيا لدعم عملية تنفيذ إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار. فهي تقدم منظورا في غاية الأهمية لجهة المساحة الكاملة للأحياء المتضررة والأماكن المهدمة، بما يشكل أساسا مهما ومرجعيا لجميع الجهات المعنية الساعية إلى المساهمة في تحقيق التعافي وإعادة الإعمار في بيروت. والأهم من ذلك، أن هذه الدراسة تقدم فرصة مهمة للتفكير والنظر عن كثب في احتياجات الناس المتعددة الأبعاد، إذ أنها تعتمد نهجا شاملا ومتعدد القطاعات قائما على المناطق ويعنى بتحليل وتشخيص العاصمة بيروت. ففي بلد شديد التحضر مثل لبنان، ثبت أن إتاحة البيانات والتحاليل الحضرية إنما هو أمر ضروري للاستجابة للأزمات غير المتوقعة وللمساعدة على تعزيز قدرة مدينة بيروت وسكانها على الصمود في المستقبل أمام صدمات وأزمات مماثلة".
أضافت: "يعتبر تأمين المأوى/المسكن الملائم عالميا أحد أكثر الاحتياجات الأساسية للانسان. وبالنسبة لي شخصيا، فالمسكن هو أكثر بكثير من مجرد سقف. إنه منزل يحتمي فيه الإنسان، وهو مصدر أمان ومصدر لصون كرامة الإنسان. وبغية جعل لبنان أكثر أمانا واستدامة، نحتاج إلى اتخاذ إجراءات حاسمة. وفي هذا الصدد، فإن الدراسة التي نطلقها اليوم حول مدينة بيروت، إلى جانب غيرها من الدراسات والتقارير التي أصدرها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في الأشهر الماضية عن مدينة بيروت وعن أحيائها، إنما تشكل موارد قيمة لاستخدامها في مساعينا المشتركة "لإعادة البناء بشكل أفضل" وبطريقة أكثر حكمة".
وختمت: "أدعو جميع الجهات المعنية، من بين الموجودين بيننا اليوم وغيرهم، إلى الاستفادة من هذه الموارد المتاحة إلى أقصى حد ممكن لأنها توفر قاعدة مهمة مبنية على الأدلة والمعلومات الموثوقة فتساهم في تعزيز جهودنا المستمرة لبناء مجتمعات قوية ومدن أكثر شمولا، ومرونة، واستدامة".
شريف
أما وكيل الأمين العام والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فقالت: "يشرفني أن اكون معكم اليوم برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب لإطلاق التقرير حول ملف مدينة بيروت الذي أعده برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان. أود أن أعبر عن خالص امتناني لدولته على دعمه لإطلاق هذا العمل المهم، الذي يتم هنا في السراي الكبير. كما أود أن أعرب عن تقديري للحكومة اللبنانية والسلطات المحلية في بيروت وخارجها على التعاون الممتاز. علاوة على ذلك، أنا ممتنة لدولة النروج - من خلال برامج دعمهم بالموارد البشرية الكفوءة وأيضا وزارة الخارجية النروجية، لمساهمتهم السخية التي أتاحت إعداد هذا التقرير".
أضافت: "مر أكثر من عشرة أشهر على الانفجار المدمر في مرفأ بيروت، الذي هز العاصمة بيروت في الصميم، تاركا وراءه مدينة سكانها يكافحون لالتقاط عناصرها المتشظية ولبناء مسار مستدام للنهوض. حدث كل هذا في خضم جائحة كوفيد-19 وأزمة اقتصادية طويلة الأمد، بالإضافة الى أزمة اللاجئين السوريين. لا يسعني إلا أن أعبر كم أنا مقدرة لصمود شعب لبنان، وأن أؤكد مجددا على التزام برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بتقديم كل ما في وسعنا لدعمكم".
وتابعت: "في 4 آب 2020، سعى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية للتعاون مع مجموعة كبيرة من الهيئات الإنسانية والإنمائية. لقد نشرنا فرق عمل في بلديتي بيروت وبرج حمود، وقدنا عملية المسح السريع للأضرار على مستوى المباني، وقدمنا الخبرات الفنية والتنسيقية. كما قدمنا المساعدة الفورية لإيواء المتضررين من خلال الترميم والمساهمة في بدلات الايجار - ونستمر في العمل مع الشركاء لإعادة تأهيل المدارس والمرافق الصحية".
وقالت: "تحركنا بسرعة مع الشركاء للتأكد من جمع الأنقاض وتخزينها، مما يوفر حلولا خضراء ومستدامة لإدارتها. لقد انخرطنا في جهود التنسيق في الأمم المتحدة، من خلال المشاركة في قيادة قطاع السكن، واستكمال الجهود الوطنية القائمة من قبل الصليب الأحمر اللبناني والجيش اللبناني، لضمان تقديم المساعدة السريعة والمنسقة لإيواء الفئات الاكثر تضررا. نقوم بإعادة تأهيل المباني التي تضررت بشدة من جراء الانفجار من خلال التمويل السخي من المانحين، مع رفع مستوى المساحات العامة والبنية التحتية المجتمعية - من خلال تطبيق نهج يحمي البيئة ويتيح مرونة لإعادة الاعمار. ويبقى الحفاظ على التراث من خلال هذه التدخلات أمرا بالغ الأهمية".
أضافت: "يتقدم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في النقاش حاليا مع البنك الدولي لتنفيذ مشروع جديد، من خلال "آلية تمويل لبنان"، مع التركيز على إعادة إعمار المساكن في بيروت وتعافي التراث الثقافي والصناعات الإبداعية. في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية تدخلاته في لبنان منذ عام 2006 - على المستوى الوطني والمحلي والمجتمعي - عبر مقاربة متعددة القطاعات وشاملة. نعتقد أن تحقيق درجة أعلى من الاستدامة والاستجابة للاحتياجات الفعلية للمجتمعات المحلية يتم بواسطة الربط بين المساعدات الإنسانية والإنمائية ومن خلال النهج التشاركي".
وتابعت: "تستند تدخلاتنا إلى عملية صنع القرار القائمة على الأدلة، والتي تساهم في زيادة المساءلة والشفافية في الإدارة، ليس فقط من خلال تنفيذ الأعمال، ولكن أيضا عند رصدها وتقييمها. يوفر ملف مدينة بيروت تحليلا للقطاعات وللحيز المكاني للمساعدة في تكوين فهم مشترك لتأثير الأزمات المتعددة ونواحي الضعف والهشاشة في جميع أنحاء العاصمة، وهو ما تمت الإشارة إليه بوضوح في العرض التقديمي. يسلط الملف التعريفي الضوء على الأنظمة الحالية للمدينة. على سبيل المثال، وعلى عكس المدن الأخرى في لبنان، لا توجد سلطة مرجعية واحدة مسؤولة عن مكونات مدينة بيروت الكبرى. وبالتالي، بقيت المنطقة العمرانية الأكبر في بيروت، والتي تضم 31 بلدية، بدون آليات عمل رسمية للاستجابة للنظام الأكبر الذي تنتمي إليه. إن الاعتراف بهذا الواقع أمر بالغ الأهمية في تشخيص حالة بيروت".
وأردفت: "تؤثر قلة تقديم الخدمات الأساسية على جميع فئات المجتمع، ولا سيما الشرائح الضعيفة من سكان بيروت الذين يعانون من عدم المساواة المنهجي في الوصول إلى الخدمات، كما لديهم النسب الأقل من الموارد المالية وشبكات الأمان الاجتماعي لتعويض هذه الفجوات الاجتماعية. وهذا يشمل العديد من النساء، والشباب، والمعوقين، واللاجئين، والمهاجرين العاملين، والرجال اللبنانيين ذوي المهارات المنخفضة أو غير المهرة. هذه ليست سوى عينة موجزة من التحليل الثري الذي تم انجازه بواسطة ملف المدينة والذي يقدم بشكل خاص تحليلا هاما لقدرات الحوكمة البنيوية على استيعاب الصدمات، ويقترح كيفية تعزيزها لمساعدة المدينة على التعافي والتحول من الوضع الحالي الهش نحو مدينة تكون أكثر مرونة واحتواء لكافة الاطياف والفئات المجتمعية".
وقالت: "يوجه التقرير أيضا عملية التعافي على المدى الطويل لبيروت. ولتلك الغاية، تم طرح مجموعة من المبادىء التوجيهية بناء على التشخيص الميداني. تدعم هذه المبادىء عبر المدى القصير والمتوسط تفعيل الأولويات التي تم تحديدها مع منظمات الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي من خلال إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF) من خلال منظور يرتكز الى الحيز المكاني. على وجه التحديد، تقارب المبادىء المسار الأول الخاص بالتعافي الاجتماعي والاقتصادي الذي يلبي الاحتياجات العاجلة للفئات السكانية الأكثر هشاشة والشركات المتضررة من الانفجار. وهذه المبادىء يمكن أيضا ان توجه جهود المسار الثاني المتعلقة بعملية الإصلاح وإعادة الإعمار، مع التركيز على الإصلاحات الحاسمة لمعالجة الحوكمة الادارية والتعافي. كما يتم في التقرير تحديد الجهود الطويلة المدى للتعافي الحضري على مستوى المدينة وعلى المستوى الوطني - مع مراعاة اجراءات السياسات والإصلاح والتخطيط".
أضافت: "يعتبر لبنان من أكثر البلدان تحضرا في كل من العالم والمنطقة العربية، حيث يعيش ما يقارب 90 في المائة من سكانه في المدن، بما في ذلك غالبية اللاجئين المقيمين. يقيم معظم سكان لبنان على طول المدن الساحلية الرئيسية - في طرابلس وبيروت وصيدا وصور. إن الانتعاش الحضري الشامل والمتعدد القطاعات والمتشابك والمستدام لبيروت وجميع المدن في لبنان، سيلعب دورا مهما في في مستقبل تعافي البلد".
وختمت: "آمل أن يوفر ملف مدينة بيروت للحكومة اللبنانية، وكذلك لجميع أصحاب المصلحة، قاعدة أدلة مطلوبة بشدة وبإستحقاق، والتي يمكن على أساسها تصميم التدخلات المستقبلية بناء على الفوائد التي يمكن أن يقدمها التحضر الجيد والمستدام".
الرئيس دياب
ثم قال الرئيس دياب: "نلتقي اليوم احتفاء بإنجاز برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ألا وهو التقرير المعنون ملف مدينة بيروت 2021. إسمحوا لي بداية أن أقول إن الحكومة اللبنانية قد لجأت، في سياق متسم بالأزمات المتعددة الأوجه التي هزت بلدنا، إلى المنظمات الدولية والدول الصديقة طلبا للمساعدة. والواقع أن منظمة الأمم المتحدة كانت سريعة الاستجابة لنداءاتنا المختلفة. فالثقة الكاملة والمتبادلة تقع في صلب العلاقة الوثيقة القائمة بين الأمم المتحدة ولبنان الذي يعد أحد مؤسسي الأمم المتحدة ولاعبا رئيسيا في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
أضاف: "في الواقع، تتجسد هذه الثقة في جميع مجالات أنشطة الوكالات الأممية، سواء في الجنوب للحفاظ على السلم والأمن الدوليين أو في جميع أنحاء لبنان لتعزيز التنمية والتعافي. في خطوة أخرى على مسار التعافي الشاق والطويل، أنتج برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية التقرير المعنون ملف مدينة بيروت الذي يسعدني الاحتفال بإطلاقه، تماما كما كنا ممتنين لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF) الذي شكل استجابة متعددة الأطراف من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لتلبية احتياجات اللبنانيين في أعقاب انفجار مرفأ بيروت".
وتابع: "في هذا الصدد، أود أن أستبق وأقول إنه في حين أننا نسعد لمساهمة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية هذه، إلا أنه لا ينبغي اعتبار الاستنتاجات التي خلص إليها تقرير ملف مدينة بيروت وكذلك إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، عناصر متباينة ومتضاربة، بل وعلى غرار الحقوق المدنية والسياسية من جهة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى، أعتقد أن هذه الاستنتاجات غير قابلة للتجزئة وتكمل بعضها البعض".
وأردف: "في هذا التقرير، تصور بيروت على أنها "عاصمة في حالة أزمة ... بدلا من اعتبارها تواجه أزمات متعددة". إن وضع بيروت المحفوف بالمخاطر لا يعزى فقط إلى الصدمات الأخيرة التي أثرت بشدة على سبل عيش اللبنانيين ولكن أيضا إلى الحواجز الهيكلية المتجذرة منذ وقت طويل، والتي ظهرت على نطاق المدينة وخارج الأحياء المحيطة التي تضررت تماديا من الانفجار. من هنا، لا عجب أن يركز تقرير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية على بيروت بحد ذاتها، وبالنظر إلى أن الغالبية العظمى من اللبنانيين يقيمون في المدن وفي المقام الأول في العاصمة التي يعتبر مرفأها القلب النابض لكل لبنان. وعليه، وبناء على تعريف برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN-Habitat، إن المنطقة الحاوية لبيروت ومحيطها المبني، موضوع الدراسة، تضم 31 بلدية تفتقر إلى البيانات الدقيقة والمحدثة والعابرة للقطاعات والمفصلة".
وقال: "كما يرد في الدراسة، فإنه بدون فهم شامل وتشخيص للحالة الراهنة في تلك المنطقة، لا يمكن أن تكون هناك معالجة فعالة على أساس مقاربة شاملة وتخصيص المساعدات لتحسين نوعية وكمية خدمات البلديات المعنية. وإنني أتطلع إلى رؤية كيف يمكن السلطات الوطنية والمحلية والمنظمات الدولية والمجتمعية استخدام التحليل الشامل الذي يقدمه هذا التقرير بهدف توجيه مسار التعافي على نطاق المدينة والذي قد ينسحب بعد ذلك على أجزاء أخرى من لبنان".
أضاف: "في الواقع، ومنذ عام 2010، تعمل وحدة إدارة مخاطر الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء على زيادة مرونة لبنان وليس فقط بيروت في مواجهة الكوارث حيث أصبحت هذه الأولوية الآن أكثر إلحاحا. وفي نطاق عملها، تقوم الوحدة بدمج الحد من مخاطر الكوارث في الاستراتيجيات والسياسات وخطط العمل. إن دعم أنشطة إدارة مخاطر الكوارث يساعد بالتأكيد في تعزيز قدرة البلاد على مواجهة مخاطر الكوارث المعرضة لها. إذ يصور التقرير بدقة، الظروف غير المستقرة السائدة في بيروت، لاحظت أنه ينطوي على "بعض المؤشرات التي تدعو إلى القلق لما ستحمله المرحلة المقبلة" في حال لم يتم التعامل مع هذه الظروف على النحو الواجب وفي الوقت المناسب، وأقتبس: "زيادة التوترات بين الجماعات في بيروت على طول خطوط الصدع الاجتماعية والعرقية والجنسية والدينية، وجرائم الجوع، ومشاكل الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد، والانقسامات الموجودة مسبقا، والبؤر ذات الكثافة السكانية العالية، والاكتظاظ وسوء الخدمات".
وتابع: "في حين أنني لا أستهين بالهواجس الواردة في تقرير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في هذا الصدد، إلا أنني أود، من باب توخي الوضوح، أن أبدي الملاحظات التالية:
1- لقد تألفت حكومتي من وزراء تكنوقراط في أعقاب انتفاضة تشرين الأول 2019 واستجابة لصيحات الشعب اللبناني. لقد بدأنا عملية الإصلاح على أساس خطة رئيسية للتعافي المالي والاقتصادي والاجتماعي والإصلاحات الهيكلية التي اعترف المجتمع الدولي بمزاياها. غير أن انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 شكل نقطة تحول في عمر الحكومة، حيث أنني تقدمت باستقالة حكومتي لتشكيل حكومة تحظى بتأييد أوسع مروحة من القوى السياسية.
2- اليوم، قد أصبح جليا أن مهمتنا لم تقتصر على الأزمات غير المسبوقة والمتزامنة والمتعاقبة، بل تضمنت أيضا إرثا مثقلا بسوء الإدارة والمشاكل التي طال أمدها.
3- في جميع الديمقراطيات، تعد الاختلافات المفاهيمية أمرا طبيعيا في مجتمع نابض بالحياة ومتنوع. ومع ذلك، فإنها تصير أكبر وأكثر بروزا في ظل ظروف شاقة. وعلى الرغم من واقع الحال، إلا أنني على يقين أن اللبنانيين قادرون على تجاوز الخلافات وترسيخ التفاهم. إن الخلافات اللبنانية غير عصية على الحل، غير أنه يتم استغلالها، مع الأسف، لتحقيق مآرب سياسية. وأنا أتفق تماما مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية حول أن "الفترة التي أعقبت انتفاضة تشرين الأول 2019 والتضامن الذي تظهر بعد انفجار 4 آب يظهران كيف أن الناس اجتمعوا لمواجهة الصعوبات الشديدة. وكم كانت مثيرة للاعجاب قدرة المتطوعين على التعبئة والعمل على الأرض في أعقاب الانفجار مباشرة". علاوة على ذلك، أنا مقتنع بأن هذه الظروف شكلت قوة دفع تكشفت من خلالها روح الوحدة لدى الشعب اللبناني.
4- في حياتي الأكاديمية والعامة، اعتمدت مبدأين إرشاديين هما الشفافية والمساءلة. ولدي اعتقاد راسخ بأنهما يشكلان الطريق الثابت نحو تعافي لبنان. ولتسريع مسار التعافي، أكرر الدعوة إلى السياسيين اللبنانيين لوقف الخلافات وتشكيل حكومة جامعة على وجه السرعة ومواصلة الإصلاحات التي بدأتها حكومتي".
وختم: "أخيرا، أود أن أعرب عن تقديري العميق لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية على كل الجهود التي بذلت لإعداد هذا التقرير، آملا أن تتم مشاركة الوقائع التي تضمنها مع جميع الجهات المعنية وأن يعمل على تطبيق توصياته. كما يسعدني الإشارة إلى العناية الواجبة التي أولاها تقرير التراث الثقافي الغني لمدينة بيروت وهويتها، والذي يمتد على مدى أكثر من 5000 عام. إن هذه الخلفية الغنية هي سبب للانبعاث. في الواقع، إن قدر لبنان هو التغلب على كل الصدمات والمخاطر فيما تبحر مدنه المهيبة في رحلة طويلة عبر التاريخ".
علي
وقال الممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في الدول العربية: "شكرا جزيلا لانضمامكم إلينا اليوم، حيث أطلقنا هذا التقرير الجديد الغني بالمعلومات عن مدينة بيروت. نحن في غاية الامتنان لحضور دولة الرئيس الدكتور حسان دياب اليوم وكذلك حضور الوزراء والدكتورة نجاة رشدي. شكرا لكم على تخصيص الوقت وعلى ملاحظاتكم القيمة. نظرا لأننا أصبحنا على اطلاع بالأهداف والنتائج والتوصيات الرئيسية التي قدمها ملف تعريف مدينة بيروت - وناقشنا معا أهميته كأداة - يتطلع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية إلى متابعة كيف يمكن أن يساهم في تعزيز التحول المرن الذي يشمل الفئات الاجتماعية المختلفة نحو التعافي الحضري والتنمية على المدى الطويل".
أضاف: "إن التشخيص الذي يتم تقديمه في التقرير، والذي عرضته إيدا، يبرز عدة نقاط أساسية كما انه يشمل مدينة بيروت الكبرى، ويضم 31 بلدية. من خلال الاستناد على المنطقة المبنية المتواصلة يؤكد هذا التقرير أن معظم القضايا التي تواجه مدينة بيروت - والترابط بين الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية التي تتجلى من خلالها - هي على نطاق يمتد إلى ما هو أبعد بكثير من المناطق المركزية للمدينة والحدود الإدارية لبلدية بيروت. الاعتراف بهذه الحقيقة أمر بالغ الأهمية في تشخيص حالة مدينة بيروت".
وتابع: "يقدم التقرير تحليلا هاما لقدرات الإدارة الحضرية على استيعاب الصدمات ويقترح كيف يمكن تعزيزها لمساعدة المدينة على الارتداد والتحول من الحالة الهشة الحالية إلى مدينة مرنة وشامل للفئات الاجتماعية المختلفة. لا يمكن تقديم ومناقشة جميع جوانب هذا العمل المهم خلال ندوة قصيرة. ومع ذلك، نأمل أن يكون هذا الحدث بمثابة بداية لسلسلة من الأنشطة أو الاجتماعات التشاورية الاكثر تفصيلا وتفاعلية، والتي ستتيح الفرصة للتعمق أكثر في ملف مدينة بيروت والسماح بوضع مسار ملموس للمضي قدما في تنفيد التوصيات وجعلهم قيد التطبيق. إن إشراك الجهات الحكومية الوطنية والادارات المحلية وأصحاب المصلحة الآخرين ذوي الصلة في هذه العملية أمر بالغ الأهمية".
وختم: "على الصعيد الإقليمي، يتمتع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بخبرة واسعة في قيادة جهود التعافي الحضري المتعددة القطاعات والقائمة على الأدلة. لقد كنا نشطين للغاية في هذا المضمار في سوريا والعراق، وكذلك في مسارات التنمية الحضرية في المملكة العربية السعودية ومصر على سبيل المثال. إن الدروس التي تعلمناها والأدوات الفعالة والمتينة التي طورناها في هذه البيئات المختلفة - إلى جانب الخبرة الحالية والشراكات الوثيقة التي طورناها في لبنان - تضع أعمال برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في طليعة هذه الجهود في لبنان أيضا. أود أن أشكر مشاركتكم خبراتكم والمستمرة خلال المراحل المختلفة لجهود التعافي الحضري التي نقوم بها في بيروت، مع مجموعة واسعة من الشركاء، وأشكر الحكومة اللبنانية وكافة البلديات على مشاركتنا في هذا النهج".
البرنامج
وذكر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان في بيان، بأنه "أعقاب انفجار مرفأ بيروت، انتهى مؤخرا من إعداد تقرير شامل بعنوان ملف مدينة بيروت، يقدم تحليلا مكانيا هاما ومتعدد القطاعات حول مدينة بيروت، بما في ذلك تشخيص لمروحة التحديات التي واجهتها المدينة على مدى العقود الماضية، بما في ذلك الصدمة الأخيرة والمدمرة التي تمثلت بانفجار مرفأ بيروت. ويهدف الملف إلى المساعدة في بلورة فهم مشترك للصدمات ونقاط الضعف العديدة الي تعانيها جميع أنحاء المدينة. ويكتسي النهج المتعدد المستويات أهمية قصوى لجهة قدرة المدينة على الاستجابة والتعافي، بغية الربط بين الحاجات المحلية والنظم الحضرية، فضلا عن خلق بيئة مواتية لوضع السياسات والأنظمة الوطنية موضع التنفيذ. كما يسلط التحليل الضوء على قدرات كل من الأنظمة الحالية وهياكل الحوكمة على امتصاص الصدمات ويقدم اقتراحات من شأنها تعزيز هذه الأنظمة والهياكل لمساعدة المدينة على التعافي والانتقال من حالة الهشاشة الحالية التي تعانيها إلى مدينة تتمتع بالقدرة على الصمود وشاملة للجميع".