تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
جورج عيسى - النهار
على الرغم من أنّ العالم يتغلّب تدريجيّاً وببطء على #جائحة "#كوفيد-19" – علماً أنّه لا يمكن الجزم بالانتصار في المواجهة قبل تلقيح ما لا يقل عن 70% من سكان العالم – يبقى أنّ ما تشهده البشرية، مجرد معركة في حرب طويلة.
هذا ما يشدد عليه الخبراء، ومن بينهم مدير مركز أبحاث علم الفيروسات في "معهد مورغريدج للأبحاث" – ويسكونسن، الدكتور بول آلكويست. بحسب ما كتبه آلكويست في صحيفة "ذا هيل" الأميركية، إنّ تسارع ظهور الفيروسات المميتة أصبح مشكلة طارئة بشكل متزايد على البشرية، مع توغلها في المسكن الطبيعي للحيوانات التي تعد المصدر الأساسي للتفشي.
في القرن الذي أعقب انتشار الإنفلونزا الإسبانية سنة 1918، تسارعت وتيرة بروز وتفشي الفيروسات بشكل تصاعدي. في الثمانينات، انتشر فيروس نقص المناعة المكتسب "أيدز"، ثمّ متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد "سارس" في آسيا (2003) ثمّ متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) بعد تسع سنوات. وتصدّر تفشي فيروسات "إيبولا" و"زيكا" عناوين الأخبار المرعبة خلال العقد الماضي.
وفقاً لآلكويست، يجب المسارعة إلى تخصيص الموارد المناسبة للأولويات مثل الأبحاث الحيوية وتوسيع البنية التحتية للصحة العامة. لقد قتل فيروس "#كورونا" من الأميركيين ما قتلته الحربان الأولى والثانية وحربا #كوريا و#فيتنام معاً.
من المقدّر أن يكبّد الفيروس الاقتصاد الأميركي نحو 16 تريليون دولار. كلفت حربا العراق وأفغانستان الأميركيين نحو 6.4 تريليونات دولار. وما ينفقه الأميركيون على مكافحة الفيروسات متواضع للغاية.
تنفق #الولايات المتحدة على الموازنة الدفاعية 700 مليار دولار سنوياً، أي أكثر ممّا تنفقه #الصين و#روسيا و#المملكة المتحدة و#ألمانيا معاً. بالمقابل، لا يتلقى المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، وهو المموّل الأساسي لأبحاث المناعة والفيروسات والبكتيريا، سوى موازنة تقل عن 6 مليارات دولار. يساوي ذلك أقل من 1% من الإنفاق الدفاعي.
ثمة حاجة ماسة إلى المزيد من الاستثمارات في الطب والصحة العامة لأنها قد تغيّر قواعد اللعبة في الحماية من الأوبئة. إن التقدم الهائل في علم الفيروسات وفهم فيروسات "ميرس" و"سارس" أعطيا البشرية نقطة انطلاق قيّمة في مكافحة "كورونا".
من المنافع الأخرى التي ستؤمّنها الأبحاث توسيع اكتشاف كيفية تكاثر الفيروسات ومهاجمة مضيفاتها. بطريقة مشابهة لكيفية عمل العديد من المضادات الحيوية ضد أنواع عدة من البكتيريا، يمكن أن تكون هذه الميزات المشتركة مساعدة لتطوير لقاحات وأدوية تثبط لا فيروساً واحداً بل مجموعة من الفيروسات. بسبب النقص في هذه الإمكانات، ذهب العالم إلى إغلاق عام بينما عانى العلماء والأطباء لتوليد وتسليم لقاحات محددة ضد "كورونا".
إن ابتكار أدوات واسعة لمكافحة الفيروسات مهم للغاية بما أن البشرية لا تستطيع توقع نوع الفيروس الذي سيتسبب بالجائحة التالية. إنّ أخطر الفيروسات الممرِضة التي برزت خلال القرن الماضي انتمت إلى سلالات مختلفة وكانت تعد غير مؤذية للإنسان.
يشرح آلكويست أنّ هنالك حاجة ماسة لتنسيق الجهود كما حصل إبان "السباق إلى الفضاء" في الستينات. وذلك يفترض تعزيز التعليم الصحي وتطوير البنية التحتية الأساسية لتوفير اللقاحات والأدوية إلى الجمهور. إنّ تخطي "كوفيد-19" يجب أن يبقى الأولوية المباشرة للعالم، لكن ينبغي أيضاً فهم أنه جرس إنذار لمعالجة واحد من أعظم الأخطار المستمرة للصحة البشرية والاقتصاد والأمن القومي.