تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
لا نعرفُ لماذا يلاحقنا النحسُ في كلِّ شيءٍ هذهِ الأيامِ؟
كوارثنا الاقتصاديةُ تتنامى، الانهيارُ يتعمَّقُ، والفشلُ السياسيُّ يتفاقمُ،
كلُّ هذا صرنا نفهمهُ.
في العالمِ، هناكَ دولٌ منَعت تنظيمَ الانتخاباتِ السوريةِ في السفاراتِ لديها، ودولٌ أخرى سمحتْ بها.
ولكن، لم يحدث في أيِّ مكانٍ ما جرى عندنا: "بوسطاتٌ" وعَراضاتٌ جماعيةٌ غيرُ مسبوقةٍ، بالأعلامِ والصُّوَرِ والشعاراتِ،
واستفزازاتٌ من هنا وهناك، تحوَّلتْ والحمدُ للهِ الى تكسيرِ بعضِ البوسطاتِ.
وللتذكيرِ، قصتنا نحنُ المخضرمينَ حزينةٌ مع "البوسطاتِ"، بدءاً من "بوسطة" عين الرمانة المشؤومةِ. "تنذكر وما تنعاد" بإذنِ اللهِ.
***
والآنَ، بعدما مرَّ "القطوعُ"، نجلسُ ونتأملُ ونستنتجُ المغزى السياسيَّ العميقَ مما جرى، وهو واضحٌ لا يتحمّلُ التأويلَ.
"البوسطاتُ" التي مرّت في بعض المناطقِ لم تواجه أيَّ إشكالٍ. وأما تلكَ التي مرّت في المناطقِ الأخرى، فحصل معها التكسيرُ .
وهذه المناطقُ، في الغالبِ، ذاتُ غالبيةٍ مسيحيةٍ، وفي منطقِ أهلها أنهم دفعوا غالياً، لسنواتٍ طوالٍ، ثمنَ انتهاءِ الوصاياتِ، ولا يَهُونُ عليهم، بعدَ 16 عاماً، أن يتعرضوا للاستفزازِ مجدداً في قلبِ مناطقهم وأحيائهم.
إذاً، في العمقِ، تُصبحُ الأزماتُ الأخرى السياسيةُ والاقتصاديةُ والماليةُ مجرَّدَ تفاصيلٍ. وما قيمةُ التوافقِ على المسائلِ التفصيليةِ إذا كانَ الخلافُ عميقاً حولَ الجوهرِ؟
إذاً، أليسَ الأفضلُ أن نوقفَ "التكاذبَ الوطنيَّ" ويقولُ كلٌّ منكم، وليس منا نحنُ الشعبُ الحضاريُّ: ماذا تريدون، وأيَّ لبنانَ تريدون، وماذا تخبِّئونَ من مشاريعَ و"أجنداتٍ"؟
***
إذ ما نخشاهُ، نحنُ المؤمنينَ بلبنانَ سويسرا الشرق ان تكونَ صيغةُ التعايشِ الفريدةِ قد انتهتْ، وأن أحداً في العالمِ لم يحرِّك ساكناً تجاهَ كلِّ ما يحصلُ.
وما نخشاهُ هو المؤامرةُ وما يفعلهُ الغربُ ليبقى النازحونَ عندنا، فلا يجتازون الحدودَ أو يركبون البحرَ نحوهم،
بينَ نازحينَ ولاجئين، بأعدادٍ تقاربُ المليونَ ونصفَ المليونِ، ومعهم نحو 400 ألف نازحٍ فلسطينيٍّ، لهم الحقُ بالعودةِ، لكن لا يريدُ احدٌ اعادتهم الى ديارهم.
وهل ننسى مئاتِ الملايينِ من الدولاراتِ التي أُقرَّتْ في المؤتمراتِ الدوليةِ من اجلِ النازحينَ، ذهبت بسرعةِ البرقِ الى جيوبِ الفاسدينَ.
***
البلدُ يتحلَّلُ، وهو مهدَّدٌ بالتفتتِ السياسيَّ وحتى الأمنيَّ. ونسمعُ في بعضِ المطابخِ الدوليةِ كلاماً خطيراً عن تداعياتِ سقوطِ الدولةِ والمؤسساتِ.
وفي هذهِ الحالِ، أيُّ قوةٍ ستكونُ للنازحينَ؟ ولمصلحةِ مَن؟ وماذا سيبقى حينذاكَ من لبنان الذي كنا نعرفهُ؟
وهل تبقى فرصةٌ لإنجاحِ مبادرةِ بكركي بالتدويلِ، من أجلِ صيغةِ لبنانَ الفريدةِ وإيجادِ حلٍّ مُشرِّفٍ لمأزقِ التعايشِ وايُّ دولةٍ غربيةٍ او خليجيةٍ او عربيةٍ التزمت بالردِ؟
***
فقط فلنتذكرْ أن كلَّ ما وصلنا إليهِ من افلاسِ الدولةِ حتى فرضِ سياساتكم التي تَبعُدُ كلَّ البعدِ عن إبقاءِ لبنانَ "جوهرةَ الشرقِ".