تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أجرت «الثائر» حواراً مع النائب الكندي من أصل لبناني، وعضو لجنة التجارة الدولية في البرلمان الكندي الأستاذ زياد ابو لطيف واستطلعت رأيه حول عدة قضايا تهم لبنان والمنطقة.
أجرى الحوار رئيس تحرير الثائر " اكرم كمال سريوي ".
استاذ زياد ! يسرّنا أن نستضيفكم في موقع «الثائر» للحوار معكم حول القضايا الساخنة في لبنان والشرق الأوسط ، والاطلاع منكم على الدور الكندي، والتعرف أكثر على دور الجالية اللبنانية في كندا ، وآفاق التعاون وتطوير العلاقات بين البلدين .
١- بداية نريد سؤالك عن الجالية اللبنانيية في كندا . هل ما زال الكنديون من أصل لبناني يهتمون بلبنان ؟ وإلى إي مدى تؤثر الانقسامات اللبنانية الداخلية عليهم؟
يزيد عدد الكنديين من أصل لبناني هنا على ٣٠٠ الف شخص، يتوزعون بين كل المقاطعات الكندية مع أكثرية ملحوظة في كيبك، واونتاريو والبرتا. ورغم أن قسماً كبيراً منهم ولد في كندا لكن ما زالوا يحملون في قلوبهم حب لبنان.
في الفترة الماضية تأثر بعضهم بالأحداث اللبنانية، وكان هناك نشاط لجماعات تؤيد أحزاب لبنانية مختلفة، لكن في الفترة الأخيرة تراجعت النشاطات الحزبية لصالح النشاط الاجتماعي ، ويمكنني القول أنه لا يوجد انقسامات داخل الجالية إنما بعض التباينات الطبيعية في الرأي.
الجالية اللبنانية ناشطة جداً في كندا والآن يوجد ثلاث نواب من أصل لبناني في البرلمان الفيدرالي الكندي، ونحن نتعاون مع الجميع ونسعى لمساعدة لبنان على أكثر من صعيد، لكننا ننطلق من مبدأ أساسي : أن كندا هي وطن لنا وليست فندقاً ننزل فيه، ونتعاطى ونعمل بهذه الروحية ،دون أن ننسى جذورنا وأهلنا في لبنان.
٢- ما هي أبرز اتجاهات السياسة الخارجية الكندية نحو الدول العربية الشرق اوسطية ونحو لبنان بشكل خاص؟
ترتكز السياسة الخارجية الكندية على الاعتدال، وهناك تعاطف كبير مع لبنان، لكن كندا غير منخرطة كباقي الدول
الكبرى في النزاعات الدولية، خاصة في الشرق الأوسط ،وهذا لا يعني أنها غائبة عن المسرح ، فهي تساهم بشكل فعّال في القضايا الإنسانية والاجتماعية، ويوجد خطة دعم للشرق الأوسط بقيمة 1,9 مليار دولار، تشمل العراق، واليمن، وسوريا، ولبنان، وتُركّز على دعم قطاعي التعليم والصحة ودعم اللاجئين.
ولقد قدمت كندا للبنان مساعدات جيدة، وفي عام ٢٠١٧ وصلت إلى حوالي ٢٩٠ مليون دولار، تم تخصيص ٥٥ مليون منها إلى الجيش اللبناني، ثم رُفع المبلغ إلى ٩٧ مليون لتجهيز الجيش بمعدات حديثة وتجهيزات لفوج الاستطلاع ومراقبة الحدود في سبيل مكافحة الإرهاب .
٣- لقد وقّع لبنان وكندا عدة اتفاقات تجارية وثقافية وكان التبادل التجاري بينهما ممتازاً عام ٢٠١٨ قبل أن يتراجع بسبب جائحة كورونا . هل هناك من إمكانية لإعادة تفعيل هذه العلاقات ؟
إن وجود عدد كبير من أصل لبناني في كندا يفرض نفسه على العلاقات في شتى المجالات ، ولقد كانت في الفترة السابقة العلاقات التجارية ممتازة، ومن الناحية الرسمية هناك اتفاقات تعاون تجاري تسهّل هذا التبادل، لكن كما
تعلمون فإن هذا الأمر يرتبط إلى حد كبير بنشاط القطاع الخاص أمّا التراجع اليوم هو بسبب ظروف انتشار ومخاطر وباء كورونا بالدرجة الأولى، ومن الطبيعي أن يعود النشاط إلى هذا القطاع فور زوال الموانع التي فرضتها القيود الصحية .
٤- لقد كان هناك اتفاق حول انشاء خط نقل مباشر للطيران الكندي بين لبنان وكندا منذ عام ٢٠٠٣ . ما هي أسباب عدم تنفيذ هذا الاتفاق ؟ وهل هناك من أمل بتنفيذه في المستقبل القريب ؟
نعم لقد تم توقيع اتفاق في هذا المجال ، لكنه توقف تنفيذه لأسباب أمنية ، فكندا ترتبط باتفاقات أمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول وهناك حذر أمريكي من رحلات الطيران القادمة من بعض الدول، خاصة بعد أحداث ١١ أيلول، ولهذا السبب لم يتم تفعيل الاتفاق الموقّع مع لبنان. لقد تم بحث هذا الأمر عام ٢٠١٦ ولا يزال العمل جارياً لإيجاد اتفاقهما هذا الموضوع ، مع يقيني بوجود صعوبات في الوقت الراهن.
٥- يوجد عدد من الشخصيات البارزة في البرلمان الكندي ومواقع مسؤولية أُخرى، وهم من أصل لبناني ،وحضرتك من بين هؤلا الأشخاص المميزين.
ما هو الدور الذي تقومون به لتحسين العلاقات بين البلدين ؟ وهل هناك من تنسيق وتواصل دائم بينكم ؟
كندا من أكثر الدول تقدماً في العالم خاصة في المجال الديمقراطي وحقوق الإنسان، ورغم وجود عدد كبير من الإثنيات لكن الجميع يتعايشون كشعب واحد بصورة حضارية، ولقد أتاح هذا النظام المتطور الفرصة للعديد من الكفاءات للوصول إلى مراكز قيادية،
وأنا أعمل مع عدد كبير من الأصدقاء من بينهم النائب فيصل الخوري الذي هو من الحزب الحاكم اليوم ، وأنا من الحزب المعارض، لكن ذلك لم يمنع تعاوننا ولقد أنجزنا الكثير من الأمور خاصة للبنان، وتم تأسيس لجنة صداقة لبنانية كندية تضم الآن ١٢١ نائباً في البرلمان، ويوجد من بينهم العديد من الوزراء في الحكومة الحالية ، وهذا يُظهر بوضوح حجم التعاطف الكندي مع لبنان .
لقد سمح لنا هذا الوضع بعد حصول الانفجار في مرفأ بيروت، بتمرير قرار في غضون ٧٢ ساعة لتقديم مساعدة للبنان بقيمة ٣٣ مليون دولار. هذا المشروع حصل على موافقة كل الأحزاب الكندية دون استثناء، وقد تم تنفيذ العديد من المشاريع المتعلقة بالقرار بالتعاون مع الجمعيات الموثوقة، وبإشراف السفارة الكندية في لبنان .
٦- في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان هناك إقبال كبير من قبل الشباب اللبناني على طلبات الهجرة إلى عدة دول من بينها كندا. هل هناك من تسهيلات كندية للراغبين بالهجرة إلى كندا ؟ وماذا تقول للشباب في لبنان؟
لقد حدثت طفرة الهجرة من لبنان إلى كندا أيام الحرب الأهلية ، خاصة عام ١٩٨٩ ومع الأسف هي تتكرر الآن بسبب الظروف الاقتصادية التي يعاني منها لبنان . لا يوجد تسهيلات كبيرة تُقدّمها كندا اليوم في هذا المجال، لكن تتم معالجة بعض طلبات الهجرة وفقاً لحاجات السوق الكندي والخطط المرسومة. عادة يتم اختيار الأشخاص الذين يجيدون بطلاقة اللغة الأنكليزية أو الفرنسية، والأوفر حظاً هم من بين المتخصصين في مجالات معينة، كما هناك تسهيلات تُعطى للطلاب، وذوي الاختصاص والدراسات العليا، وهذا طبعاً لا يصبّ في مصلحة لبنان الذي يخسر الكفاءات والطاقة الشبابية المنتجة .
ولهذا السبب أقول للشباب اللبناني : أن أسلافكم الذين حكموا لبنان لم ينجحوا في بناء دولة عصرية، وسياساتهم الخاطئة أوصلتكم اليوم إلى هذه الأزمة ، لذلك لا بد لكم من التفكير بإحداث تغيير حقيقي والسعي إلى بناء دولة علمانية، دولة يتقدم فيها الحس الوطني على التعصب الديني والمذهبي، ويكون التركيز على تطبيق القوانين ومبدأي العدالة والمساواة، لحفظ كرامة وحقوق الانسان، أياً تكن طائفته أو مذهبه، فهذه النِزاعات والتفرقة المذهبية دمرت لبنان على مر عقود من الزمن .
٧- من موقعك كنائب في البرلمان الكندي وخبير في شؤون منطقة الشرق الأوسط . كيف ترى الوضع العام ؟ وما هي فرص السلام في المرحلة القادمة ؟ وهل هناك من دور كندي في هذا المجال؟
لقد مرت منطقة الشرق الأوسط بمرحلة صعبة من الحروب والنزاعات، من العراق إلى سوريا واليمن وصولاً إلى ليبيا . اعتقد أن الأمور اليوم بدأت تسير نحو التهدئة، وهناك محاولات ومفاوضات دولية منها ما هو علني ومنها ما هو في السر، لكن يبدو أن المسار التفاوضي سيُنتج بعض الحلول، قد يعود اليمن إلى شمال وجنوب، وهناك حديث عن رسم حدود جديدة وفيدراليات عرقية ، وهذا مسار طويل، أما بالنسبة للبنان فهو طبعاً ليس على قائمة أولويات الدول الكبرى، فهناك مواضيع ومناطق أكثر أهمية، خاصة في المحيط الهادئ وشرق آسيا، والتنافس الاقتصادي، ومواجهة تأثيرات الوباء على اقتصاديات كافة الدول .
لكن بالرغم من ذلك وكل ما حصل قد يكون هناك فرصة حقيقية للسلام، خاصة في الموضوع الفلسطيني، فالرأي العام العالمي يراقب هذه المسألة الرئيسية ، ويرغب بالسلام، وهذا ممكن لأنه لا حل إِلَّا بالسلام، واستمرار النزاع لا يؤدي سوى إلى مزيد من المآسي.
٨- يمر لبنان بأزمة اقتصادية صعبة في ظل خلافات سياسية حادة وتجاذبات دولية حوله. كيف تنظرون إلى الواقع اللبناني ؟ وهل يمكن أن يكون هناك دور كندي للمساهمة في انقاذ لبنان؟
أقول للبنانيين وبكل صدق «لبنان مش خاطر على بال حدا» وإذا أراد اللبنانيون الاتفاق وانقاذ بلدهم فلن يمنعهم أحد، ولا وجود لأي مؤامرة دولية على لبنان .
لذا على المسؤولين اللبنانيين الاتفاق وإيجاد الحلول، وعليهم أن يستفيدوا من تجارب الماضي، وعدم زج البلد في صراعات المنطقة، ولا في صراعات طائفية وسياسية داخلية لا طائل منها تزيد تعميق الأزمة . وضع لبنان اليوم لا يحتمل المزيد من الخلافات والمناكفات، التي لا قيمة لها ، هذا إذا كانوا يتطلعون إلى المصلحة الوطنية العليا، وانقاذ الشعب من حالة البؤس التي وصل إليها .
أما بالنسبة للدور الكندي، كندا تقف دائماً إلى جانب لبنان، والدعم الكندي للبنان يتوزع على مرحلتين: آنية ، ومستقبلية، وكذلك على مستويين سياسي وتنموي فلبنان مهم لكندا كما هي كندا مهمة للبنان .