تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
الأكثرُ إيلاماً في فيلم "التايتانيك": وحشٌ ثريٌّ يدفعُ النساءَ والأطفالَ. يقفزُ إلى مركبِ الإنقاذِ، ويحجزُ مكاناً لرأسهِ…
عندهُ، لا قيمةَ لصراخِ النساءِ وتضرّعاتِ الشيوخِ، ولا لتوسُّلاتِ الأطفالِ ودموعهم…
المهمُّ أن ينجو هذا الوحشُ… بكاملِ قذارتهِ التي لا يغسلها المحيطُ... وكامل ثروتهِ التي لا تُحرقها النيرانُ.
***
المشهدُ ذكَّرنا بهِ كلامُ وزيرِ خارجيةِ أمِّنا الحنون، جان إيف لودريان، الذي قال لـ"الفيغارو"، وبطريقةٍ دراميةٍ:
"لبنانُ "تايتانيك"، بلا أوركسترا. واللبنانيونَ يَغرقونْ، ولا توجدُ حتى الموسيقى"!
وللتذكيرِ، منذ عامين، لم يتوقف لودريان عن التنبؤِ بـ"لبنان- التايتانيك". وبعد كارثةِ المرفأ قالها مراراً: "أنتم ذاهبونَ إلى التحلُّلِ والاضمحلالِ". ولكن، لا حياةَ لمن تُنادي.
***
فقط، يكفي جان إيف لودريان أن يسمعَ ما يفعلهُ المُمْسكونَ بالسلطةِ من أخطاءٍ وخطايا.
فقط، يكفيهِ أن ينظرَ إليهم وهم يدفعونَ الشعبَ إلى الفناءِ، فيما هم يَضْمَنونَ النجاةَ والخيراتِ، لأنفسهم وذريّتهم ومحاسيبهم.
***
على دماءِ 200 ضحيةٍ، وأوجاعِ وإعاقاتِ 5000 مصابٍ، وذلِّ آلافِ المواطنين الذين صاروا في العراءِ والتشرُّدِ… وجدَ المعنيونَ وقتاً لتبادلِ التُهَمِ في ملفِ المرفأ.
باخرةُ الموتِ جاءت عام 2013، وشحنةُ الموتِ عاشت سنواتٍ برعايةِ الجميعِ في خاصرةِ الأشرفية التي معظمُ اهاليها من الطائفةِ المسيحيةِ الكريمةِ، ولم يسأل عنها أحدٌ..
ولكن، عندما وقعتِ الواقعةُ في 4 آب، فوجئنا بالوثائق التي تؤكدُ أنهم جميعاً كانوا يعرفونَ بالمخاطرِ… ولكنْ..
ولكنْ ماذا؟
أحدهم يقولُ: لا دورَ لي في الملفِ!
آخرٌ يقولُ: أديتُ قُسطي للعلى، وحذَّرتُ المعنيين!
وآخرٌ يقول: طلبتُ إجراءَ المقتضى.. فلم يستجيبوا.
وأما الأنكى فهو قولُ دولةِ الرئيسِ دياب صاحبُ "وجهِ السعدِ" ، واسوأ رئيس حكومةٍ مرّتْ على لبنان يدافعُ عن نفسه: أردتُ النزولَ إلى المرفأ قبل أيامٍ من الانفجارِ… ولكن نصحتني "العصفورةُ"، في اللحظةِ الأخيرةِ: "ما تِنْزَل"!
***
ما هذهِ القصصُ التي "لا تَركبُ على قوسِ قُزَحٍ" يا جماعة! وكيف تريدونَ أن نصدِّقكم؟
هل نصدِّقُ أن أحداً لم يتنبَّه إلى شحنةِ الموتِ 7 سنواتٍ كاملةٍ، ثم فجأةً، بدءاً من 20 تموز، أي 15 يوماً قبل الانفجار، تنبّهت لها الأجهزةُ؟ فما هذهِ الصدفةُ؟
وإذا كنتم قد أدركتم خطرها فعلاً، كما تقولُ الوثائقُ التي ظهرت بعد الانفجارِ، فلماذا أخفيتمْ الوثائقَ عن الشعبِ في حينهِ؟ هل أحببتمْ أن "تُخلّوها لهُ مفاجأةً"؟
***
فلنقلها بصراحةٍ: العالمُ كلهُ لم يعد يصدِّقكمْ. وحتى الأرزُّ والسكّرُ وحبَّةُ الدواءِ لا يأتمنكم أحدٌ عليها.
كلكم مسؤولونَ عن كارثةِ المرفأ: الدكتور دياب وقبلهُ وقبلهُ وسائرَ الوزراءِ والنوابِ والمسؤولين.
هروبُكم الوحيدُ انكم حولتموها طائفيةً لمقامِ رئاسةِ الحكومةِ الذي لا يمس، وعن أي رئاسةٍ تتكلمون، وعن أيةِ حكومةٍ تتكلمونَ، وعن أي بلدٍ على طريقِ الزوالِ تتكلمون...
وكلكم تتركون لبنانَ وشعبهُ جانباً، لـ"تَنْفُدوا بِجِلْدكم" من "التايتانيك" الآيلةِ حتماً إلى الغرقِ.
***
غداً، عندما تغرقُ سفينةُ لبنانَ وطنِ الأرزِ، سنجدُ الأقوياءَ في باريس، مربطُ خيلهم، وقد تعطّرت نساؤهم من "إيف سان لوران"، وارتدوا البدلاتِ من "كارتييه"، وذهبوا إلى "الكوت دازور" ليُرفِّهوا عن أنفسهم… ويستهلكوا الملايينَ التي أخرجوها من "التايتانيك" بلا كابيتال كونترول ولا هيركات!
غداً، عندما نغرقُ، نحنُ الشعبُ الحضاريُ البطلُ، قد لا يبقى "مَن يخبِّر"!
ولذلك، وقبلَ فواتِ الأوانِ، فليستفقْ الشعبُ والقضاءُ وذوو الإراداتِ الطيبةِ، في اللحظةِ الأخيرةِ، ويكشف هذهِ اللعبةَ الجهنّميةَ وينقذ نفسهُ والبلد.
وليكنِ الخلاصُ برميِّ الفسادِ والفاسدينَ في مياهِ المحيطِ المتجمّدةِ،
كما لقاحُ فايزر الذي يُحفظُ على 80 درجةٍ مئويةٍ تحتَ الصفرِ.
-------------------------------------------------------------