تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
يبدو المشهدُ سوريالياً وفيهِ الكثيرُ من العبثيةِ التي تقتربُ من الجنونِ الذي يسبقُ الفوضى... مدينةٌ تفتقرُ للضوءِ والحياةِ لا كهرباءَ فيها ولا ناسَ :
وفي الوسطِ افتتاحُ مهرجانٍ للترانيمِ في شهرِ الاعياد... وفي قلبِ الأمسيةِ يدخلُ بعضُ الثوارِ حاملينَ يافطاتٍ تندِّدُ برعاةِ الاحتفالِ ... بصمتٍ دخلوا وبصمتٍ خرجوا، وسطَ صمتِ الناسِ ووسطَ ذهولهم او ربما وسطَ استسلامهم امام ما جرى ويجري...
الخوفُ ان يكونَ الشعبُ تحتَ وطأةِ مخدِّرٍ لم يعد أيُّ شيءٍ يستفزهُ وصار يكتفي بتبادلِ الاتهاماتِ والشتائمِ عبرَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ. عمليّاً ردّاتُ فعلٍ نظريةٌ على حساباتٍ وهميةٍ، ولا شيءَ اكثرَ من ذلك؟
أينَ الشعبُ اللبنانيُ الحضاريُ؟ لن يخافكم؟ ولنْ يستسلمَ؟ ولن تحبطهُ كورونا؟ فكل ما يجري لم يعد يستفزه!
***
من شاهدَ واستمع الى حاكمِ مصرف لبنان في الساعاتِ الماضيةِ، يدافعُ عن نفسهِ ويعلنُ ان الودائعَ في المصارفِ اللبنانيةِ لن تُردَّ الى اصحابها بالدولار تماماً كما يجري في دولِ العالمِ حيثُ لا يسحبُ المودعون من المصارفِ اموالاً بعملةٍ غيرِ العملةِ الوطنيةِ:
ما سمعناهُ ألا يستفزُ الشعبَ، ويعطي الحاكمَ الحجةَ الدائمةَ بأن لا يُردَّ للشعبِ ما وضعهُ بكلِ امانةٍ بالعملاتِ الصعبةِ؟
ألا يؤكد سعادتهُ ويثبتْ سياسة الـــ HAIR CUT على الودائعِ بقيمةٍ تطلعُ وتنزلُ حسبَ المنصاتِ وحسبَ الاهواءِ وحسبَ التعاميمِ؟
الأنكى مما سمعهُ الشعبُ البطلُ،كيف تحدثَ الحاكمُ بأمرِ الليرةِ والدولارِ والحساباتِ عن وضعِ سقوفٍ للسحوباتِ بالليرةِ اللبنانيةِ...
***
نحن نعلمُ ان دولَ العالمِ تضعُ سقوفاً للسحوباتِ، ولكن ما لا نعرفهُ كيفَ جعلتنا الدولةُ اللبنانيةُ نصدِّقُ ونؤمن ان ليرتنا بألفِ خيرٍ، وان لا شيء يهزها وان المصارفَ لن تُفلسَ، وان ودائعَ الناسِ بألفِ خيرٍ...
وإذ بنا نستيقظُ على استحالةِ سحبِ اموالنا بالعملاتِ الصعبةِ من المصارفِ وعلى سقوفٍ للسحوباتِ بالليرةِ اللبنانيةِ وعلى اسعارٍ متعدِّدةٍ لليرةِ وللدولارِ بحيثُ صارت لنا تعابيرنا من اللولار الى الدولار الطالبي الى الدولار الصناعي الى دولارِ الصرافين الى الى ...
***
فكيفَ يعيشُ شعبُ لبنانَ، وهل هناكَ ذلٌّ اكثرُ مما يعانيهِ اللبنانيون أينما كان في حياتهم اليوميةِ؟
وكيف يدفعونَ الاستحقاقاتِ المفروضةَ عليهم وسطَ افتقارهم الى الدولارِ ودفعِ ما عليهم بالليرةِ اللبنانيةِ على سعرِ الصرفِ في السوقِ السوداءِ..!
هل يعرفُ الذين يدّعونَ المسؤوليةَ ما يعيشهُ الشعبُ؟
***
هل يعرفون كيف يستيقظُ الشعبُ الصابرُ، وعلى أيةِ مصائبَ ومصاعبَ، وكيف ينامُ؟ هل يعرفونَ كيف يدفعُ فواتيرَ الدواءِ والبنزين والمدارسِ والأكلِ والكهرباءِ مرتينِ والمياهِ مرتينِ والانترنت والتلفون العادي؟
هذا فقط ليعيشوا تحتَ خطِ الفقرِ ووفقَ الحدِ الأدنى للاجورِ الذي لم يعدْ يطعمُ آخر فردٍ في آخرِ قبيلةٍ في مجاهلِ افريقيا؟
ماذا بعد؟ تتحدثونَ عن بطاقاتٍ تموينيةٍ تماماً كأيامِ الحربِ العالميةِ الاولى والثانيةِ؟
يبقى ان تُرسلوا اللبنانيينَ للعملِ بالسُّخرةِ تماماً كأيامِ الاحتلالِ العثماني للبلدِ؟
الى أينَ اوصلتمْ شعبنا الأصيلَ؟
الى أين أخذتم لبناننا العظيمَ؟
***
لم نعد نعرفُ ولم نعد نريدُ ان نعرفَ، أيَّ شيءٍ عن سياسةِ الدعمِ او عدمهِ... لم تعدْ تهمنا هذه التفاصيلُ التافهةُ، السخيفةُ التي تتلهّون بها، وتُلهّونَ الناسَ بها.
نريدُ ان نعرفَ أين ذهبت اموالنا واموالُ الشعبِ...
جاءكم قبلَ ساعاتٍ من مؤتمرِ المساعداتِ الانسانيةِ من باريس كلامٌ شديدُ اللهجةِ من الرئاسةِ الفرنسيةِ حول خفتكم في التعاملِ مع الحكومةِ ومع التدقيقِ الجنائيِ في مصرفِ لبنان ... فلم تحرَّكوا ساكناً ... تنتظرونَ ان يبقى الخارجُ داعماً لكم من دونِ ان تقوموا بأيِ شيءٍ فاذا بالخارجِ يقولُ لكم:
نحنُ لا نثقُ بكم وها هي الاموالُ التي جمعناها لكم سنرسلها الى الجمعياتِ والمؤسساتِ والمنظماتِ غيرِ الحكوميةِ للمرةِ الثانيةِ في اقل من 3 اشهرٍ ....
هل هناكَ اذلالٌ اكبرُ من هذا الأذلالِ؟
وهل تنتظرون صفعاتٍ أخرى لتستيقظوا؟
***
لم يعد الرهانُ على ضميركم في مكانكم...
فقدتم ضمائركمْ منذُ زمنٍ..
هذه الضمائرُ التي لم يهزها زلزالُ 4 آب لن يحركَّها أيُّ شيءٍ آخر...
إلا اذا كنتم تراهنونَ على اعدامٍ جماعيٍّ لنا، او انتحارٍ جماعيٍّ لشعبٍ عظيمٍ لم يعد يملكُ شيئاً إلا... احتقارهُ لكم...