تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتبت صحيفة الديار تقول: كان مُلفتًا نشر الإدارة الأميركية أول من أمس لقاذفات "بـ 52أتش" (B-52H) في قواعدها المُنتشرة في الشرق الأوسط. هذه الطائرات التي إنطلقت من قاعدة ماينوت الجوية في ولاية داكوتا الشمالية، هي قاذفات بعيدة المدى تلعب دوّرًا إستراتيجيًا في مسرح القتال العسكري التقليدي وغير التقليدي خصوصًا أنها تحمل كمّيات هائلة من الصواريخ التقليدية والنووية (32 طنّا) ولها نطاق قتالي واسع يفوق الـ 14 ألف كيلومتر من دون الحاجة للتزوّد بوقود! الجدير ذكره أن هذه الطائرات التي أُستخدمِت في العراق في العام 2003 في إطار عملية "الصدّمة والرعب"، لها قدرات تدّميرية هائلة.
هذا التموضع الإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، يحمل في طياته عدّة أهداف خصوصًا بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان والعراق. أوّل هذه الأهداف هو إستعراض "للعضلات الأميركية" ولقوة القصف الجوي الأميركي في أي بقعة في العالم وبالتحديد في منطقة الشرق الأوسط وهي رسالة واضحة بإتجاه الخصوم كما الحلفاء بأن الولايات المُتحدة الأميركية جاهزة "لردع العدوان وطمأنة شركاء وحلفاء الولايات المتحدة" وقادرة على تحريك قواتها "في غضون وقت قصير والاندماج في عمليات القيادة المركزية للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار والأمن الإقليمي" كما أعلنت القيادة المركزية الأميركية.
الهدف الثاني يتمحّور حول توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط خصوصًا بعد سحب الولايات المُتحدة الأميركية لـ 7000 جندي أميركي من أفغانستان منذ بداية هذا العام، و5500 من العراق. ويأتي إرسال القاذفات الأميركية كرسالة لطالبان كما لإيران أن الولايات المُتحدة الأميركية موجودة وبقوّة في خِضمّ المفاوضات مع طالبان على عملية السلام والتجاذب الكبير مع إيران في عملية التطبيع الشاملة مع إسرائيل في المنطقة.
الهدف الثالث يطال إيران بالتحديد مع توجيه رسالة ردع للإيرانيين من خلال بثّ خبر عن نية أميركية بضرب مواقع في إيران وبالتالي حمل إيران على القبول بالشروط الأميركية للدخول في مفاوضات مع الإدارة الحالية قبل إنتقال السلطة إلى الرئيس المُنتخب الجديد.
إحتمالات تأثير هذا الإنتشار على ملفّ ترسيم الحدود ضعيف خصوصًا أن لبنان ماضِ في هذه المفاوضات غير المباشرة وقدّ سجّل عدّة نقاط في عملية التفاوض هذه بفضل المنهجية العلمية التي يتبعها الجيش اللبناني وبفضل وحدة الصف اللبناني. كذلك الأمر من جهة العدو الإسرائيلي حيث كان لافتًا ردّ وزير الطاقة الإسرائيلي على رئاسة الجمهورية اللبنانية من خلال قوله إنه أوعز إلى مفاوضيه "بانتهاج أسلوب براغماتي في المحادثات، وذلك في محاولة لتخفيف وحلّ الخلاف، من أجل توفير الرفاهية للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين" أي بمعنى أخر المضي في المفاوضات غير المباشرة. عمليًا كمّية الغاز المُتنازع عليها هي كمّية هائلة تفوق عدّة مئات المليارات من الدولارات الأميركية كما قدّرناها في العام 2011، وبالتالي فإن مسار المفاوضات سيكون صعبًا خصوصًا مع تصلّب الجانب اللبناني على موقفه المُحقّ والرغبة الإسرائيلية في الحصول على أكثر ما يُمكن الحصول عليه في هذه المفاوضات. وبالتالي يُمكن الإستنتاج أن هذه المُفاوضات غير المُباشرة مُرشحّة إلى المُماطلة إلى أجلٍ غير مُسمّى.
ويتزامن هذا الملف مع ضغط إقتصادي وسياسي هائل أصبحت معالمه واضحة عملا بتقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الصادر في تشرين الثاني من العام الماضي والذي ينصّ على عزل لبنان على الطريقة الفنزويلية ليُصبح لبنان بحسب الدراسة "فنزويلا الشرق الأوسط". الضغط السياسي يأتي من العقوبات الأميركية المُتتالية على سياسيين لبنانيين والضغط الإقتصادي يأتي من منع أي مساعدة مالية للبنان ما لم يتمّ تشكيل حكومة (بشروط الغرب) تقوم بإصلاحات يطلبها صندوق النقد الدولي.
الذكرى السابعة والسبعون على إستقلال لبنان والتي صادفت البارحة، مرّت بشكل صامت وخالية من أي إحتفال رسمي نظرًا للظروف القاهرة التي يعيشها لبنان والناتجة عن أداء سياسي ومالي كارثي أوصل لبنان إلى الحضيض وجعله رهينة الخارج سياسيًا، إقتصاديًا، نقديًا وحتى أمنيًا.