تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
لعلها أغربُ زيارةٍ ، فماذا يطبخُ الأميركيون للبلد ؟
ما هو مستوى تنسيقهم مع الفرنسيين ؟
هل يلتقون مع مبادرةِ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ؟ أم هُم متباعدون ؟
لا شيء واضحاً حتى الآن ، فالأمور مشوشةٌ ، لكن التبايناتِ فيها أكثرُ من الإنسجام ، بدليل المعطيات التالية :
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شملت لقاءاتهُ الجميعَ من دون استثناءِ :
من رئيس الجمهوريةِ إلى قياداتٍ في المجتمع المدني ، وما بينهما ، وصولاً إلى تكريم السيدة فيروز وغرسِ أرزةٍ في غابةِ الأرز في جاج .
مساعدُ وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر على العكس من ذلك ، ركَّز على اللقاء مع قياداتٍ في المجتمع المدني ومع مستشاري القادةِ السياسيين ،
أسئلتهُ للمجتمع المدني من نوع : ما هي رؤيتكم لقانون الإنتخابات النيابيةِ المقبلة ؟
كيف ترونَ تصحيح الاوضاعِ النقديةِ والماليةِ والإقتصاديةِ؟
ومن اللقاءات ايضاً اجتماعاتٌ مع مستشارين للرئيس نبيه بري ولبعضِ القادةِ السياسيين ، لكن كان لافتاً عدم التقاء احدٍ من التيار الوطني الحر .
***
لكن الإنطباعَ الأبرزَ الذي خرج به مَن التقوا الديبلوماسي الأميركي هو أن الطبقةَ السياسيةَ ما عادت قادرةً على الاستمرارِ في نهجها السابق.
ولأنها باتت بحكمِ الساقطةِ شعبياً وعملياً، وترفضُ الولايات المتحدةُ مصالحةَ مكوّناتها، على قاعدةِ تهدئةِ الوضع وإعادةِ الأمور إلى سابق عهدها.
وهذا الموقفُ يُلخّصُ الآلية الجديدةَ التي تنتهجها أميركا، في سياقِ تعاملها مع الملفاتِ الداخلية في جميع الدول التي تشهدُ حالاتٍ مماثلةً للبنان.
فبالنسبة لواشنطن، أصبحت مصالحةُ أهل السلطةِ بعضهم بعضاً، هي وسيلةٌ لإعادة انتاج هذه السلطة وإعطائها دعماً معنوياً لمواصلةِ سياساتها وقمعها ضد شعوبها.
لذلك، تُفضّل واشنطن العمل مع الشعوب وليس مع السلطة. وهو ما يحصلُ في لبنان.
إذا أكملت واشنطن في هذه الإستراتيجية حيال لبنان ، فهذا يؤدي إلى الاستنتاجاتِ التالية :
هناك تباعدٌ بين المسارِ الفرنسي والمسارِ الأميركي :
فرنسا تتعاطى مع السلطةِ القائمةِ وإن اعطت حيزاً للمعارضة .
واشنطن يبدو أنها اتخذت قراراً بالتعاطي مع المعارضة ومع المجتمع المدني ومع أركانِ الإنتفاضة .
هذا التبدلُ ليس سهلاً على الإطلاق بل هو يحمِّل الإنتفاضةَ مسؤوليةً كبيرةً، وكأن الأميركيين يقولون لجيلِ الإنتفاضة :
جهِّزوا انفسكم للعبِ دوركم السياسي من خلال الإنتخابات النيابية .
أَعدُّوا خططكم لمكافحةِ الفساد الذي هو الطامةُ الكبرى في هذا البلد .
***
إذا كانت هناك من نتيجةٍ أوليةٍ لزيارة شينكر هذه المرة إلى بيروت، فهي انه أوصل رسالة إلى جميع مَن يعنيهم الأمر مُفادها ان المستقبل السياسي في هذا البلد هو لجيلِ الإنتفاضةِ ... وهذه الخلاصةُ ربما هي التقاطعُ الأساسيُ والجامع المشتركُ بين زيارة ماكرون وزيارة شينكر :
واشنطن وباريس تؤيدان جيلِ الانتفاضة .