تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
سؤالٌ واحدٌ على كل شفةٍ ولسانٍ يسأله اللبنانيُ وهو:
" قديش بعد عنَّا طاقة على التحمل"؟
السؤالُ نابعٌ من واقعٍ مريرٍ لكنه واقعٌ حتميٌ لا يمكنُ لأحدٍ إخفاؤهُ ولا يمكن القفز فوقه ولا يمكن التصرف وكأنه غيرُ موجودٍ .
ستةُ دولارات على "الواتس آب" أشعلتِ الإنتفاضةَ في 17 تشرين الأول 2019 .
إشتعلتِ الإنتفاضةُ،تنفَّسَ اللبنانيون الصعداء،لكن المصارف ما إنْ اندلعت الإنتفاضة حتى أقفلتِ المصارف بحجة عدم القدرة على فتح ابوابها بسبب الأوضاع الأمنية. أقفلت لأسبوعين وكان هذا الإقفالُ كافياً لخروج عشراتِ ملايين الدولارات في الليالي الظلماء.
***
بعد أسبوعين أعادت المصارف فتحَ أبوابها ، وبدأتِ المعاناةُ :
سقفُ السحوباتِ انخفض إلى درجةِ " الشحادة" .
سقفُ التحويلات الى الخارج انخفض كلياً .
***
جاءت حكومةٌ جديدةٌ "ويا ريتها ما إجت":
مستشارون، وعودٌ، تخبطٌ، ترددٌ، إرباكٌ، عدم القدرةِ وعدم الجرأةِ على الإقدام، مقاطعةٌ عربية، تحذيراتٌ دولية، لكن هذا الواقعَ لم يشكِّل حافزاً لحكومةِ " الفشل " بل حديثٌ شبهُ يومي عن مؤامراتٍ و"مش عم بيخلونا نشتغل" .
وكان اللبنانيُ يقولُ في قرارة نفسه: "هل بعدنا قادرين على التحمّل"؟
ما إن انطلقت الحكومة حتى اقتحم فيروس كورونا لبنان:
بدأ كثيرون يحذِّرون: أوقفوا الرحلات الآتية من بلادٍ موبؤة، لكن لا حياةَ لمَن تنادي ... الشهامةُ! وعزَّةُ النفس! والمكابرة! جعلتهم لا يتخذون مثل هذا القرار، فجاءت الإصاباتُ الاولية ثم كرت السُبحة...
لم يفهم المعنيون أننا بلدٌ كل شيءٍ فيه "تحتي" إلا البنى التحتية :
في ازمة كورونا كانت مستشفياتُ العالم تفتشُ عن أجهزةِ إنعاشٍ للتنفس، فيما مستشفياتنا كانت تفتشُ عن مازوت للمولدات! فعن أي بنى تحتيةٍ نتحدث ؟
وعاد اللبنانيُ إلى طرحِ السؤال الأساس "قديش بعد عنا طاقة على التحمل"؟
لم يُكمِل اللبنانيُ السؤالَ حتى جاءتهُ الضربةُ الكبرى، لا بل الزلزال :
إنفجارُ المرفأ ... قنبلةُ هيروشيما، ثم قنبلةُ ناغازاكي جعلتا اليابان تستسلم في الحرب العالمية الثانية ...
فسلَّم اللبناني بأنه لم يعد قادراً على مواجهة الحرب تلو الحرب عليه ... نجا لبنانُ من دمارِ الحرب العالمية الأولى ومن الحرب العالمية الثانية، ونجا جزئياً من زلزال خمسينياتِ القرن الماضي، ودمار حرب 1985- 1990 لم تكن بهول دمارِ اليوم، وحتى عدوان تموز 2006 استغرق 33 يوماً لتدمير ما دمره ...إنفجار المرفأ لم يستغرقْ أكثر من دقيقةٍ ليدمِّر جزءاً من المرفأ ونصف العاصمة وجزءاً من الضاحيتين الشمالية والشرقية منها .
ويعودُ اللبناني إلى السؤال: "قديش بعد عنا طاقة للتحمّل" .
***
بصراحةٍ، وبأسفٍ وبأسى نقول:
لا، اللبنانيُ لم يعد قادراً على التحمل ... ويسألُ بسخريةٍ:
ماذا علينا بعد ان ننتظرَ من ضرباتٍ؟ سقوطُ نيزكٍ مثلًا؟
او نعودُ الى المربعِ الاول فوق ملحمةِ القهر: الى حكومةٍ جديدةٍ لا توحي اسماؤها المطروحةُ لا بالثقةِ ولا بالأملِ.
قد تكتملُ ملحمةُ اللبناني ان لا تتألف حكومةٌ الا بعد الانتخاباتِ الرئاسيةِ الاميركية.
ونكون بذلك قد تخطينا نسبياً الملحمةَ الاغريقية؟