تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " نضال العضايلة " ------ الثائر -------- الأردن -----------
خروج اللبنانيين في احتجاجات ضد رموز الحكم والنخبة السياسية واستقالة الحكومة، تثير التساؤل عن مدى تأثير ونفوذ هذه النخب، وفيما إذا كان التغيير سيؤدي للدفع باتجاه دولة المواطنة ونظام سياسي جديد؟
بعد انفجار مرفأ بيروت؛ الذي أدى إلى تدمير جزء كبير من العاصمة اللبنانية، وأفقدها أحد أهم منافذها على العالم، ومقتل نحو 160 شخصا وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، انفجر غضب اللبنانيين ضد العائلات والنخب الحاكمة المتهمة بالفساد وضد حكومة حسان دياب التي اضطرت إلى تقديم استقالتها تحت ضغط الاحتجاجات والرأي العام. ما يشير إلى إمكانية إحداث تغييرات سياسية جذرية قادمة.
لايزال لبنان في حالة تمرد منذ أكتوبر/ تشرين الأول العام المنصرم بسبب اندلاع الحراك الشعبي، ورغم استقالة حكومة الحريري واستلام دياب إلا أن الأوضاع ازدادت تدهورا من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فيما أزمة مرفأ بيروت تدهور الوضع وتجعله أصعب مما كان عليه.
إن من يمسك في زمام أمور لبنان هو تحالف رئيس الجمهورية ميشيل عون وحزب الله، الانفجار جعل حزب الله في موقف صعب، كونه تبرأ من معرفته بأي تفاصيل متعلقة بأزمة المرفأ، واختبأ وراء شعارات، كما هي العادة، فيما يقف رئيس الجمهورية وكأن على رأسه الطير، فهو لا يزال غير مدرك لما حدث رغم علمه بما حدث.
لبنان اليوم أمام مشهد جديد سيتم خلط الأوراق فيه بشكل واسع، ما قد يؤدي إلى تغيير سياسي مستقبلي، خصوصاً وأن استقالة حكومة حسان دياب تعتبر ضربة موجعة لحزب الله.
يعتقد سياسيون أن يذهب لبنان إلى مؤتمر تأسيسي لنظام جديد تقبل به كل الأطراف السياسية في لبنان، وليس لحكومة جديدة، وذلك نتيجة للضغوط الدولية الحالية، يعيش لبنان وسط محاور سياسية مختلفة في المنطقة، المحور الأول يتمثل في تأييد إيران ودعمها لحزب الله، والمحور الثاني يتمثل في السعودية والإمارات اللتان اتخذتا موقفا عدائيا من حكومة دياب المستقيلة.
الدور الدولي فقد برز في مؤتمر الدول المانحة، من خلال رفضها تقديم الدعم للحكومة مباشرة بل عن طريق منظمات ومؤسسات خيرية، الأمر الذي يشكل دليلا على عدم ثقة الدول في المنظومة الحاكمة، ويؤشر على أن "المجتمع الدولي لا يريد أن يغرق لبنان" في فوضى، ولهذا قام الرئيس الفرنسي بزيارة بيروت، كونه يدرك تأثير الانفجار على مستقبل البلد، وهناك رافعة دولية تمثلت في مؤتمر الدول المانحة قد تتبلور في البحث عن حكومة جديدة.
تحرك الرئيس الفرنسي وزيارته إلى لبنان لم يكن دون تنسيق مع الرئيس الأمريكي، وهذا يعني أن الولايات المتحدة عهدت إلى فرنسا الاضطلاع بالملف اللبناني، بالإضافة إلى أن رئيس البرلمان الأوروبي عبر عن تأييده لموقف ماكرون في الشأن اللبناني.
وفي ذات السياق فأن الموقف الخليجي منقسم على ذاته، ففي حين قدمت قطر دعما ماليا للبنان، فإن السعودية والإمارات اكتفتا بتقديم مساعدات غذائية وطبية، كون الحكومة الحالية داعمة لحزب الله، ولكن مع استقالة دياب قد تكون هناك تغييرات قادمة، من المبكر الحديث عنها، اما بالنسبة لإيران فهي المتضرر الأكبر مما يجري، لأن ما يحدث هو حصار لذراعها في لبنان-حزب الله، رغم أنه ( ماكرون )لم يمارس حتى الآن أي إقصاء للحزب، وطالب بجلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار، الا أن انخراط الحزب في الوضع السياسي القادم مرهون بتخفيضه سقف شروطه
الوضع في لبنان حساس جدا وأمام استحقاقات صعبة"، لاسيما أن الدولة تنتظر قرار المحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري وتجديد تفويض اليونيفيل، بالإضافة إلى ربط مصير لبنان بالمصير الإيراني، كون الأخيرة تدعم حزب الله ، وتضغط على الشعب من خلاله، والذي سيجعل من لبنان رهينة الصراع الإيراني الأمريكي في المنطقة.
استقالة حكومة دياب تشير إلى أن تغييرات قادمة قد تضرب النظام السياسي أجمع، وفيما يحاول البعض الهروب من السفينة الغارقة، تبرز المطالبات بمحاسبة المسؤولين ضمن تحقيق دولي شفاف، فلبنان أمام منعطف أعمق، فقد كان انفجار مرفأ بيروت القشة التي قصمت ظهر البعير، إضافة للمآزق السياسية والاقتصادية السابقة.
وهنا نجد أن التغيير الحقيقي يأتي عن طريق تغيير العقليات والبنية وفي نظام انتخابي يسمح بالتدرج من الطائفية إلى المواطنة، وضرورة إبعاد لبنان عن الصراعات الخارجية، لذلك فإن التغيير لن يكون ممكنا إلا بعد تغير موازين القوى.