تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
في علم السياسة يجبُ دائماً التفريقُ بين اسبابِ الأزمةِ وبين نتائج الأزمة.
هذه الإشكاليةُ هي المطروحةُ منذ 17 تشرين الاول الماضي مروراً بكل المحطات التي تلتها وصولاً إلى اليوم .
إنطلاقاً من هذا التعريف لا بدَ من الإضاءةِ على ما يلي :
17 تشرين نتيجةٌ للانهيار وليست سبباً له .
انهيار الطبقة الوسطى وتحولها إلى طبقةٍ فقيرة هو نتيجةٌ للأوضاع وليس سبباً لتفاقم الأوضاع .
التخوف من إقفال قسمٍ كبيرٍ من المدارس والجامعات هو نتيجةٌ لتراجع القدرة المالية للطلاب وللأهالي،وليس سبباً لانهيار القطاع التعليمي .
***
إذاً المطلوب،
في معرض قراءة النتائج، البحث في الأسباب والمسببات:
في السياسة، المأزقُ الذي نحن فيه اليوم أسبابهُ سياسيةٌ بالدرجة الأولى :
في السنوات العشر الاخيرة وقع البلدُ في فراغٍ رئاسي أكثر من ثلاث سنوات،يعني أمضينا "نصف عهدٍ" في ظل شغورٍ رئاسي ، فأيُ اقتصادٍ ينتعش؟
وأيُ استثمارٍ يأتي في ظل فراغٍ رئاسي؟
وفي السنواتِ العشر الاخيرة كان المعدلُ الوسطي لتشكيل الحكومات بين ستة اشهر وتسعة اشهر، وفي تلك الفترات: إضاعةُ وقتٍ، ملءُ فراغٍ، تصريفُ أعمالٍ، تراكمُ ملفاتٍ .
حين يقعُ الفراغ الرئاسي لثلاث سنوات ، والفراغ الحكومي لثلاث سنوات ايَضاً ، لحكومات متعاقبة،فأي استقرارٍ سياسي يُرتجى في البلد، وحين لا يكون الإستقرار السياسي متوافراً،
فمَن يجرؤ على الإستثمار ؟
كل هذه التراكمات وصلت إلى 17 تشرين الأول 2019 فانفجرت كلها دفعةً واحدةً ، فعن اي حلول تتحدثون؟
***
في بدايةِ هذا العهد كان الوضع مثالياً :
رئيس الجمهورية هو الأقوى نيابياً وشعبياً داخل طائفته.
رئيس الحكومة هو الأقوى نيابياً وشعبياً داخل طائفته.
رئيس مجلس النواب كان يواكب العهدَ والحكومة منذ الإنطلاقة،فلماذا تعثر الحكمُ؟
لم تكن هناك ثورات ... لم يكن هناك حراك ... لم يكن هناك انتفاضات ... لم يكن هناك كورونا،كانت "الدنيا بألف خير"، لكن الغيوم الداكنة كانت تتجمَّع في السماء السياسية والمالية في لبنان :
1- جرت الإنتخابات النيابية فتم توظيف حوالي 6000 من المناصرين علماً ان هناك قانوناً يمنع التوظيف ، وإلى اليوم مازالوا في وظائفهم .
2- تمَّ إقرار سلسلة الرتب والرواتب ودخلت حيز التنفيذ مع ان كل الدراسات والتقديرات والتوقعات كانت تقول ان لا إمكانية لتغطية كلفة نفقات السلسلة .
3- تم شراء مبنى لأحدى شركتي الخليوي بمبلغ يزيد عن مئة مليون دولار، في زمن شح الدولار ( في مقارنة بسيطة فإن مصرف لبنان يضخ اليوم لدى الصيارفة ما يقارب 4 ملايين دولار يومياً ) هذا يعني ان الحكومة دفعت في شيكٍ واحد كمية الدولارات التي يضخها مصرف لبنان على مدى شهرٍ تقريبًا) فأين كنا وأين صرنا؟
وكل ذلك في أقل من عشرة أشهر)!
إنها الأسباب، وما نشاهده اليوم هو نتائج هذه الأسباب .
***
للتذكير لمَن قرأ على عجل ولم يتسنَّ له التدقيق في الموقف الصيني:
تقول السفارة الصينية في بيانها :
" أن الجانب الصيني على استعداد للقيام بالتعاون العملي بنشاط مع الجانب اللبناني على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة . تلتزمُ الصين دوماً في تعاونها مع الخارج بالدور الرئيسي للشركات . "
هل قرأتم جيداً "المنفعة المتبادلة"؟هل تعرفون معناها؟
يقول الصينيون في بيانهم بكل بساطة:
تدفعون اموالاً، نعطيكم استثمارات في الكهرباء وغيرها.
لا تدفعون اموالاً، فتشوا عن غيرنا ليعطيكم.