تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتب ايلي الفرزلي في "الاخبار" يقول: ألان بيفاني على حق. خلاصة يمكن الركون إليها بسهولة عند متابعة الحملة الإعلامية المنظّمة التي استهدفته في الأيام الماضية. بصمات المتضررين من الخطة الحكومية واضحة. هؤلاء هم حزب المصارف، إن كانوا أصحاب مصارف أو سياسيين أو إعلاميين تابعين لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وهم يصرّون على التعامل مع المصارف بوصفها درّة التاج، وإن سرقت تعب الناس ومدّخراتهم.
ليس ذلك دفاعاً عن الخطة أو حتى عن المدير العام للمالية العامة. هو تأكيد أن في الخطة، رغم كل مساوئها، ما يطاول منظومة مصالح ظلت لسنين عصيّة على المسّ. وهذا تحديداً ما ينبغي الدفاع عنه.
لنعد إلى الحملة على بيفاني. هي محصورة بشقّين، شقّ يحمّله مسؤولية الخطة التي طغت عليها «أفكاره التأميمية» و«نقمته على التركيبة الاقتصادية في لبنان» ورغبته في «ضرب امتدادات المصارف خارج لبنان لإقفالها وبيعها». وشق يتّهمه بتهريب أموال إلى الخارج. يقول الخبر إن بيفاني حوّل ملايين الدولارات، ويقول الخبر نفسه إن بيفاني يتذرّع بأن هذه الأموال تعود لزوجته التي باعت حصتها في شركة أدوية لبنانية منذ ثلاث سنوات. في الشق الثاني، عليه هو أن يدافع عن نفسه، وخاصة أن مقرّبين منه يؤكدون أنه يملك من الوثائق ما يثبت بطلان كل ما يطاوله. لكن مع ذلك، ينبغي الإشارة إلى أن من يُدافع ليل نهار عن السرية المصرفية، خرقها بنفسه في مسعاه لضرب صدقية المدير العام للمالية العامة. وهذا يؤكد أن السرية المصرفية لم تعد وسيلة لجذب الاستثمارات بمقدار ما هي أداة لحماية المنظومة المالية والسياسية الحاكمة، وينبغي ضربها في سياق ضرب تلك المنظومة التي أفلست البلد. لذلك، فإن على كل نائب يصرّ على إفراغ مشروع قانون السرية المصرفية من مضمونه أن يعرف أن جريمة حماية السارقين لا تقلّ عن جرم السرقة نفسه.
لكن لنستبق أي رد محتمل ونُعِد تكرار الاتهامات المساقة ضد بيفاني: هو سارق، ويريد تدمير المصارف ، وكان السبب في إقرار أرقام خاطئة لسلسلة الرتب والرواتب أدت إلى عجز كبير في الموازنة. إذا صحّت هذه الاتهامات، فلماذا من فتح هذه الملفات اليوم تغاضى عنها طوال الفترة الماضية؟
باختصار، ثمة أمران هما السبب في فتح النار على بيفاني: ترداد اسمه كمرشح جدي لحاكمية مصرف لبنان في حال إقالة سلامة، ودوره الفاعل في إظهار خسائر القطاع المصرفي، وبالتالي، تحميل إدارة القطاع، أولاً، مسؤولية هذه الخسائر. يقول هؤلاء إن الأرقام المعروضة كلها خاطئة، لكن مع ذلك لم يتمكنوا من تقديم أي خطة بديلة. خطة المصارف لم ترقَ إلى أن تكون خطة حتى بشهادة الناطق باسم صندوق النقد. هي مجرّد عناوين وضعت لحماية القطاع المصرفي من تحمّل المسؤولية. كيف لخطة أن تكسب أرقامها صدقية وهي تقول إن من يتحمّل الخسائر هم المودعون والدولة لا رأس المال؟ هكذا ببساطة، خلافاً للمنطق التجاري، ثمة من يريد أن يعفي من فرّط بأموال الناس من أي مسؤولية.
في اجتماع لجنة المال، قدّم بيفاني مداخلة شرح فيها حقيقة الأرقام المعروضة في الخطة. ورداً على حزب المصارف الذي حاول إفراغ هذه الأرقام من مضمونها، دعا إلى انتظار أرقام صندوق النقد، التي على أساسها سيتبين أي الأرقام أصحّ، تلك التي أنجزتها الحكومة في خطتها أم تلك التي يسوّقها مصرف لبنان؟
اللافت هنا أن الناطق باسم صندوق النقد كان واضحاً في إشارته إلى أن الخطة الحكومية تشكّل أساساً صالحاً للانطلاق منه. تلك بدت رسالة في اتجاهين، رسالة إلى الحكومة بأن أرقامها هي أقرب إلى الواقع في تحديدها لخسائر القطاع المصرفي، ورسالة تجاهل لخطة المصارف، التي كانت قد أعلنت في اليوم نفسه.
يبقى دور بيفاني في سلسلة الرواتب. تلك لم ينسها السياسيون بعد. يكفي أن السلسلة المقدمة منه كانت محصورة حينها بالإداريين. ضُمّ إليها العسكريون والأساتذة لاحقاً، قبل أن تخضع أرقامها للتضخيم في مجلس النواب. من بعدها، انهالت التوظيفات السياسية من كل حدب وصوب ضاربة عرض الحائط بقرار منع التوظيف، الذي اتخذه السياسيون أنفسهم.