#الثائر
سجّلت عملية تسلّل للجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان للمرة الثالثة منذ بدء المواجهات مع «حزب الله»، في وقت لا يزال فيه التوتر يسود في لبنان سياسياً وعسكرياً، لا سيما مع استمرار تعليق بعض شركات الطيران رحلاتها إلى بيروت. ومددت مجموعة «لوفتهانزا» الألمانية الاثنين، تعليق رحلاتها إلى كل من تل أبيب وطهران وبيروت وعمّان وأربيل حتى 26 أغسطس (آب).
قالت المجموعة، التي تضم شركات الخطوط الجوية السويسرية والخطوط الجوية النمساوية و«يورو وينجز»، إنها ستتجنب أيضاً المجالين الجويين الإيراني والعراقي حتى ذلك الموعد، على خلفية مخاوف من تفاقم الأوضاع بالشرق الأوسط.
حريق قرب مركز «يونيفيل»
اندلع حريق قرب مركز قوات «اليونيفيل» نتيجة إلقاء الجيش الإسرائيلي قذائف فسفورية على منطقة تل نحاس، وذلك بعد ساعات على إعلان القوات الدولية عن إصابة 3 من عناصرها جراء انفجار وقع بالقرب من آليتهم خلال دورية لهم بمحيط بلدة يارين بجنوب لبنان.
وقبل ذلك كان قد أعلن «حزب الله» في وقت متأخر من ليل الأحد - الاثنين، أن مقاتليه تصدّوا لجنود إسرائيليين «تسلّلوا» قرب الحدود اللبنانية ما أجبرهم على التراجع، مشيراً كذلك إلى أنه شنّ هجمات جديدة على قوات ومواقع عسكرية في شمال إسرائيل بالصواريخ والمدفعية والمسيرات.
وقال الحزب في بيان له، إنه «بعد مراقبة ومتابعة لقوات العدو الإسرائيلي وعند رصد تسلل مجموعة من جنوده إلى حرش حدب عيتا (بالقرب من بلدة عيتا الشعب)، تصدى لها مجاهدو المقاومة يوم الاثنين واستهدفوها بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعية، مما أجبرها على التراجع وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة».
ويرجّح العميد المتقاعد، الخبير العسكري، خليل الحلو، أن يكون الهدف من عملية التسلل الإسرائيلي، إما زرع ألغام أو وضع أجهزة تنصت وكاميرا مراقبة. مع العلم أنها المرة الثالثة التي تسجّل فيها عملية تسلل إسرائيلية باتجاه الجنوب منذ بدء المواجهات في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ كان «حزب الله» قد أعلن في 3 و4 مارس (آذار) الماضي عن عمليتي تسلل؛ الأولى في منطقة وادي قطمون مقابل رميش، والثانية من جهة خربة زرعيت، مقابل بلدة راميا.
في موازاة ذلك، استمرت الاثنين، العمليات المتبادلة والقصف على جنوب لبنان، حيث أدت غارة استهدفت بلدة حولا صباحاً، إلى مقتل شخصين، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، وأشارت المعلومات إلى أنهما عنصران في «حزب الله» الذي عاد ونعى اثنين من مقاتليه؛ هما محمد علي حسن قدوح من بلدة الغندورية، وعباس بديع ملحم من بلدة مجدل سلم في جنوب لبنان.
وأعلنت «المقاومة الإسلامية» أن مقاتليها شنوا «هجوماً جوياً مُتزامناً بأسراب من المسيرات الانقضاضية» على موقعين عسكريين؛ أحدهما ثكنة قرب مدينة عكّا الساحلية على بعد نحو 15 كيلومتراً من الحدود، والثاني قاعدة لوجيستية.
وبحسب البيان، فإن هجوم المسيّرات جاء «ردّاً على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو الإسرائيلي في منطقة قدموس» بمنطقة صور جنوب لبنان، حيث قال الجيش الإسرائيلي السبت، إن قواته «قضت» على «قائد» في قوة الرضوان التابعة لـ«حزب الله» في غارة جوية على منطقة صور.
كذلك، شن الطيران الإسرائيلي غارة استهدفت منزلاً في الساحة العامة لبلدة طيرحرفا بالقطاع الغربي من قضاء صور، واستهدفت غارتان بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل، ما أدى إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والبنى التحتية، بالتزامن مع إطلاق مسيّرة صاروخاً موجهاً استهدف بلدة حانين، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام».
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن منظومة الدفاع الجوي التابعة له اعترضت «أهدافاً جوية مشبوهة مقبلة من لبنان»، ونجحت بإسقاط بعضها في منطقة يعارا بالجليل الغربي.
احتمالات الحرب تتراجع
وارتفع منسوب التوتّر في الفترة الأخيرة بعد مقتل القائد العسكري البارز في «حزب الله» فؤاد شكر نهاية الشهر الماضي، بغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، بحيث توعّد «حزب الله» بالرد على مقتله الذي نفذ قبل ساعات من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنيّة بطهران في ضربة نسبت إلى إسرائيل، وهو ما أعلنت إيران أنها سترد عليه، ما أدى إلى تصاعد التهديد والتحذيرات من حرب شاملة.
وبانتظار ما سيكون عليه الرد في ظل المفاوضات المستمرة في محاولة لإرساء التهدئة في غزة التي يفترض أن تنسحب على لبنان، يرى خليل الحلو في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن احتمالات الحرب الموسعة تراجعت في جنوب لبنان بعدما كانت قد ارتفعت في المرحلة الأخيرة، عازياً ذلك إلى أسباب سياسية وعسكرية. ويوضح: «السياسة ترتبط بالمفاوضات المستمرة التي تسهم إلى حدّ كبير بلجم الرد الذي سيحصل بحسب تأكيد كل الأطراف، إنما سيكون الترقّب لما سيكون عليه الرد الإسرائيلي على رد (حزب الله) ومسار المواجهات بعدها». الأسباب الثانية ترتبط، بحسب الحلو، «بتعب الطرفين واستنزافهما، أي (حزب الله) وإسرائيل بعد 11 شهراً على الحرب، وهو ما تعكسه أصوات المسؤولين في تل أبيب التي تراجعت حدّة مواقفها عما كانت عليه في فترة سابقة».
من هنا يعدّ الحلو أن العمليات في جبهة الجنوب ستبقى مستمرة، ويقول: «ستستمر حرب الاستنزاف التي ترتفع وتيرتها وتتراجع وفقاً للوقائع الميدانية، في ظل غياب الحل الدبلوماسي، وبانتظار ما ستنتهي إليه مفاوضات غزة التي لا بد أن تنعكس على جبهة الجنوب».
وفي هذا الإطار، كان قد حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، في تل أبيب، حيث يلتقي مسؤولين، من أن المفاوضات الجارية من أجل هدنة في قطاع غزة هي «ربما آخر» فرصة للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
المصدر: الشرق الاوسط