#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
لتكتملَ العزلةُ، كنَّا بحاجةٍ إلى أزمةٍ مع قبرص العضوِ في "الناتو" ليتحقَّقَ النَّصرُ الكبيرُ على الاصدقاءِ قبلَ الأعداءِ، هكذا كنَّا في اليومينِ الماضيينِ وكأننا امامَ لبنانين:
لبنانُ الرسميُّ الساكتُ عنْ التهديداتِ والعاجزِ عنْ إيجادِ اجوبةٍ للمسؤولينَ القبارصة،
ولبنانُ الممانعةِ التي تُقرِّرُ عنْ الجميعِ، تهادنُ، تقاتلُ، تستسلمُ، تُقاومُ، تهاجمُ وتفاوضُ وكأنَّ لا رأيَ آخرَ ولا حكومةً ولا نظاماً ولا مؤسساتٍ ولا رأيَّ عامٍ.
وتجدُ اللبنانيينَ محتارينَ بينْ الإنحيازِ لمنطقِ الحيادِ وبينَ منطقِ التَّخوينِ إذا عارضَ خياراً للحربِ ولفتحِ الجبهاتِ ولتعريضِ البلادِ لكلِّ أزماتِ العالمِ في بلدٍ منهارٍ على كلِّ الصُّعُدِ.
هي نفسها الأزمةُ منذُ قيامِ الكيانِ الاسرائيليِّ:
لبنانُ يغرقُ في تناقضاتِ سياساتهِ الخارجيةِ "بيتٌ بمنازلَ كثيرةٍ" كما كتبَ يوماً كمال الصليبي..
***
فهذا يريدُ التدويلَ، وذاكَ يريدُ الحيادَ، وآخرُ يريدُ الكفاحَ المسلحَ، وآخرُ يريدُ السلامَ،
هذا يريدُ الغربَ وذاكَ يريدُ الشرقَ..
والاسوأُ أنَّ لبنانَ جرَّبَ منذُ عشراتِ السنواتِ كلَّ الخياراتِ التي جعلتهُ يدفعُ ملياراتِ الدولاراتِ منْ اقتصادهِ وألوفَ القتلى والمعوقينَ والجرحى ولا يزالُ لغايةِ اليومِ في الاسئلةِ نفسها، والصراعِ نفسهِ.
وها هو يدفعُ الثمنَ أكثرَ منْ الاثمانِ التي دفعها في سبيلِ القضيةِ الفلسطينيةِ ولا يزالُ،
ها هو لغايةُ اليومِ يدفعُ ثمنَ عزلتهِ مع دولِ الخليجِ، وتوتُّرِ العلاقاتِ معهُ لتضافَ إلى ذلكَ تبعاتُ الأزمةِ السوريةِ وإصطفافاتِ الداخلِ اللبنانيِّ مع وضدَّ النظامِ والمعارضةِ،
وما اوصلتنا إليهِ هذهِ الأزمةُ منْ نزوحٍ سوريٍّ وتبعاتهِ الامنيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والديموغرافيةِ.
***
هلْ منْ اعباءٍ اكبرُ منْ هذهِ الاعباءِ لبلدٍ كلبنانَ اوضاعهُ هشَّةٌ واقتصادهُ بالارضِ ولا رأسَ عليهِ..
المهمُ الآنَ التركيزُ على تجاوزِ أيِّ حربٍ مقبلةٍ لا سيما،
وأنَّ مصادرَ ديبلوماسيةً تؤكِّدُ أنَّ الضربةَ العسكريةَ الاسرائيليةَ كانتْ وشيكةً ضدَّ كلِّ لبنانَ وتحديداً في 22 حزيران الحالي،
لكنَّ التدخُّلَ الاميركيَّ اوقفها ألى ما بعدَ الانتخاباتِ الاميركيةِ..
هذا يعني أنَّ الحربَ حاصلةٌ، لكنَّ المسألةَ مسألةُ توقيتٍ!