#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
فجأةً ومنْ بعدِ صخبٍ وضجيجٍ وتحريضٍ وصرخاتِ غضبٍ واعلامٍ،
خفَّتْ الاصواتُ حولَ النزوحِ السوريِّ لتعودَ وتأخذَ مكانها في التحرُّكاتِ الرسميةِ،
ولا سيما مع محادثاتِ مديرِ عامِ الامنِ العامِ بالوكالةِ العميد الياس البيسري في سوريا، ومع موقفِ رئيسِ مجلسِ النوابِ نبيه بري بقولهِ عن ضرورةِ وجودِ السوريينَ في لبنانَ ضمنَ النظامِ.
وهكذا يكونُ منْ كبسَ الزرَّ في الصراخِ عادَ فأطفأهُ من دونِ ان نعرفَ منْ كانَ وراءهُ، وما مصلحتهُ في ذلكَ اليومِ رغمَ خطورةِ هذا الملفِّ.
وعليهِ يعودُ اللبنانيونَ وعمالُ لبنانَ في عيدهمْ الحزينِ ليغرقوا في الجنونِ الآخرِ المتعلِّقِ بإنهياراتهمْ الماليةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ،
ولا سيما مع اعلانِ البنكِ الدوليِّ تصنيفَ لبنانَ الاعلى تضخُّماً في العالمِ في اسعارِ الموادِ الغذائيةِ،
فكيفَ سيتعاطى منْ تبقَّى في سدَّةِ المسؤوليةِ في البلادِ مع هذا الاعلانِ المعروفِ منهمْ بالتأكيدِ، والذي يلمسهُ المواطنُ كلَّ لحظةٍ وسيزدادُ اعتباراً من اليومِ مع سريانِ الرواتبِ الجديدةِ للقطاعِ العامِ، هذا إذا لم تتمَّ زيادةُ هذهِ الرواتبِ بعد نتيجةِ التفاوضِ من جديدٍ.
***
لكنْ وسطَ كلِّ ذلكَ يأتي الرقمُ المخيفُ الذي عُرضَ في لجنةِ الاشغالِ النيابيةِ في الايامِ الماضيةِ،
حولَ كلفةِ الكهرباءِ سنوياً في المخيماتِ السوريةِ، والتي بلغتْ حسبَ الارقامِ الرسميةِ اربعمايةَ مليونِ دولارٍ سنوياً.
اللجنةُ ولو أنها لمستْ تقدُّماً طفيفاً في الجبايةِ حسبَ التعرفةِ الجديدةِ، لكنها صُدِمتْ بارقامِ المخيماتِ، فهلْ تدفعُ المخيماتُ ومنْ يدفعُ عنها؟
أليسَ اللبنانيونَ الذينَ سيرتفعُ دولارُ كهربائهمْ الى 104 الافِ ليرةٍ حسبَ التعرفةِ الجديدةِ عن شهري كانون الثاني وشباط،
كما هو متوقَّعٌ أي سعرُ صيرفةِ الرسميِّ زائدٌ عشرينَ بالمئةِ...
فمنْ هو القادرُ على دفعِ هذهِ المبالغِ الهستيريةِ، أولم يكنْ على اساسِ ان ثمَّةَ نواباً سيطعنونَ بالتعرفةِ الجديدةِ لإعادةِ النظرِ فيها، وما دامَ سعرُ صيرفةٍ هو الذي صارَ مُعتمداً أينما كانَ وفي كلِّ المعاملاتِ، وجديدهُ اليومَ التعرفةُ بــ TVA على سعرِ صيرفةٍ للفواتيرِ بالدولارِ الاميركيِّ (وهي على سبيلِ المثالِ في جميعِ السوبرماركت)،
فلماذا إذاً اعتمدنا السعرَ الرسميَّ للدولارِ خمسةَ عشرَ الفَ ليرةٍ لبنانيةٍ؟
ولماذا لا يزالُ المواطنُ يقبضُ اموالهُ من المصارفِ على سعرِ منصةٍ هو خمسةَ عشرَ الفِ ليرةٍ لبنانيةٍ؟
واساساً إذا ارادَ المواطنُ ان يربحَ من صيرفةٍ فثمةَ مواطنونَ لم يقبضوا اموالهمْ من المصارفِ والتي اودعوها لديها قبلَ اشهرٍ،
وجوابُ المصارفِ ان مصرفَ لبنانَ لا يُعطيهمْ اموالاً...
منْ أينَ يأتي الناسُ بالاموالِ لدفعِ مستحقَّاتهمْ...
وهلْ الخوفُ من زيادةِ المنصَّةِ عن خمسةَ عشرَ الفاً هو تجنبٌ للمزيدِ من التضخُّمِ؟
***
ما دامَ الغريقُ يغرقُ فما همُّنا من البللِ...
فالبلادُ تغرقُ والناسُ تغرقُ ولا نعرفُ لماذا انتخابُ رئيسٍ للجمهوريةِ سيُعيدُ الامورَ إلى نصابها طالما ان الحلولَ بعيدةُ المدى،
وحتى إن انتخابَ رئيسٍ هو بعيدُ المدى ولا سيما ان زيارةَ الوزيرِ الايرانيِّ الى بيروت، وكما صارَ معلوماً لم يتمَّ التطرقُ فيها ابداً الى انتخابِ رئيسٍ جديدٍ باعتبارِ ان السوريينَ لم يُفاتحوا الايرانيينَ بعدُ بالمسألةِ...
إذاً علينا الانتظارُ، والانتظارُ طويلٌ!