#الثائر
لجأ «حزب الله» في الساعات الماضية إلى التصعيد بعد كلام معارضيه عن فشل مساعيه مع الفرنسيين لإقناع فرقاء في الداخل والخارج بالسير في ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مقابل قبوله بتولي السفير السابق نواف سلام رئاسة الحكومة.
وقال رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله»، هاشم صفي الدين، أمس، إن «لبنان يمر اليوم في مرحلة خطيرة جداً، وهو ليس مأزوماً فقط، وإنما ينتقل الآن من مرحلة التأزّم إلى مرحلة الفوضى العارمة؛ لأن ما بين التأزّم والفوضى هناك التخبط، وهذا ما يعيشه لبنان الآن، حيث نرى أن هناك انفراطاً عملياً للوزارات، والمؤسسات الحكومية ليست قادرة وعاجزة، والموظف الحكومي لا يستطيع أن يؤمن من خلال راتبه أدنى مقومات العيش... هناك انفراط قضائي ودستوري، وخلافات طاحنة على أقل الأمور، فضلاً عن تراكم الخلافات والنقاشات العقيمة».
ورأى صفي الدين أنه «إذا لم يسارع بعض اللبنانيين إلى ما يُعرض عليهم الآن، فسيأتي الوقت الآتي وهم غير قادرين على أن يحصلوا حتى على العرض الذي يُعرض عليهم اليوم، وبالتالي على هؤلاء أن يستعجلوا اغتنام هذه الفرصة، فالتأخير ليس لمصلحتهم على الإطلاق؛ لأنهم فاقدو أوراق القوة التي يدّعون ويتخيلون أنهم يمتلكونها، ولكن في الحقيقة هم لا يمتلكونها»، معتبراً أن «ما يحصل في المنطقة يدل بشكل واضح على أن الأمور تتبدل وتتغيّر، وكل هذه التبدلات لا تأتي صدفة، فهذا نتاج التعب والسهر والدم والعطاء».
وكان تصعيد «حزب الله» داخلياً، رداً على رفض القوى المسيحية الأساسية السير بترشيح فرنجية، بدأ عبر نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي اعتبر أن «البلد أمام مرشحين: أحدهما جِدِّي والآخر هو الفراغ، وكل المؤشرات المحلية والتطورات الإقليمية لا تنبئ بتغيُّر المشهد»، داعياً إلى حسم «خيارنا اليوم باختيار الأقرب إلى الفوز بالرئاسة، بالحوار وتذليل العقبات لإنقاذ البلد، وعدم إضاعة الوقت سدى بتحقيق النتيجة نفسها بعد طول انتظار».
وهذه المرة الأولى منذ شغور سدة الرئاسة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي يخيّر فيها الحزب بوضوح القوى السياسية اللبنانية بين انتخاب مرشحه والفراغ.
ووضع مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، هذا الموقف «التصعيدي» في إطار سعي «حزب الله» إلى «تعزيز موقعه التفاوضي والتعويض عن عدم نجاح التسوية التي كان هو والإيرانيون يعملون عليها مع الفرنسيين، والتي لم تصل إلى مبتغاها لعدة أسباب، أبرزها أن فرقاء آخرين يُفترض أن يكونوا شركاء فيها لم يقتنعوا بها، ولذلك كان التراجع الفرنسي أخيراً بإعلان باريس أن لا مرشح لها لرئاسة الجمهورية». ورأى نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه حتى الساعة «لم يحن وقت التسوية الرئاسية في لبنان بحيث إن الملف اللبناني ليس أولوية».
وربط بعض المصادر بين تصعيد «حزب الله» والمواقف التي أطلقها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أكد في إطلالته الإعلامية الأخيرة، تمسكه، مع قوى المعارضة الأخرى، بتعطيل نصاب جلسة تؤدي لانتخاب فرنجية، حتى إنه ذهب بعيداً بالقول إن «الأزمة الحالية دفعتنا للبحث في تركيبة النظام»، معتبراً أن «علينا التوقف عند كل ما حصل لنصل إلى حقيقة واضحة (هي) أن هذه التركيبة (مش ظابطة) وعلينا البحث بها»، في إشارة إلى أن تركيبة النظام الحالية غير صحيحة. وتساءل: «لماذا لا يمكننا الذهاب إلى تركيبة مشابهة لبلجيكا مثلاً؟ المطلوب هو أبعد من لا مركزية إدارية، وعلينا البحث جميعاً بالتركيبة الجديدة».
وخلال اجتماعه الدوري يوم أمس، دعا «لقاء سيدة الجبل» (جمعية مسيحية)، «جميع القوى المعارضة لـ(حزب الله) داخل البرلمان وخارجه إلى الالتقاء والمساهمة في خلق نصاب سياسي يطالب برفع الاحتلال الإيراني عن لبنان، ويتمسك بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني وقرارات الشرعيتين العربية والدولية، وليتم الاتفاق على اسم واحد مشترك ولو ظل الاختلاف قائماً على أخرى».