متفرقات

نوعية جديدة من المواجهات بين المصارف و"الدولة"

2023 آذار 06
متفرقات الجمهورية

#الثائر

ما هي الحقائق التي تمخضّت عن الاضراب الذي نفذته المصارف لفترة، وهو مُعلّق اليوم حتى العاشر من آذار الجاري، بانتظار ما سيَستجد من تطورات لكي يُبنى على الشيء مقتضاه؟

لا شك في انّ قراءة متأنية في مضمون البيان الصادر عن المصارف في 3 آذار الجاري، والذي أعلنت فيه تمديد فترة تعليق الاضراب حتى العاشر من آذار 2023، تُظهر انّ أسلوب المصارف في مقاربة الأزمة بدأ يتبدّل، وأن المقتنعين في صفوف المصرفيين بضرورة اتخاذ موقف صَلب حيال السلطتين السياسية والنقدية، بدأ يزيد عددهم. وهذا يعني ان نوعية المواجهات في المرحلة المقبلة قد تتغيّر. لماذا هذا التغيير الآن؟ والى أين يمكن أن يصل في النتيجة؟

يبدو انّ ادارات المصارف أُصيبت بصدمة بعدما لاحظت انّ المسؤولين لا يقدّرون حجم المخاطر التي تهدّد القطاع المالي، جرّاء بعض الممارسات القضائية، وبعض الاستهتار القائم، سواء من السلطات القضائية المختصة، او من قبل السلطات السياسية. وشهدت المصارف على حالة من العقم في اتخاذ القرارات، وشعرت في فترة من الفترات بأن القطاع المصرفي قد ينهار بخفّة غير مسبوقة. وهذا ما يفسّر اللجوء الى الاضراب، مع علمها المسبق بأنّ الاغلاق سيؤدي الى زيادة النقمة الشعبية ضدها. لكنها اعتبرت انها الطريقة الوحيدة التي قد توقِظ من يعنيهم الامر من سباتهم العميق.

اليوم، تبدو المصارف وكأنها انتقلت الى مرحلة جديدة عنوانها الضغط والمواجهة مع الطرفين اللذين يرتبط الحل بالقرارات التي سيتخذانها، وهما «الدولة» ومصرفها المركزي. وهنا، يعتبر البعض ان لا وجود لطرفين، بل لطرف واحد هي الدولة على اعتبار انّ البنك المركزي، وإن كان يتمتع بالاستقلالية في عمله، الا أنه جزء من هذه الدولة، بل انّ الدولة مسؤولة عنه وفق ما ينص القانون. وهذا ما يفسّر ورود المادة 113 من قانون النقد والتسليف في بيان المصارف الاخير. وهو البند الذي ينصّ على مسؤولية الدولة في تسديد الخسائر التي قد يُمنى بها مصرفها المركزي.

بالاضافة الى خسائر المركزي، باتت المصارف تصرّ على ان تحسم الدولة أمرها من مسألة الديون المترتبة عليها، وان تعلن كيف ستتعاطى مع هذه الديون. ولا بد من البدء في التفاوض مع الاطراف الداخليين والخارجيين حول مصير هذه الديون، لأنّ ذلك سيشكّل خارطة طريق لمعرفة الاتجاه الذي ستسلكه الأزمة في المرحلة المقبلة.

إنطلاقاً من هذه المواقف المصرفية، يمكن توقّع مرحلة عضّ اصابع قاسية في الفترة المقبلة، بين المصارف والدولة ومعها مصرف لبنان. فقد وصلنا الى ساعة الحسم، خصوصاً ان المودع، وإن أدرك ان امواله أنفقتها الدولة، إلا أنه يعتبر، وهذا حقه الطبيعي، انّ المصرف هو المسؤول تجاهه عن ضياع وديعته. وبالتالي، أدركت المصارف بدورها ان سياسة المهادنة الدائمة مع الدولة ومع مصرف لبنان قد تجعلها تدفع الثمن لوحدها. وبالتالي، سيدفع المودع ايضا الثمن الأكبر، بحيث سيفقد امواله، وسيفقد البلد قطاعه المصرفي.

هذه الوقائع التي شكّلت الدافع الاساسي نحو اعلان الاضراب، ومن ثم إصدار البيان الأخير، تعني عملياً انّ المصارف تتخلى تدريجاً عن سياسة التحفّظ والمهادنة، وقد نشهد في المستقبل القريب قرارات لم تكن واردة من قبل. هذه القرارات يمكن ان تأخذ سياق محاولة تحديد المسؤوليات، لكي لا يبقى القطاع لوحده في المواجهة، في حين انّ الطرف الاساسي في الأزمة (الدولة) تلعب دور الحَكَمْ، وأحياناً المُحرّض. وما هو مُستغرب اكثر ان الدولة تتعاطى مع مصرفها المركزي وكأنه كيان غريب عنها، اذ انّ قسماً ممّن في السلطة يهاجم البنك المركزي ويحمّله مسؤولة الانهيار، من دون ان يَعي انّ الدولة، والسلطة السياسية التي تمثل هذه الدولة، بموجب نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، هي المسؤولة قانونياً وأخلاقياً عن النتائج التي قد تتمخّض عن اي سياسة يتبعها البنك المركزي.

في المرحلة الجديدة، لن يكون مستبعداً ان ينتقل «الصراع» بين الدولة ومصرفها المركزي من جهة، وبين المصارف من جهة أخرى، الى القضاء، سواء المحلي او الدولي. وهناك من يعتقد ان الوصول الى هذه المواجهة قد لا يكون كارثياً، لأنه قد يحسم الجدل في تحديد المسؤوليات، وفي توزيع الخسائر، ويعطي دفعاً لتسريع الاتفاق على خطة للتعافي، تسمح بإعادة الحقوق الى المودعين المستحقين، وتمنع انهيار القطاع المصرفي، وتعيد الاقتصاد الى سكة

التعافي.

الجمهورية

اخترنا لكم
عودةٌ إلى الوراءِ!
المزيد
هل نحن مقبلون على حرب شاملة؟
المزيد
خوفًا من الصراع... شركات طيران تعلّق رحلاتها إلى الشرق الأوسط
المزيد
"شُحنَت في صيف 2022".. شركة "البايجر" وهمية؟
المزيد
اخر الاخبار
"خطواتٌ جديدة" على الحدود!
المزيد
بزشكيان: ندعو إلى وحدة المسلمين لوقف المجازر الإسرائيلية
المزيد
تعليق للشركة اليابانية حول انفجارات أجهزة اللاسلكي
المزيد
الحزب ينعى مؤسّس قوة الرضوان ابراهيم عقيل وهيئة أركانها
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
كم بلغت اعمار الحالات ال12 المتوفاة اليوم؟
المزيد
ازولاي: سننظم اجتماعا للدول المانحة اواخر ايلول لإعادة احياء مدينة بيروت التاريخية
المزيد
قناة إسرائيلية: غانتس يأمر الجيش الإسرائيلي بتدمير منشآت لبنانية حيوية عند أي هجوم لـ"حزب الله"
المزيد
قوى الامن: توقيف أحد أخطر مطلوبي البقاع على طريق عام بريتال
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
اتفاقية تعاون بين جمعيّتي "غدي" و"الملكية الاردنية لحماية الطبيعة" الناصر: حماية الطبيعة لا تعرف حدود، فهي مثل الطائر الذي يطير وينتقل من مكان إلى آخر غانم: نؤمن أن التعاون هو أرقى أشكال التطور
بيان للدفاع المدني بعد الانتهاء من عمليات إطفاء مطمر برج حمود
شكوى بجرائم بيئية ضد الدولة اللبنانية امام مجلس حقوق الانسان الدولي
محمية أرز الشوف في المنتدى الإقليمي للحفاظ على الطبيعة لدول غرب آسيا، هاني: نعمل مع شركائنا لزيادة المناطق المحمية
لجنة البيئة تواكب حريق المكب وتدعو لإقفال المطامر الشبيهة.. وياسين يعتذر
فياض: تنظيف مجاري الأنهر بمزايدات لتفادي الفيضانات وحماية البنى التحتية