#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
انتهتْ انشغالاتُ الناسِ بالمونديال،وعادوا في اسبوعِ الاعيادِ ليُعاينوا حالاتهمْ اليوميةَ الحزينةَ.
فرِحَ منْ كانَ مع الارجنتين، وحَزِنَ من كانَ مع فرنسا، ولو في الدقائقِ الاخيرةِ.
وعادَ الناسُ الى الرقعةِ الضيِّقةِ التي لم تعدْ تَسع احزانهمْ ودموعهمْ.
عادوا الى لبنانَ كوطنٍ وكفكرةٍ وكمساحةٍ جغرافيةٍ يجتمعونَ فيها وتحتها، ولكنْ هلْ عادَ اللبنانيونَ الى الدولةِ التي تخلَّتْ عنهمْ؟ بالتأكيدِ لا... فهمْ استسلموا منذُ زمنٍ وتركوا الدولةَ تُديرُ إنهياراتِها لوحدها، وأخذوا همُ المبادرةَ بتدبيرِ شؤونهمْ لوحدهمْ.
لم نفهمْ سببَ ازدحامِ السيرِ في العاصمةِ في الويك اند، هلْ استفادَ الناسُ من الطقسِ المشمسِ ليأخذوا من الطبيعةِ ما عندها من شمسٍ في كانون، أم نزلوا الى الاسواقِ للتسوُّقِ؟
وهلْ العجقةُ بلا "بركة" كما يقولُ اصحابُ المحلاتِ التجاريةِ؟
أم ان الناسَ تريدُ الخروجَ للحياةِ وتنتقمُ كيفما كانَ من منظومةٍ سلبتها اموالها وارزاقها ومستقبلها؟
قلَّةٌ همُ الذينَ ينزلونَ.. ولو للفرحةِ او للتسوُّقِ، اما الصامتُ الاكبرُ فهمْ هؤلاءُ الذينَ تدمعُ عيونهمْ في العيدِ بلا كسرةِ خبزٍ في المنازلِ، ولا حبةَ دواءٍ ومُسكِّنٍ في الادراجِ، ولا قرشاً ابيضَ في الجيوبِ،
هولاءُ هم المنتظرونَ بصمتٍ، رجاءً قد لا يأتي، وشمساً قد لا تطلعُ، وصباحاً قد لا يَبزغُ...
ماذا فعلتْ هذهِ الدولةُ لهؤلاءِ الذينَ يُديرونَ شؤونهمْ بأنفسهمْ ويَعصرونَ الساعاتِ عصراً ليُحصِّلوا لقمةَ العيشِ وثمنَ المولِّداتِ وبدلاتِ النقلِ والبنزين واقساطَ المدارسِ والجامعاتِ، باختصارٍ...
كلفةُ الحياةِ الصعبةِ لا بل المستحيلةِ، لا بلْ الاشغالُ الشاقةُ في بلدٍ تأخذُ سلطتهُ الحاكمةُ شعبهُ الى الاعدامِ يومياً.
***
يُقالُ ان عامَ 2023 سيكونُ اسوأَ بكثيرٍ على صعيدِ الحياةِ، وأن العامَ المقبلَ سيكونُ فعلياً "الجحيمَ" خصوصاً عندما ترتفعُ نسبةُ التضخُّمِ اكثرَ بكثيرٍ وتنعدمُ القدرةُ الشرائيةُ للناسِ اكثرَ فاكثرَ، وتنهارُ العملةُ ويتراجعُ احتياطيُّ مصرفِ لبنانَ ويغيبُ الدعمُ عما تبقَّى.
ولعلَّ غيابَ المؤسساتِ وإن كانتْ لا تقدِّمُ ولا تؤخِّرُ عندَ الناسِ سيكونُ عاملاً غيرَ مشجعٍ لتقديمِ أيِّ عونٍ دوليٍّ للبلادِ او قرضٍ او هبةٍ إلاَّ عبرَ المؤسساتِ الاجتماعيةِ ومؤسساتِ المجتمعِ المدنيِّ، والتي هي بدورها بحاجةٍ لِمنْ يتابعها ويُراقبها ويُسائلها...
مشوارٌ طويلٌ في جلجلةِ اللبنانيينَ ولا ملامحَ قيامةٍ. هو حديثٌ في زمنِ الميلادِ عن جلجلة آتيةٍ ونقولها للأسفِ.
ويزيدُ في الاعيادِ عبءٌ لعلَّهُ الاكثرُ ثقلاً على الناسِ، هو موضوعُ اللاجئينَ السوريينَ في البلادِ، وقد كانَ واضحاً وزيرُ الطاقةِ وليد فياض حينَ قالَ في كلامهِ التلفزيونيِّ الاخيرِ،
ان اللبنانيينَ وبموجبِ التعرفةِ الجديدةِ يدفعونَ عن كلِّ اللاجئينَ بمنْ فيهم السوريونَ والفلسطينيونَ ...
وحتى الساعةَ... لا حلَّ لهؤلاءِ تماماً كما لا حلَّ لقضيةِ اللاجئينَ الفلسطينيينَ ..
شعوبٌ كثيرةٌ تعيشُ على ارضٍ بالكادِ يكفي خُبزها لشعبٍ واحدٍ...
كم هي حزينةٌ هذهِ الاعيادُ.. وحمى اللهُ لبنانَ من الآتي عليهِ وإليهِ..
رغمَ كلِّ شيءٍ إيمانُنا ساطعٌ.. وواجبنا الاحتفالُ بالاعيادِ!