مقالات وأراء

بعد التوافق على الخط 23+ اتفاق وتنقيب أم خلاف وتعطيل

2022 حزيران 17
مقالات وأراء

#الثائر

- " ياسر هلال "

لا إسرائيل بوارد الاعتداء على مياه لبنان البحرية الرسمية، ولا حزب الله بوارد الدفاع عن مياه لبنان غير الرسمية. وعليه فإن الانجاز الذي حققه أموس هوكشتاين، بعد استدعائه العاجل، بانتزاع موقف موحد من الرؤساء الثلاثة بتبني (الخطة 23+)، كان بمثابة وضع السلم لنزول أركان السلطة عن شجرة الخط 29، وعن ظهر سفينة إنيرجيان باور. ولننتظر إلى دون ان يكون مؤكداً صمود هذا التوافق لفترة طويلة.

هذا في الشكل. أما في المضمون، فأقل ما يقال "يا عيب الشوم". فالإتفاق على الخط 23 حاصل منذ عدة سنوات، وإسرائيل كانت جاهزة للاعتراف به بعد مفاوضات ومماحكات لتحصيل ما يمكن تحصيله. وهو ما سيحصل طبعاً خلال الفترة المقبلة، سواء عبر مفاوضات غير مباشرة في الناقورة، أو عبر جولات مكوكية لهوكشتاين أو من يخلفه في منصبه. وهذه المفاوضات لن تكون سريعة وميسرة كما يشاع، خاصة فيما يتعلق "بتكويعة" حقل قانا. ومن يشكك في هذ الكلام ليراجع خريطة البلوكات الإسرائيلية، المرفقة، وليلاحظ ان البلوكات في المنطقة بين الخط 23 والخط 1 هي بلوكات مصطنعة من حيث الشكل والحجم. ولو لم يكن وضعها بغرض المساومة عليها، لتم دمجها مع البلوكات المجاورة. أو فليراجع وثيقة دورة التراخيص في البلوك 72 "ألون دي" التي تنص على منع الشركة الفائزة من مباشرة التنقيب والحفر إلا بعد الحصول على موافقة مكتوبة من اجهزة الدولة المعنية كرئاسة الوزراء والجيش الخ. يضاف إلى ذلك أن الخط 29 لم يتم اكتشافه قبل عامين، فهو معلن منذ العام 2011 ويعرف كل المسؤولين أنه الأكثر دقة من الناحيتين القانونية والتقنية. وبالتالي لم يكن الأمر يحتاج هذه "المسرحية" وكل هذا التعطيل للتراجع عن خط واعتماد آخر.

طوائف التفريط والتوريط والتعطيل

أما لماذا تم طرح الخط 29 على بساط البحث ومن ثم التراجع عنه لصالح اعتماد الخط 23، فيرجع ذلك إلى سببين:

الأول هو وباء الطائفية والشعبوية والفساد، حيث سعت كل طائفة وكل طرف إلى الاستئثار بملف النفط والغاز وضمنا الترسيم، للفوز بالمكاسب السياسية والمالية. ورفعوا خناجر التفريط والتوريط والتخوين والتعطيل بوجه بعضهم بعضاً. فالسنية السياسية التي تم استبعادها من قبل الشيعية والمارونية السياسية عن الملف منذ العام 2008، تولت تعطيل دورة التراخيص الأولى وإصدار المراسيم لمدة ثلاث سنوات. ومن ثم تحالفت مع المارونية السياسية لتعطيل ملف ترسيم الحدود الذي استأثرت به الشيعية السياسية والتي نجحت بإبرام اتفاقية الإطار على أساس الخط 23 مسجلة "نصراً مبيناً". ولكن المارونية السياسية انقضت على هذا "الانتصار" بسلاح الخط 29 وتهم التفريط بالحقوق والثروات وبالسيادة أيضاً. وليتم نقل الملف من عين التينة إلى القصر الجمهوري، مع ان الجميع كان يعلم ان الخط 29 هو كلمة حق إريد بها باطل، لأن توقيع المرسوم وإيداعه في الأمم المتحدة يعني الذهاب إلى حرب "ما حد قدها"، إلا التغييريين الذين وجدوا في تعديل المرسوم فرصة للظهور "والتمريك" على حزب الله والعهد.

السبب الثاني: هو أن ملف النفط والغاز، أصبح ضمن "بازار" تطور أزمة المنطقة سلماً أم حرباً. والتقت مصالح الجميع خاصة أميركا وإيران على إبقاء هذا الملف مفتوحاً للمساومة عليه والضغط من خلاله. أما في حال حصول التسوية فيصبح بديهياً أن تكون ثروة النفط والغاز في صلب عملية تقاسم المغانم تبعاً لميزان القوى. ولن يكون مستغرباً تحقق الحديث المتواتر حالياً عن احتمال انسحاب شركة نوفاتك الروسية من الكونسورتيوم الفائز بدورة التراخيص الأولى لتحل محلها شركة أميركية. كما لن يكون مستغرباً فوز كونسورتيوم يضم شركات هندية وقطرية وربما إيرانية وطبعاً شركات غير مشغلة قريبة من الثنائي الشيعي بدورة التراخيص الثانية التي سيظل وزراء الطاقة يمددون أجلها حتى يقضي الله أمراً كان مقضياً.

فساد وليس مؤمرات كونية

ونفتح مزدوجين للإشارة إلى قضية مهمة وهي ان تخلف لبنان عن تحقيق أي إنجاز في ملف النفط والغاز خلال الـ 15 سنة الماضية، التي تحولت خلالها إسرائيل وقبرص إلى دول مصدرة، لا يرجع إلى مؤامرة كونية لإفقاره ومحاصرته كما يشيعون. بل يرجع إلى فساد وطائفية الطبقة السياسية. فهل نتذكر كيف تم فرض حفر بئر في البترون مقابل بئر في الجنوب. وهل نذكر كيف تم ابتزاز شركة توتال لأجبارها على إقامة قاعدة لوجستية في الجنوب وأخرى في كسروان أو البترون بدلا من قاعدة واحدة في بيروت. وهل نذكر كيف تم ابتداع نص في قانون الموارد البترولية يفرض تشكيل كونسورتيوم مكون من شركة مشغلة (شركة دولية كبري) وشركتين غير مشغلتين لحجز حصة للسياسيين ولحلفائهم من رجال الأعمال في ثروة النفط، وكيف اندفعوا لتأسيس عشرات الشركات في جزر الكايمان وغيرها. وبعض هذه الشركات لم يتجاوز رأسمالها 10 ألاف دولار. وذلك بدلاً من تأسيس شركة نفط وطنية لتكون شريكاً للشركات الأجنبية، ويساهم فيها كل اللبنانيين مقيمين ومغتربين شرط ان لا تتجاوز حصة المساهم 5%.

فهل يتخيل عاقل أن هناك شركة دولية ستضخ استثمارات بمئات ملايين الدولارات في بلد تعطل حكومته إصدار مراسيم دورة تراخيص لمدة ثلاث سنوات، أو يعطل سياسيوه ترسيم حدوده مع العدو لمدة 15 عاماً. وأي شركة ستتقدم لدورة التراخيص في البلوكات الشمالية والغربية طالما لم يتم حتى الآن مجرد البحث بترسيم الحدود مع سوريا وقبرص. ويصرون على إقناعنا أن هناك مؤامرة كونية على منع لبنان من استخراج نفطه وغازه.

فرحة هوكتشاين لن تطول

بالعودة إلى فرحة السيد آموس هوكشتاين بالحصول على موقف موحد من زعماء الطوائف والمسؤولين، فمن يظن أنها ستطول فهو واهم. فهذا الموقف فرضته ضرورة التعامل مع التطور "المفاجئ وغير المتوقع" لمباشرة سفينة الانتاج والتخزين إنيرجيان باور العمل في حقول الشمال الثلاثة كاريش الشمالي والجنوبي وتانين. وسرعان ما ستعود "حليمة لعادتها القديمة" في التعطيل والتفريط والتوريط والتخوين. فالرئيس بري مثلاً لم يشأ تمرير إعلانه "ان رئيس الجمهورية هو من سيتولى إبلاغ هوكشتاين الموقف الرسمي"، بدون التذكير بإتفاقية الإطار. والوزير جبران باسيل، هدد بأن لبنان سيرد على أي تلكؤ من قبل إسرائيل وأميركا، بالمبادرة إلى توقيع مرسوم الخط 29 وإيداعه لدى الأمم المتحدة معترفاً ان هذه الخطوة "ستؤدي إلى الحرب والدم". أما السيد حسن نصرالله فيقف "صامداً صابراً خلف الدولة"، إلى أن يحين وقت "حكي الجد".

استغلال المكامن المشتركة

وإلى ان يحين "وقت الجد" هناك ملف تجدر مقاربته بمنتهى الجدية، وهو المكامن المشتركة التي يؤكد الخبراء والمسوحات ثنائية وثلاثية الأبعاد احتمال وجودها بغض النظر عن اعتماد الخط (23+) او 29.

وبغض النظر عن مدى الإعجاب بالوزير باسيل، فقد فجر في مقابلته التلفزيونية، قنبلتين لم يسمع صداهما للأسف، تمثلت الأولى بالمطالبة صراحة بتقاسم المكامن المشتركة من خلال شركات دولية أو عربية، وهو أمر يرفضه حزب الله مع انه منصوص عليه صراحة في قانون الموارد البترولية. والثانية تتعلق بالمطالبة بأن تتضمن المفاوضات مع إسرائيل الحصول على داتا المسوحات ثلاثية الأبعاد التي اجريت في أجزاء من البلوكين 9 و 8... ومع أننا لا نعرف أهمية هذه المسوحات واحتمال وجود حقول ضخمة. لكن تقفز إلى الذهن العبارة الشهيرة للجيوليوجي كونستانتينوس نيكولاو، عضو مجلس إدارة شركة الهيدروكربون القبرصية ومستشار شركة إنيرجيان: "ان حقل ظهر العملاق، هو مجرد شجرة على حافة غابة"... ولذلك حيث آخر...

ولذلك حديث آخر

يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.

اخترنا لكم
باسيل: نحن مع وقف النار ولسنا حلفاء حزب الله في بناء الدولة لكننا معه في مواجهة إسرائيل
المزيد
ذكرى الاستقلالِ وبورصةُ القرارِ 1701!
المزيد
جنبلاط: الوضع سيستمر بالتدهور بسبب الموقف الغربي.. وإيران من يتولّى المسؤولية في الحزب
المزيد
المرتضى: الاساءات الى طائفة الموحدين الدروز مستهجنة تخدم العدو ومرتكبها حسابه عسير
المزيد
اخر الاخبار
سليم: لبنان يتمسك ببقاء اليونيفيل والتعاون مع الجيش في تنفيذ الـ1701
المزيد
بعد حالة الذعر في المدارس جراء القصف الاسرائيلي للضاحية.. هذا ما قاله الحلبي
المزيد
سيارة "مشبوهة" في راشيا!
المزيد
السفارة الأوكرانية: التهديدات الصاروخية ضد أوكرانيا مستمرة
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
القرار 1701 تجاوزه الزمن وانتخاب الرئيس مرتبط بالتسوية؟
المزيد
مصلحة الليطاني: جنبلاط اكد خلال تواصله معنا رفضه التام لاقتحام معمل الاولي من قبل محتجين
المزيد
اسقاط "الميغاسنتر"في مجلس الوزراء وترحيله الى انتخابات 2026.. عون: ليتحمل كل طرف مسؤولية موقفه
المزيد
الحزب التقدمي الأشتراكي!! إلى أين؟؟؟
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
علماء المناخ يحذرون من أن انبعاثات الوقود الأحفوري ستبلغ مستوى مرتفعا جديدا
مؤشرات علمية.. 2024 العام الأشد حرارة في التاريخ
روسيا.. ابتكار مواد جديدة تحارب جفاف التربة
الأمم المتحدة: نقص التمويل يعيق جهود التكيف مع تغير المناخ
روسيا.. ابتكار خبز خاص لمرضى السكري بمكونات بيولوجية نشطة
COP29.. رئيس دولة الإمارات يؤكد أهمية تسريع العمل المناخي