#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
اكثرُ من شهرٍ على غرقِ مركبِ الموتِ، ولا احدَ يعرفُ الحقيقةَ، والتحقيقاتُ شبهُ متوقفةٍ وعددٌ كبيرٌ من المفقودينَ في حُكمِ الغرقى او العابرينَ الى دنيا الحقِّ.
الاسبابُ للهجرةِ في البحرِ هي نفسها... الضحايا همْ أنفسهمْ، والمسؤولونَ همْ أنفسهمْ.
فمنْ يسألُ عن الناسِ، ومنْ يوقفُ مجزرةً جديدةً آتيةً من البحرِ بحقِّ ابرياءٍ يُصدِّقونَ كلَّ مرَّةٍ تجارَ دمٍ وبحرٍ، يُغطِّيهمْ نافذونَ في الدولةِ وخارجها...
مَنْ يسألُ عن شعبنا؟
وهلْ ثمَّةَ من يقولُ للناسِ الى أينَ يقفزُ الدولارُ في السوقِ السوداءِ، وما هي تداعياتهُ على الناسِ والفقراءِ، وحتى على من كانوا من الطبقةِ المتوسطةِ؟
نراقبُ كلَّ ساعةٍ التطبيقاتِ والمنصَّاتِ لنتابعَ حركةَ الدولارِ،
التي على اساسها صارَ تاجرُ الخضارِ يبيعُ منتجاتهِ، وبائعُ اللحومِ يتفنَّنُ بقلبِ اسعارهِ، وجدولُ تركيبِ اسعارِ المحروقاتِ من بنزينٍ وفيول وغازٍ يقفزُ بدورهِ...
تتابعُ التلفزيوناتِ، تغرقُ بالسوادِ وباخبارِ الاعتصاماتِ والاضراباتِ من المطاحنِ الى الافرانِ الى الصيدلياتِ الى المستشفياتِ الى المدارسِ الى الجامعاتِ، الى سائقي السياراتِ العموميةِ، الصرخةُ واحدةٌ: الجوعُ كافرٌ، الموتُ على الابوابِ، الذلُّ إينما كانَ...
انتهتْ الانتخاباتُ، صرفَ بعضُ الذينَ تناولوا مساعداتٍ ماليةً او عينيةً ما عندهم، او ما نالوهُ من مرشحي الصدفةِ والنعمةِ الحديثةِ،
وجاءَ استحقاقُ الحاضرِ بكلِّ مآسيهِ وتناقضاتهِ وهمومهِ...
لم يعدْ الناسُ يفكِّرونَ بالغدِ...صارَ همُّهمْ اليومَ... انسدَّتْ الآفاقُ وانكسرتْ الاحلامُ، وصارَ سقفُ المطالبِ كيفَ نأكلُ ومَنْ أينَ؟
***
هل هذا ما يستحقُّهُ اللبنانيُّ؟ وهلْ هذا هو اللبنانُ الذي كانَ؟ هلْ يستحقُّ شعبنا هذا العقابَ الجماعيَّ من منظومةٍ لم نُسقطها بالكاملِ، لا تزالُ تتحكَّمُ برقابنا وبعيشنا بقلَّةِ مسؤوليةٍ وبوقاحةٍ وبفجورٍ وبلا مسؤوليةٍ؟
لم يعدْ يهمُّ مَنْ ننتخبُ رئيساً لمجلسِ النوابِ، ولا مَنْ يأتي نائباً لهُ.
فاللعبةُ ستبقى هي نفسها طالما ادواتُ واسلحةُ التعطيلِ هي نفسها، والفيتواتُ حتى آشعارٍ آخرَ متبادلةٌ، ولا قدرةَ لاحدٍ على الغلبةِ...
اذاً لا جديدَ تحتَ الشمسِ.
امَّا الحكومةُ التي يتفنَّنُ رئيسُ التصريفِ اليومَ باطارِ توسيعِ صلاحياتها، إذا تأخرَ اختيارُ رئيسِ حكومةٍ غيرهُ،
لكنهُ يغفلُ عليهِ ان ثمَّة مَنْ يُحضِّرُ رئيساً آخرَ للحكومةِ، فيهِ عكسُ كلِّ مواصفاتِ "النجيبِ العجيبِ"،
لكنَّ هذا الاخيرَ باعتقادهِ انهُ من سابعِ المستحيلاتِ طالما ان كلَّ فريقٍ سياسيٍّ او تغييريٍّ يرسمُ معالمَ متناقضةً عن تركيبتها او شكلها او اسمِ رئيسها او محتواها... فكيفَ ستجتمعُ كلُّ هذهِ المتناقضاتِ لترسمَ لوحةَ ايِّ حكومةٍ مقبلةٍ؟
وعليهِ، علينا ان نتعايشَ حتى زمنٍ طويلٍ،
"لربما" مع هذا "النجيبِ العجيبِ،" الذي تكبرُ كلَّ يومٍ معالمُ تسوياتهِ ومساوماتهِ، وتظهرُ للرأيِّ العامِ نتائجَ سياساتهِ البهلوانيةِ، وآخرها ملفُ تلزيماتٍ وعروضِ معاملِ الكهرباءِ، وهذا السِّجالُ السخيفُ الذي لن ينتهيَ.
***
لا يهمُّ الناسَ هذا السِّجالُ. هم محكومونَ بالتعاملِ حتى آشعارٍ آخرَ مع اصحابِ المولِّداتِ، وعليهمْ ان يدفعوا لهمْ بالفريش دولار، ونسوا ولا يتأملونَ ولا يتوسمونَ خيراً حتى اشعارٍ آخرَ بأيِّ وعدٍ او املٍ بالكهرباءِ قبلَ عشرِ او عشرينَ سنةً...
هلْ يكفي ان يقطعَ بعضُ الشبانِ الطرقاتِ في شوارعِ بيروتَ حتى تصحوَ ضمائرُ بعضِ المسؤولينَ؟
الاهمُّ قطعُ رؤوسِ كلِّ من قطعَ ارزاقَ الناسِ وسرقَ جنى اعمارهمْ.
وهذا الارتطامُ الكبيرُ الذي حذَّرَ منهُ مصدرٌ رسميٌّ اليومَ،
لعلهُ يكونُ على رؤوسِ كلِّ من دخلَ الى السلطةِ منذُ 40 عاماً، فاسداً، سارقاً،متآمراً، مستغلاً، وناهباً الى اليومِ.