#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
يحقُّ لنا أن نفكِّرَ، بلا خلفياتٍ، ونسألَ: تُرى، هذهِ الصناديقُ الآتيةُ إلينا من بلدانِ الاغترابِ، هل هي مُصانةٌ من التلاعبِ؟
يستعجلُ المستعجلونَ ويجيبونْ:
"بالتأكيدِ، هي جاءتْ مختومةً ومضمونةً، أوصلتها DHL من المطارِ بحراسةٍ أمنيةٍ، وجرى استيداعها في خزنةِ مصرفِ لبنانَ.
وهناكَ، "الطير الطاير" لا يصلُ إليها…
إنها أمانةٌ لدى الحاكمِ، إلى أن يحينَ وقتُ الفرزِ في 15 أيار…
فلا داعي للهلعِ!
***
لا نعرفُ هنا، هل نبكي أم نضحكُ؟
يا جماعة، كيفَ لا يكونُ هناكَ داعٍ للهلعِ؟ باللهِ عليكمْ أخبرونا!
أخبِرونا:
في مصرفِ لبنانَ، حيثُ ضاعتْ 100 مليارِ دولارٍ، دخلتهُ بشكلِ أوراقٍ نقديةٍ خضراءَ، مدعومةٍ بسنداتٍ ووثائقَ،
هلْ يصعبُ أن تضيعَ بضعةُ آلافٍ من "أوراقٍ تائهةٍ" في صناديقِ الاقتراعِ؟
مصرفُ لبنانَ وطاقمُ السياسيينَ الذينَ أهدروا أموالَ الناسِ ولم يرفَّ لهمْ جَفْنٌ،
الذينَ ابتلعوا فلسَ الأرملةِ وأموالَ الأراملِ والثكالى واليتامى،
هلْ ستُؤنِّبهمْ ضمائرهمْ إذا أهدروا أصواتَ الناسِ في الصناديقِ؟
مصرفُ لبنانَ وطاقمُ السياسيينَ العاملينَ على تذويبِ الودائعِ، بأنواعِ "الهيركات" المكشوفةِ والمستورةِ،
ألا يُخشى أن يقوموا بـ"هيركات" على أصواتِ المعارضةِ والمجتمعِ المدنيِّ مثلاً، وهي نائمةٌ أمامهمْ أياماً في الصناديقِ؟
حاكمُ المركزيِّ وطاقمُ الحكَّامِ والحاكمينَ والمتحكِّمينْ، الذينَ يَحجبونَ عن الناسِ حقيقةَ ما بقيَ في صناديقِ مصرفِ لبنانَ من عملاتٍ صعبةٍ، هلْ نثقُ بأمانتهمْ في صناديقِ الاقتراعِ؟
وهؤلاءُ الذينَ لا يقولونَ لنا كم بقيَ من إحتياطِ الذهبِ، وهو الثاني بحجمهِ في العالمِ العربيِّ، ولا يُخبرونَ أحداً عن مكانِ تخزينهِ،
كيفَ نَضْمَنُ شفافيتهمْ تجاهَ مخزونِ الأصواتِ في الصناديقِ؟
وأولئكَ الذينَ مرَّروا جريمةَ الأموالِ المهرَّبةِ وما زالوا، ويعطِّلونَ الإصلاحَ ولو على قطعِ رؤوسهمْ، هل نثقُ بأنَ صناديقَ الاقتراعِ آمنةٌ في أيديهمْ؟
وأساساً، هل نثقُ بأن العمليةَ الانتخابيةَ بكلِّ فصولها حُرَّةٌ ونزيهةٌ وديموقراطيةٌ، كما هي في أيِّ بلدٍ "طبيعيٍّ" في العالمِ؟
***
إنها مسألةُ ثقةٍ أولاً وأخيراً.
وبالتأكيدِ، الشعبُ لا يثقُ بكم ولا بانتخاباتكمْ.
يُقالُ إن مَن يسرقُ بيضةً يسرقُ مزرعةً بكاملها، ومَن يقتلُ رجلاً يقتلُ شعباً بكاملهِ!
ونحنُ نقولُ:
إن مَن يسرقُ شعباً ويتسلَّطُ عليهِ بالقوةِ وبالوعودِ الملتويةِ البرَّاقةِ،
بديهيٌّ أن يزوِّرَ انتخاباتهِ، بشكلٍ مباشرٍ أو غيرِ مباشرٍ…
التزويرُ بدأ بقانونِ الانتخابِ الذي صُنِعَ على قياسِ حيتانِ السياسةِ، والذي رفعَ الحاصلَ إلى الحدِّ الذي يجعلُ وصولَ الدَّمِ الجديدِ إلى المجلسِ النيابيِّ مستحيلاً تقريباً…
والتزويرُ بدأ بالهيمنةِ واستغلالِ السلطةِ والخدماتِ للضغطِ على الناخبينَ،
والتزويرُ بدأ بقمعِ القوى التغييريةِ ومنعها من القيامِ بحملاتها الانتخابيةِ...
وفي 15 أيار، مَنْ سيضمَنُ عدمَ التزويرِ في الأقلامِ أولاً، وفي الصناديقِ ثانياً؟
ولنتذكَّرْ أن كهرباءَ لبنانَ تضبطُ "التقنينَ" على عملياتِ الفرزِ أحياناً، فيفوزُ الراسبونَ ويرسبُ الفائزونَ؟
***
هلْ ستبقى الصناديقُ بمنأى عن أصابعِ هؤلاءِ المتلاعبينَ أنفسهم، الذينَ امتدتْ أيديهم أساساً إلى ودائعنا وابتلعتها…؟