#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
ستمضي سنواتٌ ربما قبلَ أن يقرأ الناسُ بعضَ كواليسِ تعليقِ سعد الحريري وتيارهِ السياسيِّ العملَ السياسيَّ في لبنانَ حتى لا نقولَ انهاءُ هذا العملِ...
كلُّ المؤشراتِ كانتْ تُوحي قبلَ ثلاثةِ اشهرٍ، وقد كتبنا عنها ان سعد الحريري يذهبُ في هذا الاتجاهِ لاكثرِ من سببٍ،
لكنَّ وقعَ الكلمةِ التي اطلقها سعد الحريري ومشى بعدها عائداً الى ابو ظبي،
كانتْ بمثابةِ هزَّةِ ضميرٍ، وجرسِ إنذارٍ لما نعيشهُ على الصعيدِ السياسيِّ، وعلى صعيدِ الخياراتِ الاستراتيجيةِ، وحتى على صعيدِ حياتِنا الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ،
التي قالها صراحةً سعد الحريري:
انهُ لم ينجحْ في إيصالها الى اللبنانيينَ بشكلٍ مستقرٍّ ومحترمٍ...
***
وتكفي بعضُ ردَّاتِ الفعلِ التي عبَّرتْ بالحزنِ حيناً، او بالغضبِ احياناً اخرى، لنكتشفَ حجمَ الفراغِ الذي سيتركهُ غيابُ دولةِ الحريري وتيارِ المستقبلِ عن المشهدِ السياسيِّ اللبنانيِّ،
ولا سيما عشيَّةَ الانتخاباتِ النيابيةِ، وهنا السؤالُ:
هل ستجري هذهِ الانتخاباتُ وسطَ قلقٍ دوليٍّ ومحليٍّ من مقاطعةٍ معلنةٍ حتى الساعةِ لطائفةٍ ومجموعةٍ سياسيةٍ شئنا أم أبينا، عِمادها سعد الحريري،
وركائزها فؤاد السنيورة وتمام سلام وبهية الحريري وربما نجيب ميقاتي لاحقاً؟
أيُّ انتخاباتٍ ستجري، اذا كانتْ طائفةٌ اساسيةٌ اعلنتْ عصيانَها على الواقعِ الذي يبدو،
ان ايَّ انتخاباتٍ لن تُبدِّلَ فيهِ شيئاً وان الامورَ بعدها ستبقى كما كانتْ قبلها،
ولا سيما وانَ مَنْ يمسكُ بالقرارِ السياسيِّ والامنيِّ والاقتصاديِّ والاقليميِّ في البلدِ، قررَ ان يُبقي البلدَ رهينةً لخياراتهِ؟
وهلْ من بابِ الصدفةِ ان يكونَ لبنانُ يمرُّ بآخرِ امتحانٍ خليجيٍّ عبرَ دفترِ الشروطِ الذي حملهُ وزيرُ الخارجيةِ الكويتي الشيخ احمد ناصر المحمد الصباح الى لبنان، وقرارُ الحريري الخروجُ من الحياةِ السياسيةِ؟
وهلْ يخرجُ الحريري قُبيلَ دخولِ لبنانَ في مرحلةٍ اكثرَ خطورةً على صعيدِ علاقتهِ بالخليجِ خصوصاً،
وان لا املَ مرجوَّاً من ردٍّ لبنانيٍّ ايجابيٍّ على رسالةِ المبادرةِ – الشروطِ الخليجيةِ وان الردَّ اللبنانيَّ سيكونُ ممجوجاً كالعادةِ،
ولنْ يُجيبَ على الاسئلةِ الجدِّيةِ المطروحةِ، ولنْ يذهبَ بعيداً في ادانةِ الاعمالِ ضدَّ الاماراتِ والمملكةِ العربيةِ السعوديةِ.
***
البلدُ امامَ اسابيعَ مفصليَّةٍ، إن على صعيدِ الانتخاباتِ النيابيةِ التي زعزعَ قرارُ الحريري تحالفاتها وخريطتها، ولا سيما على صعيدِ بيروتَ والجبلِ والبقاعِ وطرابلس،
وان على صعيدِ العلاقةِ بالخليجِ في ضوءِ اعتبارِ حزبِ اللهِ ان هذهِ المبادرةَ لا تعنيهِ، وعليهِ سيستمرُ في كلِّ ادائهِ السابقِ إن اعلامياً او ميدانياً.
وإن على صعيدِ التعاملِ مع خطةِ الموازنةِ الهجينةِ المفكَّكةِ، الفوضويةِ الفضيحةِ بكلِّ ما للكلمةِ من معنى،
والاسوأ ما فيها ان مَن يقدِّمها يرفضُ ان تُناقَشَ في الاعلامِ او ان تُرمى بوردةٍ..
فهل يَقبلُ الشارعُ بموازنةٍ تُفقرُ الناسَ اكثر و "تُشلِّحهمْ" آخرَ ما في جيوبهمْ، وتأخذُ من خبزهمْ ودوائهمْ ولا تُعطيهمْ شيئاً؟
على كلماتهِ القليلةِ، كانَ خطابُ سعد الحريري مُدوِّياً، ويَحكي قصصَ الغدرِ والسقطاتِ والخسائرِ والخياناتِ.
ويقفلُ البابَ بحزنٍ على زمنِ 14 اذار والانتصاراتِ والزمنِ الجميلِ الطالعِ من الاغتيالاتِ الى روحِ الاستقلالِ ...
والاعتدالِ ومنعِ الفتنةِ.
***
ايُّ انتخاباتٍ ستجري، ومن هي القوى التي ستفرزها الانتخاباتُ، وأينَ ستصطفُّ هذهِ القوى في كتلٍ صغيرةٍ مشتَّتةٍ، يسيطرُ عليها خيارٌ سياسيٌّ واحدٌ؟
مَن يديرُ الدفَّةَ السياديةَ في البلدِ والحكومةِ ومجلسِ النوابِ، الى جانبِ القواتِ اللبنانيةِ الاقوى على الارضِ، وقوى اخرى مشتَّتةٌ؟
وايُّ حكومةٍ مقبلةٍ؟
وهلْ حُكماً نجيب ميقاتي سيكونُ رئيساً للحكومةِ المقبلةِ إذا لم يَخضْ الانتخاباتِ؟
ما جرى في بيتِ الوسطِ يفتحُ البابَ امامَ الاسئلةِ الكبيرةِ للمستقبلِ حولَ انتهاءِ الحريريةِ السياسيةِ،
التي هلَّلَ البعضُ لها، ولكنْ هل يفتحُ ما جرى البابَ امام تحوُّلٍ كبيرٍ وجذريٍّ في لبنانَ،
قد تكونُ مقاطعةُ اغلبيةِ القوى للانتخاباتِ النيابيةِ تمهيداً لمؤتمرٍ كبيرٍ يُواكبُ التغييراتِ الكبيرةَ في المنطقةِ.
اللحظةُ الانَ للحزنِ، للغضبِ معاً،
للقلقِ، كما للتفكيرِ...