#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
مَن يشرحُ لنا هذهِ اللعبةَ القذرةَ ما بينَ الليرةِ والدولارِ؟
في الفترةِ الأخيرةِ، حاولنا استيضاحَ كبارِ الخبراءِ في شؤونِ النقدِ والمالِ: مِن فَضلِكمْ، لو تفسِّرونَ لنا علمياً، ما يجري؟
في الحقيقةِ، كلُّهمْ "رفعوا العشَرةَ"، وقالوا:
عن أيِّ عِلمٍ تتحدثونَ؟ لو سألتمْ أكبرَ عبقريٍّ لما استطاعَ أن يشرحَ…
سألناهمْ:
كيفَ ذلكَ؟ أما قيلَ لنا إن "المهندسَ الساحرَ العظيمَ" يديرُ اللعبةَ بأتقانٍ، ولا داعي للهلعِ؟
هنا، ضحكوا جميعاً، وقالَ أحدهمْ:
هل تَذْكرونَ ذاكَ الإعلانَ، على تلفزيوناتنا، وفيهِ يَظهرُ "آينشتاين" عاجزاً عن حلِّ مشكلةِ الحساباتِ عندنا؟
وقالَ آخر:
هل تَذْكرونَ، على التلفزيوناتِ أيضاً، فيلم "المهندسِ الساحرِ العظيمِ" الذي طمأنَ الناسَ بأن الدولارَ باقٍ بـ1500 ليرةٍ ولا داعيَ للهلعِ،
فصارَ دولارُهُ اليومَ بـ7 أرواحٍ: 1500، 3000، 3900، 8000، 12000، 22000 و30000؟ نَقِّ واستَحْلِ...
وهنا، أشاحَ ثالثٌ بيدِهِ من النافذةِ، وقالَ:
هل تَذْكرونَ العصفوريةَ؟ رحمكَ اللهُ يا دكتور مانوكيان...
***
في الحقيقةِ، ما غابتْ العصفوريةُ عَنَّا حتى ننساها.
صارتْ "مفلوشةً" على مساحةِ البلدِ كلهِ، بفضلِ السياساتِ التي قادتنا الى الهستيريا اولاً، كما الهندساتِ الماليةِ التي لا تُصيبُ قوساً ولا قزحاً!
وللتذكيرِ، كانتْ في العصفوريةِ فسحةٌ مخصَّصةٌ لإحراقِ المخلَّفاتِ الطبيَّةِ حرصاً على نقاءِ البيئةِ…
اليومَ، في العصفوريةِ الكبيرةِ، كم نحتاجُ إلى محارقَ صغيرةٍ وكبيرةٍ،
ومرَّةً أخرى، كم نحتاجُ إلى ادمغةٍ "بروفسوريةٍ" كبيرةٍ لعلاجِ الامراضِ النفسيةِ والعصبيةِ...
***
في كلِّ يومٍ، نتقدَّمُ خطواتٍ للدخولِ إلى "عصفوريتكمْ" الجديدةِ…
وعلى الأرجحِ، بفضلِ تعاميمكمْ وتدابيركمْ، لن يبقى واحدٌ منَّا خارجها...
حتى أولادُنا الذينَ جاؤوا إلينا في العيدِ، وضخُّوا الملايينَ دعماً للوطنِ والشعبِ والليرةِ، صُدِموا بما جرى ويسألونَ:
لماذا ارتفعَ الدولارُ إلى 30 ألفاً، ومن دونِ مبرِّرٍ، فورَ انتهاءِ العيدِ؟
وأساساً، ما الذي جمَّدهُ لأسابيعَ ضمنَ هامشِ الـ27 ألفاً،
ولماذا هبطَ أياماً إلى الـ25 ألفاً، قبلَ أن يستأنفَ مسارَ الصعودِ؟
وطبعاً، لا نفهمُ لعبةَ التحويلِ السحريةِ للسحوباتِ من ليراتٍ حصراً إلى دولاراتٍ حصراً، ولماذا؟
وأيُّ عقولٍ جهنميةٍ متكافلةٍ متضامنةٍ، "تُهندِسُ" الصعودَ ليبتلعَ الدولاراتِ التي دخلتْ السوقَ،
ثم، هي نفسها "تُهندِسُ" الهبوطَ ليواصلَ ابتلاعِ الودائعِ والرواتبِ؟
وفي الحالتينِ كلُّ "البوطةِ إياها متفقةٌ"،على الفسادِ ونهبِ الشعبِ، وخزينةِ الدولةِ …
وبينَ كلِّ صولةٍ وجولةٍ للدولارِ صعوداً وهبوطاً، صولةُ كيدياتٍ ومناكفاتٍ تنتهي بتقاسمِ الغنائمِ على حسابِ الناسِ،
وبعد، هل نبالغُ إذا قلنا إننا في العصفوريةِ؟
***
إذاً، ارفعوا "اليافطةَ" التي كُتِبَ عليها: "ابتسم... أنتَ في الجمهوريةِ"،
واكتبوا: "احزنْ... أنتَ في العصفوريةِ"،
في بلدِ العصفوريةِ التي يتعذَّبُ ساكنوها، على أملِ أن تعودَ محرقةُ العصفوريةِ لتَحرُقَ افسدَ الفاسدينَ إياً كانوا... لنرتاحَ !