#الثائر
مع الـ«لا قرار» الذي وصلَ إليه المجلس الدستوري، أول من أمس، في الطعن المقدّم من تكتل «لبنان القوي» بشأن التعديلات على قانون الانتخابات، بعد تعذّر تأمين أكثرية 7 أعضاء للبتّ به ما جعل القانون (المطعون به) نافذاً، كشفت الساعات الماضية أن الأزمة بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله تجاوزت الحدود المعتادة بين الحليفين. فإلى أين يمكِن أن تصِل؟ سؤال سرعان ما احتلّ المشهد السياسي في ضوء الملاحظات العلنية لمسؤولين في التيار الوطني الحر على أداء الحزب، ولا سيما حيال المعارك التي يخوضها الوزير جبران باسيل «في مواجهة المنظومة» وآخرها على طاولة «الدستوري»، وأبرز الملاحظات أتت على لسان باسيل نفسه الذي اعتبر أن «ما قام به الثنائي ستكون له مترتّبات سياسية».
هذا المناخ السلبي عبّر عنه أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد في بعبدا، إذ اعتبر أن «لا مبرّر لعدم انعقاد الحكومة»، وأن «مقاطعة جلسات مجلس الوزراء فعل إرادة من أعضاء موجودين فيه»، وأن «هذا الأمر غير مقبول. وإذا كانَ هناك من اعتراض على موضوع معيّن يُمكن معالجته من خلال المؤسسات». وأضاف عون إنه «يجب انعقاد مجلس الوزراء، وأنا لستُ مُلزماً بالتوقيع وحدي على أي قرار، ولا يُمكِن اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية».
وهذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها التباينات بين التيار العوني والثنائي الشيعي الى العلن. وبينما يبدو «مشكل» التيار مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي طبيعياً، إلا أن الخلاف مع حزب الله تطوّر بشكل سلبي و«وصل الى حدود القطيعة بين الحزب والرئيس عون» وفقَ ما أكدت مصادر «الأخبار»، وخصوصاً أن قرار «الدستوري» جاء بمثابة هزيمة مدوّية لباسيل وتحديداً لجهة الإبقاء على اقتراع المغتربين للنواب الـ 128 الذين يتألف منهم مجلس النواب، كل منهم في دائرته، عوض استحداث 6 مقاعد إضافية لهم (ما يُسمّى الدائرة 16). وقالت مصادر مطلعة إنه طوال الفترة الماضية «كانت الاتصالات قائمة بينَ الحزب والتيار في ما يتعلق بالحكومة وملف انفجار المرفأ، كما كان التواصل قائماً مع بعبدا»، إلا أن شعور التيار والرئيس عون بتخلّي الحزب عنهما في هذه المعركة أجّج الخلاف بينهما، ودفع رئيس الجمهورية الى التصعيد بشكل علني من باب الحكومة، معتبرة أن «ما جاء على لسانه في ما يتعلق بحضور جلسة مجلس الوزراء المقصود به هم وزراء حزب الله تحديداً». القطيعة بين عون وحزب الله، في حال عدم كسرها قريباً، ستكون الأولى من نوعها منذ إعلان تفاهم مار مخايل في شباط 2006، والذي تطوّر إلى تحالف بين التيار والحزب. ورغم الخلافات والتباينات بينهما على مدى أكثر من 15 عاماً، إلا أنها لم تصل يوماً إلى مرحلة القطيعة.
وفيما رأت أوساط متابعة أن أزمة الحكومة لا ترتبِط وحسب بموقف الثنائي، إنما أيضاً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي المُستفيد من المقاطعة لعدم الدعوة إلى عقد جلسة حكومية، قالت إن «حديث عون عن معالجة أي اعتراض ضمن المؤسسات غير منطقي، فحزب الله من طالب بأن يكون حل ملف القاضي طارق البيطار من داخل الحكومة، لكنه لم يكن موافقاً».
وفيما التزم حزب الله الصمت حيال الهجمة العونية ضده، لم تُسجّل أي اتصالات بينه وبين التيار، ولم يُعرَف بعد موقفه الحقيقي من دعوة عون، علماً بأنه سبَق أن أكد أن «لا عودة الى الحكومة قبلَ البتّ بملف القاضي طارق البيطار». بينما تجلّى تصعيد الموقف العوني من تعطيل الحكومة بتقدم نواب تكتل «لبنان القوي» من رئيس مجلس النواب، بطلب عقد جلسة مساءلة للحكومة وفق المادة 137 من النظام الداخلي «لامتناعها عن الاجتماع وعدم ممارسة دورها في الحدّ من الانهيار ومعالجة الأزمات المتفاقمة، ما يزيد معاناة المواطنين».