#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
قدم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مطالعة دفاعية من كفردبيان، كان يُمكن وصفها بالناجحة لولا أنه سقط خلالها في فخ التعطيل والهيمنة الإيرانية على قرار لبنان .
فلقد نفى باسيل أن يكون هناك احتلال إيراني للبنان، مؤكداً أن التيار سيقف في وجهه إذا وُجد، وأضاف مخاطبا أنصاره: "يتهكمون عندما يقولون (ما خلّونا)، فقولوا (ما خلّونا) ولا تخجلوا لأنهم (ما خلّونا) ....ولكن نحن أيضاً في المقابل (ما خليناهم).
علق مصدر ساسي على خطاب باسيل بالقول: يبدو أن باسيل قد نسي أن أحد أهم الاتهامات الموجّهة إليه من الداخل والخارج هو التعطيل، فوقف اليوم معترفاً بذلك علناً ليقول (ما خلونا ، ولكن نحنا كمان ما خليناهم) والأغرب من ذلك أن يكون مسؤول تيار سياسي كبير مقتنعاً فعلاً بصوابية منطق التعطيل والتعطيل المضاد في إدارة شؤون البلاد، ومعتبراً أن ذلك هو الدليل على قوة رئيس الجمهورية.
وأضاف المصدر: لقد سقط باسيل سقطتين في خطابه ؛
أولاً: في محاولته تبرير منطق التعطيل الذي دون شك أدّى إلى خسائر كبيرة على الصعيد اللبناني، وفاقم الأزمة الاقتصادية، ومنع اتخاذ أي خطوات عملية لحل الأزمة. فهل يجوز اعتبار تعطيل تشكيل الحكومة لمدة سنة تقريباً، في ظل ظروف اقتصادية خانقة في لبنان، هو انجاز وطني لتياره؟؟؟ وهل مخاصمة جميع القوى السياسية بما فيها من وقّع معهم تفاهمات أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وتعطيل التسويات والتوافق الوطني إنجاز ؟؟ وهل يعتبر باسيل أن تعطيل الحكومة الآن هو إنجاز لأصحابه أيضاً ؟؟؟.
السقطة الثانية في خطاب باسيل كانت محاولته نفي وجُود الاحتلال والهيمنة الإيرانية على القرار في لبنان، وسأل المصدر عن المئة الف مقاتل، الذي تحدث عنهم أمين عام حزب الله فقال: بمن يأتمر هذا الجيش؟ وهل للدولة اللبنانية سلطة على قرار هذا الجيش في السلم أو الحرب ، أو التدخل خارج الحدود اللبنانية؟؟؟ ومن سيقتنع مع السيد باسيل أن القرار اللبناني اليوم حر وخارج الهيمنة الإيرانية؟؟؟
وأضاف المصدر أن الأخطر في كلام السيد باسيل هو اقتناعه بصوابية منطق التعطيل، وهذا طبعاً يثير الشكوك والمخاوف من الخطط المستقبلية له ولتياره، بدءاً من محاولة تعطيل الانتخابات النيابية، وصولاً إلى تكرار تجربة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية في العام القادم، وفرض نفسه كمرشح وحيد للرئاسة، وإذا سايره حزب الله في هذا المنطق، يعني أننا ذاهبون إلى فراغ حتمي وتغيير وجه لبنان الحقيقي، وهذا ما يتخوف منه عدد كبير من اللبنانيين، وذكره بالأمس رأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي .
وختم المصدر: يبدو أن السيد باسيل بات متأثراً بمنطق حلفائه في جبهة الممانعة الموهومة، التي ومنذ خمسين عاماً لم تحرر شبراً واحداً من تراب فلسطين، بل استعملت هذه القضية فقط كشمّاعة لحكم القمع والاستبداد، وتبرير حالة الفقر والتخلّف التي يعيشها الشعب .
ليس من الضروري أن نوافق على كل ما أورده المصدر ، لكن يبدو أنها وجهة نظر تستحق القراءة الهادئة والتمعّن بها، فحل الأزمات وإنقاذ البلاد يحتاج إلى العمل والمبادرة والحوار، بعيداً عن منطق التعطيل والتعطيل المضاد، أما الرئيس القوي فهو الذي يستطيع بحكمته، التواصل والحوار مع جميع القوى والشركاء في الوطن، ودفعهم إلى التعاون وتقديم المصلحة الوطنية على ما عداها.
أما اسلوب التعطيل والمخاصمة، والخطاب الطائفي ونبش القبور والتذكير المستمر بخلافات وأحقاد عفى عليها الزمن، فلا يمكن أن يكون خطاباً رئاسياً جامعاً ولا وطنياً منقذاً، بل هو خطاب تفرقة وشقاق وفتنة، وإن حصد أصحابه بعض الأصوات في الانتخابات النيابية، لكنهم دون شك سيخسرون الوطن.
فالتعطيل ليس إنجازاً وهذا يستطيع فعله أي رئيس، والنتيجة ستكون محسومة بمزيد من الخراب والدمار والتدهور الاقتصادي وانحلال مؤسسات الدولة، ولقد شهدنا جميعاً نتيجة هذه المخاصمات والمناكفات والعداوات السياسية، المغلّفة بلباس مذهبي وطائفي. وربما حان الوقت لوقفة ضمير ووعي وطني، والتلاقي حول رئيس قوي فعلاً، قوي بحكمته وعدالته ودعم شعبه، دعم كل الشعب بكل فئاته وطوائفه، وفي كل مناطق لبنان.