#الثائر
صموئيل نبيل أديب
أجمل صديق. هو من تخبره عن مشكلة أو ألم فيقول لك
أنا لا أشعر بها و لكني أتفهّم مدى ألمك..
مشكلتنا أننا نربط تقبّلنا الشخصي لموضوع ما بشعورنا به ..
وهذه من أكبر المشاكل البشرية في التواصل الإنساني..
فكيف تقتنع أنت كأنسان سليم بأن مريض الجيوب الأنفية يكره رائحة الربيع أو جمال عطرك الغالي الثمن..
و لكننا نتفهم ألمه.. نبتعد عما يؤذيه.. ليس لأننا قد جربنا آلامه و أحسسنا بها و لكن لأننا نتفهمها..
و التفهم يأتي من التعليم أو الخبرة.. أو الحب الذي يقبل الواقع..
فأنت تدرس فتتعلم أن الأجسام البشرية مختلفة.. و يخبرك كتاب المدرسة عن أمور لا تعرفها.. لتخرج منها تحمل شهادة وتحمل شيئاً آخر.. عقلاً منفتحاً على المجهول و الجديد..
و الخبرة... تلعب وأنت طفل بعود الكبريت.. تلسعك ناره فتبكى.. لتكبر و أنت في داخلك اشفاقٌ كبيرٌ على مُصابي الحروق..
و الحب.. الذي يجعل الأم تحضن صغيرها المولود منذ أيام يصرخ وهي عالمة أنه يحتاج فقط إلى حضنها بينما يقف الزوج و في باله أن البكاء إما بسبب الجوع أو الألم…
بين التعليم و الخبرة. و الحب.. . تتحول أرواحنا قليلاً قليلاً لتكون أرهف و أرق.. نتحول نحن من الطبيعة الإنسانية الخاصة بالطفل الذي يرغب في الحصول على كل شيء، إلى الروح التي جرّبت الألم أو تتفهمه..
لذا مثلا لا شيء يعوّض الأم... المتفهمة لآلامك و تعبك و ضعفاتك و مخاوفك الغير مقبولة ..و لا شئ يقارن بجمال إنسان تخبره عن خوفك من الوحدة فيأخذك في حضنه بالرغم من أن لديه عائلة كبيرة و هو لم يجرب طعم الوحدة من قبل ..
..و نكبر في الحياة و نحن نبحث عن شريكٍ مثل هذا، شخص يتفهمنا،، و لكننا ننسى أحيانا أننا أصبحنا نحن مطالبين بأن نحتضن الآخرين و نتفهم آلامهم التي لم نجرّبها..
نعم يا عزيزي… أصبح اليوم دورك أن تحتضن الآخريين..ليس لأنك قد كبرت بل لأن الحياة أصبحت قاسية جداً..
و أرجوك....لا تهرب.. فالناس تحتاجك .. و الذي أعان الأم لتفهم طفلها.. سيُعينك إذا طلبت منه الفهم