#الثائر
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ، رتبة تكريس "درب الصليب" في محمية مار جرجس في ترتج قضاء جبيل، من تصميم وتنفيذ ابن البلدة ورئيس لجنة الرعية المارونية في الكويت المغترب اللبناني المهندس جوزف اسطفان وعقيلته ظريفة، على نفقتهما الخاصة في حضور النائبين سيمون ابي رميا وزياد الحواط، النائب السابق اميل نوفل، رئيس مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المهندس جان جبران، قائمقام جبيل نتالي مرعي الخوري، السفير خليل كرم ممثلا الرابطة المارونية، رئيسي بلديتي قرطبون مستيتا وبلاط عبدو العتيق ونهر ابراهيم شربل ابي رعد، رئيس رابطة مختاري القضاء ميشال جبران ومختاري البلدة جوزف ووديع نوفل.
كما شارك في الاحتفال، راعي الابرشية المطران ميشال عون، وعدد من الكهنة، الزائر البطريركي على الخليج المطران جوزف نفاع، راعي أبرشية بعلبك ودير الاحمر المطران حنا رحمة، الامينة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام بستاني، رئيس مجلس إدارة تيلي لوميار جاك كلاسي، رئيس حركة الارض طلال الدويهي، رئيس جمعية "اوكسيليا" عبدو أبي خليل، رئيس رابطة آل صليبا المهندس رالف صليبا، خادم الرعية الخوري ضوميط عون، مصمم ومنفذ المشروع جوزف اسطفان وعقيلته وافراد العائلة، فاعليات البلدة، رؤساء بلديات ومخاتير ومدعوين.
الخوري
بعد قص شريط الافتتاح وصلاة التكريس جال الراعي والحضور في أجواء المشروع على أنغام التراتيل الدينية للمرنمة جومانا مدور، ثم ألقت القائمقام الخوري كلمة اعتبرت فيها أن "زيارة الراعي لهذه البلدة هي شهادة على الثوابت المستمدة من أسس الوطن، أرضا وشعبا وتفاعلا وانتفاحا في ما بينهم"، مشيرة الى أن "ترتج كانت وما تزال مشروعا تطويرا علميا واجتماعيا يصب في خدمة الجميع بكل نقاوة وصفاء، ونحن اليوم، ندشن واياكم دربا، يليق بتراثها العريق، ويكرس حب الانتماء، وشراكة المصير، ويطور خدماتها المستقبلية، اذ نواصل السعي بعزم وثبات، ونعمل بلا كلل، ولا ملل، ونتفانى في تضحيات متواصلة، ونتسلح بالايمان، ونتشجع بالتعاون، وننشر السلام".
وقالت: "درب الصليب، الذي قدمه المهندس جوزف اسطفان والعائلة، هو تعبير عن فيض محبتهم وايمانهم الراسخ بجبال لبنان الشامخة وعطاءاتهم النيرة لهذه البلدة وابنائها الميامين، والذي بفضل جهوده وجهود راعي الابرشية المطران ميشال عون وتعاون لجنة الوقف، برئاسة الخوري ضومط عون مع سيادته، تم تجسيد وتدشين مسار درب الصليب في منطقة الحمى لعله يحمينا من الاخطار التي تحيط بنا في هذا الزمن العصيب".
وأملت أن "يبقى التعاون قائما، فتظل هذه البلدة منارة روحية واجتماعية وثقافية وفكرية عريقة تغني حضارة لبنان في ارساء قواعد الايمان والعلم، رافعين اسمه في ارجاء الارض، سائلة الله ان ينقذ لبنان من صليبه، ويدخله بما يليق من طموحات شبابه الطالع، فيتحول صليب لبنان درب قيامة".
صليبا
ولفتت ميريلا صليبا في كلمة باسم لجنة الوقف الى ان "وجود البطريرك الراعي وجميع الحاضرين هو دعم وتشجيع لنا، لان لجنة الوقف الفتية الطموحة سوف تكمل المشاريع بمساعدة ابناء البلدة ان شاء الله وسمحت الظروف"، معلنة أنه "يدا بيد تقوى علينا التجربة فنثمر خيرا وعطاء ، فالعطاء جميل ونحن نعطي لنحيا، لان الامتناع عن العطاء سبيل الفناء".
اسطفان
واعتبر اسطفان أن "زيارة البطريرك الراعي البلدة وتكريسه للمشروع في ظل هذه الظروف الصعبة، ورغم انشغاله باوضاع البلد، ورغم تمدد كورونا، تأكيد لنا مجددا انه مهما كثرت الصعاب، نحن أبناء الرجاء، سنبقى مؤمنين، بديمومة هذا الوطن، طالما بقي إيماننا بالله ثابتا، محافظين على تراث أجدادنا ومنهم القديسون".
وقال: "لو نظرتم من حولكم، لرأيتم كيف كان آباؤنا أجدادنا، يحفرون الصخور لاستصلاح الأراضي وزراعتها، غير آبهين بكل الصعاب، لذا إن هذه البلدة ممثلة بكل شبابها وشاباتها، وشيوخها، وعقلائها، ستبقى كما صخورها، صامدة على إيمانها، متمسكة بكل القيم والمبادئ التي تربت عليها، مؤيدة بشدة لكافة المواقف التي اخذها ويتخذها صاحب الغبطة لحماية لبنان".
وأكد أننا "لن نألوا جهدا في الدفاع عن لبنان، لأن هذا البلد الرسالة كما وصفه البابا القديس يوحنا، يتطلب منا حمايته مهما بلغت التضحيات"، مشيرا الى أن "درب الصليب الذي نكرسه يؤكد لنا مرة أخرى، أننا متمسكون بهذه الأرض، وأننا نستطيع أن نجعل من كل بقعة منها، أرضا مقدسة".
واردف: "أنا ابن هذه الارض، ولدت فيها وترعرعت في أحضان طبيعتها، طرقاتها الوعرة تعرف أقدامي جيدا، أنا أحد الذين حفروا الصخور لاستصلاحها، أجدد إيماني وإخلاصي لها، ومهما ابتعدنا، سيبقى عقلنا وقلبنا معها، نشم رائحة ترابها، وعطر زهرها، ورائحة عرق أبنائها".
ووجه رسالة الى الشباب، داعيا اياهم الى "عدم اليأس، وقراءة التاريخ، عندها، ستجدون فيه ما يريحكم، لانه مهما كثرة الصعاب، بالايمان، والمثابرة، والتعاون، والتكاتف، نستطيع أن نمرر هذه الأيام الصعبة، بأقل الخسائر الممكنة، نصل إلى بر الأمان، وسنصل".
وخاطب اهل جبيل "خصوصا الذين تفرقهم السياسة": "إن هذه المنطقة كانت وستبقى مثالا للتسامح والعيش المشترك، لذلك مهما كانت الخصومة السياسية عالية السقف، علينا العمل معا لحماية اهلنا وإنماء منطقتنا، بخاصة في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها. من خلال تنفيذ قوانين اللامركزية التي يكفلها الدستور. واستغلالها لتنفيذ مشاريع انمائية، اقتصادية، تم او سيتم دراستها من قبل إختصايين، أو بلديات أو هيئات اقتصادية، وتسويقها لدى المغتربين، والدفع في اتجاه الحصول على الموافقات الرسمية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مشاريع الكهرباء، الماء، الدواء، والمستشفيات وغيرها".
ووجه الشكر لكل من أسهم في انجاح هذا المعلم الديني، مؤكدا أن "هذه الأرض ستبقى مصانة بقوة وعزيمة أبنائها".
عون
وتحدث المطران عون في كلمته عن "العلاقة الوطيدة التي تربط أهالي البلدة بالبطريرك الراعي منذ ان كان راعيا للابرشية، مثنيا على "روح التضامن والتعاون بين ابناء البلدة وسخائهم ولجان اوقافها وصولا الى مرحلة تتويج هذا المشروع على همة ابن البلدة المهندس جوزف اسطفان وعقيلته".
وقال: "درب الصليب الذي نكرسه اليوم هو مفخرة ليس فقط لبلدة ترتج بل لكل الابرشية ولكل لبنان لاننا نطمح ان يكون حي ما جرجس ودرب الصليب محجا لكل مؤمن يريد ان يتأمل بآلام الرب يسوع الخلاصية".
وتمنى أن "تبقى المحبة شيمة أبناء البلدة لكي يتابعوا بناء الكاتدرائية التي نفخر بها"، مشيرا الى أن "درب الصليب تأمل في آلام الرب يسوع الخلاصية وهذا الدرب لا ينتهي بالموت فقط بل بالقيامة".
وختم: "إن لبنان اليوم لا يزال في درب الصليب وكم نطمح بصلوات رأس كنيستنا وكل مؤمن في لبنان لكي تنتهي درب الالام التي يعيشها وطننا وشعبنا ونصل الى قيامة هذا الوطن من كبوته".
الراعي
وشكر البطريرك الراعي في كلمته للمهندس اسطفان وعقيلته "العمل الجبار في تنفيذ هذا المشروع"، مؤكدا أنه "أمام الانسان المؤمن لا توجد صعوبات".
وأشار الى "وقفات ثلاثة امام هذا العمل الايماني وهي وقفات تأمل ورجاء وصمود"، وقال: "التأمل في صور الرب يسوع وكيف أنه بآلامه شارك الام كل الناس وما من انسان على وجه الارض الا واختبر الالم الذي عاشه الرب يسوع سواء بجسده او معنوياته او بروحه، والالم ليس فقط الجسدي، بل الادهى هو الالم المعنوي والروحي، فالرب يسوع هو الذي اعطانا القوة، وان هذا التأمل يبقى لكل الاجيال المقبلة، وهذا العمل باق ليس فقط لابناء قضاء جبيل وللبنان بل لكل العالم، اذ لا احد يعلم كم سيستقطب هذا المكان المقدس من زوار يعيشون هنا حياتهم التأملية العميقة".
وأضاف: "نعم درب الصليب تنتهي بالقيامة، ونحن قياميون، وبعد الالم هناك القيامة، ولا بد لنا من ان نستذكر كلام البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني الذي دعا شبيبة لبنان للتأمل بكلام الكاتب جبران خليل جبران بعد ستار الليل هناك الفجر، وشبابنا يعيشون اليوم اكبر محنة في حياتهم لان المستقبل مقفل امامهم، والامل مائت في قلوبهم".
وقال: "نعم بعد ليل درب الصليب هناك فجر القيامة، وهذا الحدث ليس حدثا تاريخيا انتهى مع الرب يسوع، بل يتجدد كل يوم، فكما أن آلام المسيح متواصلة فينا كذلك القيامة متواصلة باستمرار، فنحن نتألم مع المسيح ومعه نقوم، وهذا هو سر الرجاء المسيحي موت وقيامة، ولا يوجد عندنا شيء اسمه يأس أو قنوط، وابواب مقفلة، فمع المسيح الطريق مفتوح، وبعد الظلمة الرجاء وبعد الالم القيامة".
وتحدث الراعي في كلمته عن معنى الصمود، معتبرا أن "طريقة تنفيذ هذا المشروع تأكيد على أننا صامدون في هذه الارض وفي هذا الجبل كهذه الصخور التي بها تم تحقيق هذا الدرب، ولكي نقول اننا هنا ولا توجد قوة قادرة على إزاحتنا لاننا أصحاب ايمان ورجاء وصمود".
وقال: "اننا نمر اليوم في لبنان بأزمة يعرفها الجميع وبصعوبة كبير جدا يشعر بها بخاصة الجائع غير القادر على شراء لقمة خبز وتأمين المأكل لعائلته، والمريض المتألم الذي لا يجد الدواء، والمواطن الذي لا يجد عملا لتأمين المدخول المالي لتأمين العيش الكريم لعائلته، رغم كل شيء، لا تخافوا يسوع معكم وهو قوتكم وفرحكم واملكم ووحده يعرف كيف يصل الى كل واحد منكم، شرط الا تفقدوا الامل".
وتابع: "تعودنا القول مع آلآمك يا يسوع عند كل صعوبة كانت تعترضنا، وهكذا علينا أن نبقى وعندها لا يعرف أحد منا كيف تأتي القوة التي تجعل الانسان أن يكون الاقوى مما يعترضه من صعوبات وآلام، فلا يجب ان تذهب صعوبات والام الحياة سدى لان لها قيمة، وهذه القيمة هي من الام الرب يسوع".
وختم سائلا الله أن "يكافئ مصمم ومنفذ المشروع وعائلته على سخائهم، وكل من عمل وتعب من ابناء الرعية، وعلى رأسهم راعي الابرشية لتحقيقه".
وفي الختام، تم عرض فيلم وثائقي عن المشروع ومراحل تنفيذه .