#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
غريبٌ كيفَ استطاعت هذهِ "التركيبةُ القديمةُ المتجدِّدَةُ"،
أن تسيطرَ على البلدِ، وأن تمتصَّ دماءَ شعبهِ الحضاريِّ بهذهِ الطريقةِ "الهمجيةِ"، حيثُ كلُّ شيءٍ صارَ استثماراً مربحاً لها…
اليومَ، يا أبناءَ شعبِنا المعذبْ، إليكم كيفَ حَوَّلوا المازوتَ إلى "مِزرابٍ من الذهبِ" الحَرامِ يتدفَّقُ في جيوبهم!
***
سألْنا العديدَ من الشركاتِ والمؤسساتِ، المتوسطةِ الحجمِ، وبعضَ الفنادقِ والمطاعمِ والمصانعِ التي لم تقفلْ أبوابها بعد:
كيفَ تؤمِّنونَ حاجاتِكم من المازوت، في ظلِ الانقطاعِ شبهِ الدائمِ للتيارِ الكهربائيِّ؟
قيلَ لنا ومَن كُثُرٍ، وبقلوبٍ محروقةٍ :
ندفعُ أثماناً غاليةً جداً لنستمرَّ، هذا بالنسبةِ الى المصالحِ،
اما المنازلُ فحدِّثْ ولا حرجْ، لا امكانيةَ للاشتراكِ بالاسعارِ الخياليةِ، ولا المولِّداتُ المنزليةُ يمكنُ ان تتحملَ المصروفَ والاعباءَ،
يا "أوكارَ" فسادِ الفاسدينَ.
القدماءُ المتجددونَ أنفسهم يستغلونَ ضعفنا لينهشوا لحمَنا بالكاملِ، ونحنُ أحياءٌ، وإليكم القصةَ!
***
أيُّ مؤسسةٍ أو فندقٍ أو مصنعٍ أو شركةٍ، لنفترضْ ان مساحتها 500 مترٍ مربعٍ ،
تحتاجُ أسبوعياً إلى نحو 2 طن من المازوتِ لتوليدِ الكهرباءِ وتأمينِ العملِ.
هذا يعني، كمعدَّلٍ، أن الشركاتِ والمؤسساتِ الصغيرةَ تحتاجُ إلى ما بينَ 8 أطنان و10 من المازوتِ شهرياً.
وهذهِ الـ10 أطنانٍ، من أينَ تُدفعُ أثمانها؟ طبعاً، من الودائعِ بالدولارِ المحتجزةِ في المصارفِ.
طنُ المازوت كان بـ4 ملايين ونصفِ المليونِ ليرةٍ.
اليومَ بالسوقِ السوداءِ كلفته تتراوحُ ما بينَ 11 مليون ليرةٍ او 15 مليون ليرةٍ للطنِ الواحدِ،
أي إن الكلفةَ الشهريةَ تقاربُ بالملايينِ الملايينَ من عملتنا. وطبعاً، إذا كانَ الاستهلاكُ مضاعفاً، يتضاعفُ المبلغُ.
لذا، نحنُ مجبرونَ على سحبِ كمياتٍ كبيرةٍ من دولاراتنا بسعرٍ محروقٍ، هو 3900 ليرةٍ، لنتمكنَ من الاستمرارِ.
وهذا يعني أن ودائعنا "تنزفُ" شهرياً بمقدارِ 12 ألفِ دولارٍ أو 15 ألفاً أو 20 ألفاً، والهُا ادرى كم تكونُ الكلفةُ سنوياً!.
وطبعاً، المستفيدونَ من هذهِ "النصبةِ" الموصوفةِ هم إياهم "جماعةُ السوقِ السوداءِ" واهلِ الفسادِ.
نعم، كُلهم شركاءُ،ويتوزَّعونَ الغنائمَ: هذهِ لي، وهذهِ لكَ…
***
بالمناسبةِ، بلاءُ المازوتِ ليسَ من ايامنا هذهِ فقط، بل منذ العامِ 1978،
حيث كتبَ عنهُ والدي مؤسِّسُ "دار الصياد" ، الغائبُ الحاضرُ، سعيد فريحه، وفضحَهُ بالوقائعِ قبلَ رحيلهِ منذُ 43 عاماً…
وفي مقالٍ بعنوانِ "بلاءِ المازوت"، نشرهُ في "الصياد"، كشفَ المنتفعينَ و"المافيا" التي تعتمدُ شراءَ الضمائرِ والتحريضَ لتحقيقِ الأرباحِ، تحتَ شعاراتٍ مختلفةٍ.
فما أشبهُ اليومَ بالأمسِ، وما أطولَ عُمرَ الفساِد عندنا يا والدي الحبيبَ سعيد فريحه…
ولكنْ، كُنْ مطمئناً، ونعاهدك بأننا شعبٌ اصيلٌ، على دربِ الحقِ والحقيقةِ سائرونْ،
مع أن الطغاةَ يبدو ان اعمارهم طويلةٌ!
***
عذِّبوا ما شئتمْ. فما من ظالمٍ إلاَّ وأنهزمَ،
وستنهزمون بقوةِ قلوبنا المحروقةِ،
وعقولنا المشوَّشةِ وصوتِنا المخنوقِ.
ولا تنسوا أنَ الشعبَ اللبنانيَّ العريقَ، صامدٌ وقويٌّ بالحقِ،
والحقُّ سلطانٌ!