#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
الآيةُ معكوسةٌ في لبنانَ ... في العـادةِ والمنطقيِّ ان ينفعـلَ الشعبُ و يثورَ وان يتعقَّلَ السياسيونَ ، في لبنانَ باتتْ الامورُ معكوسةً :
يثورُ السياسيونَ ويتعقَّلُ الشعبُ .
نكتبُ بهدوءٍ وتعقُّلٍ عن وجوبِ تشكيلِ حكومةٍ وعن ضرورةِ البدءِ بالإصلاحاتِ وعن حتميةِ التجاوبِ مع المساعي الدوليةِ حيثُ لا يمرُّ اسبوعٌ إلاّ ويكونُ في لبنانَ موفدٌ دوليٌّ رفيعٌ .
نكتبُ ونكتبُ علَّ السياسيينَ يقرأونَ ويعملونَ من وحي ما يقرأون ، فتأتي الطَّامةُ الكبرى : إنفعالٌ بإنفعالٍ ، وحربُ داحسَ والغبراءِ في ما بينهم ، فأيُّ املٍ يبقى ؟ وأيُّ بصيصٍ يمكنُ ان يظهرَ في هذا الليلِ السياسيِّ الدامسِ ؟
***
مَن قالَ إن هذا الكَمَ من الإنفعالِ لدى السياسيينَ يمكنُ ان يوصلَ إلى ايِّ نتيجةٍ ؟ لا ! إن هذا الإنفعالَ لا وظيفةَ لهُ سوى المزيدِ من التدهورِ والمزيدِ من التقهقرِ على كلِّ المستوياتِ .
طرحنا ونطرحُ في كتاباتِنا تشكيلَ حكومةِ مهمةٍ يطالبُ بها المجتمعُ الدوليُّ ، تكونُ حكومةَ إنقاذٍ وإنتشالِ الشعبِ من هذهِ الورطةِ التي أوْقعهُ فيها الحكَّامُ ،
فكيفَ كانَ التجاوبُ ؟ المزيدُ من الإنفعال.
بربِّكمْ ، " شو ماشي بالبلد " ؟
عملياً لا شيءَ ... هذا يستقْوي بالحليفِ على خصمهِ ، وذاكَ يأتمنُ شريكهُ في التفاهمِ على حقوقهِ ، فهل هكذا تُبنى الدولُ والمجتمعاتُ والسلطاتُ ؟ ابداً ! انتم لا تؤتمنونَ على شيءٍ ، فكيفَ تؤتمنونَ على بناءِ دولةٍ؟
جرَّبناكمْ وجرَّبكمْ الشعبُ ، فماذا كانت النتيجةُ ؟ لا شيءَ ، لا بل خرَّبتمْ أكثرَ مما بنيتمُ ، فهل هكذا تُبنى الاوطانُ ؟ بالتاكيدِ لا .
***
إلى أينَ تريدونَ ان تصلوا ؟
الشعبُ على حافةِ الهاويةِ ، فأينَ أنتمْ ؟
أنتمْ في القعرِ ، فكيفَ تنتشلونَ البلدَ من القعرِ ؟
***
عملياً، لا شيءَ فالتعنُّتُ ما زالَ على حالهِ، وكلُّ طرفٍ متمسِّكٌ بموقفهِ من دونِ ان يزيحَ عنهُ قيدَ أنملةٍ، فلماذا علينا في هذهِ الحالِ ان نتفاءلَ؟
فالكلُّ متوجِّسٌ من الكلِّ، ولا أحدَ يثقُ بالاخرِ!
إذاً، ابعدُ من تشكيلِ الحكومةِ، الأزمةُ مأساويةٌ،
وهي كيفيةُ إدارةِ الوضعِ السياسيِّ حتى تشرين الاول 2022 أي عندَ انتهاءِ ولايةِ الرئيس ميشال عون.
هذهِ هي "الملْحمةُ كلها" كما يُقالُ، وبصورةٍ مبسَّطةٍ:
مَنْ سيُمسكُ بزمامِ الأمورِ الداخليةِ في السبعةَ عشرَ شهراً المتبقيةِ؟