#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
كلما عقَدْنا الرهانَ على تسويةٍ أو تهدئةٍ، ولو ظرفيةٍ، يأتينا التصعيدُ ويرتفعُ في وجهنا التعطيلُ.
فهل نحنُ بلدٌ منحوسٌ فعلاً؟
***
في الساعاتِ الأخيرةِ، كانَ الحدثُ هو الخطابُ المتلفزُ لرئيسِ "التيارِ الوطنيِّ الحرِّ" جبران باسيل. لقد أطلقَ كلماتهِ الناريةِ،فقال: "بدي استعين بصديق هو سماحة السيد حسن نصر الله، لا بل اكثر من هيك، انا اريدهُ حكماً واميناً على الموضوعِ، لأني أثقُ بهِ وبصدقهِ واأتمنهُ على موضوعِ الحقوقِ،
يا سيد حسن ، انا جبران باسيل، أقبلُ بما تقبلُ بهِ انتَ لنفسكَ".
واشتعلتْ ردودُ الفعلِ.
لعبَ باسيل على الازدواجيةِ داخلَ الثنائيِّ الشيعيِّ. فهو غمزَ من قناةِ الرئيس نبيه بري. وفي المقابلِ، وضعَ الحلَّ بِرُمَّتهِ في عهدةِ السيد حسن نصرالله.
ولكن، لا يبدو أن السيد نصرالله في صددِ السماحِ اطلاقاً بتباعدٍ داخلَ الصفِّ الشيعيِّ، ولا في صددِ الاستغناءِ عن تكليفِ الرئيسِ سعد الحريري الذي يشعرُ معهُ بالارتياحِ التامِّ.
وهكذا، انتهت رسالةُ باسيل من دونِ تردُّداتٍ داخلَ الصفِّ الشيعيِّ المتماسكِ.
لكنَ المثيرَ أنها أحدثتْ زلزالاً داخلَ القوى المسيحيةِ،السريعةِ الاشتعالِ.
***
"أنتَ ذميٌّ" قالها جعجع لباسيل، لأنكَ جيَّرتَ قرارَ البلدِ لنصرالله.
ردَّ باسيل: بل أنتَ الذميُّ لأنكَ لا تشاركنا الكفاحَ من أجلِ التوازنِ الحقيقيِّ بينَ المسلمين والمسيحيين في السلطةِ!
هذا الكلامُ الى أينَ يؤدي؟ الى مزيدٍ من التشرذمِ والاهتراءِ ..
وأما باقي الشعبِ من كلِّ الطوائفِ، والذي ينخرُ فيه الجوعُ ويصيبهُ الوجعُ والإحباطُ وتغزوه الهجرةُ، فقد وقفَ متألّماً وسألَ:
أما آن الأوانُ لينتهي هذا المسلسلُ الحزينُ؟
***
لماذا هناكَ إنسجامٌ دائمٌ بين القوى الشيعيةِ، مهما حصلَ،
ولماذا هناكَ حدٌّ معينٌ من السخونةِ يتوقفُ عندهُ أركانُ الطائفةِ السنّيةِ في سجالاتهم،
ولماذا يتصرَّفُ قادةُ الدروزِ وفقَ المصلحةِ الجماعيِّةِ في اللحظةِ الحاسمةِ…
وما هو سرُّ الرغبةِ الدائمةِ في ممارسةِ السجالاتِ والتناحرِ الدائمِ بينَ زعماءِ المسيحيينَ؟ ببساطةٍ:
كلُّ مارونيٍّ مشروعُ مرشحٍ للرئاسةِ.
***
في البلدِ اصبحَ واضحاً وجلياً،هناكَ خطانِ سياسيانِ لا يلتقيانِ.
هذهِ هي ذروةُ الاختلافِ والتصارعِ،
العالمُ كلّهُ ينظرُ إلينا مذهولاً، ولا يُحرِّكُ ساكناً،
فلا نقطةَ اتفاقٍ بينَ مَن يريدُ لبنانَ واحداً موحداً بتعدُّدِ طوائفهِ،
وبينَ مشروعِ ولايةِ الفقيهِ..
من اليومِ وعلى مدى اشهرٍ طوالٍ ، الاصطدامُ سيزدادُ بينَ القوى المسيحيةِ اولاً وكلِّ من يدعمها،
وهنا بيتُ القصيدِ .. خرابٌ بخرابٍ، مزيدٌ من تدهورِ الوضعِ المعيشيِّ والاقتصاديِّ والاجتماعيِّ، وارتفاعُ سعرِ الدولارِ حيثُ كما يقولُ جميعُ الخبراءِ الاقتصاديين: لا سقفَ لهُ .
الى حينِ جلاءِ نتائجَ المفاوضاتِ بين اميركا وايران في فيينا حولَ الاتفاقِ النووي ،
سنبقى ندفعُ الثمنَ غالياً جداً بالتقهقرِ والتعتيرِ،
الى ان تظهرَ جلياً نتائجها على الساحةِ اللبنانيةِ،
وبالتالي معرفةُ وجهةِ المصيرِ؟