#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
في اليومِ الأخيرِ من العامِ، لن نغرقَ في الكلامِ الممجوجِ على خرافاتِ تأليفِ الحكومةِ والتعقيداتِ المزعومةِ وصراعِ الحصصِ والغنائمِ بين هذا وذاك.
هذا الحديثُ صارَ معيباً. فالناسُ قَرِفوا وزَهِقوا من حكاياتكم "الثقيلةِ الدم"، ولا أحدَ يستطيعُ أن يقدّمَ فيها أو يؤخّرَ.
من العبثِ تذكيرُ الناسِ بنكباتٍ وكوارثَ كتبنا عنها 365 يوماً.
فقط، نريدُ أن نستنتجَ خلاصةً لكلِ شيءٍ:
حتماً وقطعاً نحنُ بلدٌ موبوءٌ، ويجبُ إنقاذهُ.
***
ولنتأكدَ أننا في بلدٍ موبوءٍ، يكفينا النظرُ إلى أبنائنا، هؤلاءِ الطلابُ الذين يختمونَ العامَ لا على المقاعد، بل في الشارعِ يطالبون بأن ترحمهم "الجامعاتُ العريقةُ" وتتفهَّمَ أننا في بلدٍ منكوبٍ ومنهوبٍ.
فليسَ مِن شِيَمِ هذهِ الجامعات، وهي دورٌ للفكرِ والثقافةِ، أن تتصرَّفَ بروحيةِ المتاجرة، وترفعَ الأقساطَ على دولار 3900 ليرة، فيما الأهالي "يبقّون الدم" للحصولِ على كلِ ليرةٍ، وعلى دولارِ الــ 1500… ولا يَحصلونْ!
إن هذه الروحيةَ هي أيضاً وباءٌ، وفوضى التسعيرِ بعيداً عن أعينِ وزارةِ التربيةِ وباءٌ. فاتقوا اللهَ وعودوا إلى ضميركم، رحمةً بأبنائنا وأملنا للمستقبل.
***
أولاً، نحن موبوؤونَ بـ"الكورونا".
نسألُ أنفسنا: لماذا بدأ الوباءُ يفتكُ بنا بهذا الشكلِ المريعِ، بعدما كنّا نتغنّى بأننا بينَ الأفضلِ في العالمِ!
لا نفهمُ كيف أن كثيرينَ لا يُقدِّرونَ مخاطرَ "الكورونا"، رغم أنها ابتلعت عشراتِ الأحبّةِ من بيننا، وقد تبتلعُ عشراتٍ أو مئاتٍ آخرين!
تُرى، هل أصبح شعبنا يفضّلُ الموتَ على هذه الحياةِ المذلّةِ التي دُفِعَ إليها قسراً وقهراً؟
وأيضاً، في الوقتِ نفسهِ، لا نفهمُ حالَ التخبّطِ والتردّدِ والتضاربِ التي يعيشها المسؤولونَ في هذا الملف، والتي أوصلتْ إلى الكارثةِ.
***
أرواحُ الناسِ ليست مادةً للتسليةِ يا حضراتِ المسؤولين…
أو… فلنقلْ جهاراً: الذين تسلّوا بأرواحِ الناسِ في المرفأ، هل يُستغرَب أن يتسلّوا بأرواحنا في "الكورونا"؟
***
وعلى سيرةِ الأوبئةِ، البلدُ موبوءٌ بنفاياتِكم.
فكيف تجرؤون يا "جراثيمَ النفايات"، أن تتركوها متفشِّيةً في شوارعنا وتدخلَ البيوتَ ومدارسَ أطفالِنا؟
والبلدُ موبوءٌ بتيارٍ كهربائيٍ يوقعنا في الظلمةِ، في أيِّ لحظةٍ، مزاجياً وعشوائياً.
وسنقولها بالفمِ الملآن: انتم "اوبئةُ الوباءِ" ونحن موبوؤونَ بكم.
وأنتم يا مصدرَ العِللِ وأساسَ كلِّ أزماتنا.
موبوؤونَ بكم، وبتنا على ثقةٍ في أن لا علاجَ يسري، إلا بالاستئصالِ، كما في الأمراضِ المستعصيةِ الخبيثةِ .
***
لن يعودَ بلدنا إلى الحياةِ إلا بعد "تعقيمهِ" من الجراثيمِ والاوبئةِ، فتعودَ إليهِ الطهارةُ التي منها اشتُقّ اسمهُ وذُكِر في الكتبِ المقدسةِ: لبنانُ جبلُ البخورِ!
لن يعودَ بلدنا إلى الحياةِ، ولن يتوقفَ نزفُ الهجرةِ والتهجيرِ، ولن يعودَ أبناؤنا الا عند نظافةِ الرؤيةِ.
لقد افلسنا،قرفنا،مللنا، وزهقنا، وتعبنا، ويحقّ لنا نحنُ الشعبُ اللبنانيُ الحضاريُ أن نعودَ إلى الحياةِ، وسنعودُ.