#الثائر
- " د. ميشال الشمّاعي "
يحمل هذا الأسبوع موجات تفاؤليّة لا سيّما في موضوعيّ تشكيل الحكومة ورفع الدّعم. حيث صرّح الرّئيس المكلّف بأنّه سيحمل إلى بعبدا تشكيلته كما صرّح فخامة الرّئيس بأنّ رفع الدّعم لن يتمّ في عهده. إلا أنّ الوقائع على الأرض لا تؤشّر إلى أيّ من هذين المؤشّرين التفاؤليّين. فهل سيبقى لبنان في ثلاجة الانتظار؟ أم أنّ بوادر الحلحلة باتت قريبة؟
سيزور الرئيس الحريري بعبدا مقدّمًا تشكيلته كما أوحى بذلك، لكن على ما يبدو أنّ الخلاف سيكون على الوزارات الخدماتيّة وليس السياديّة لما تنتظره هذه الوزارات من أموال وافدة من المؤتمرات الدّوليّة المرتقبة؛ وهذا ما سيفخّخ التشكيلة الحكوميّة في الظّاهر. أمّا الحقيقة فتبقى في غير هذا المكان لأنّ الارتباط الاقليمي قد سجن لبنان في سجن التسويات الكبرى المرتقبة.
من هنا، يبدو أنّنا كلّما اقتربنا من حلّ ما في الموضوع الحكومي كلّما ازداد ارتباط الملفّ اللبناني بالبعدين الاقليمين: الايراني والسوري. لذلك سيسعى الرّ~يس الحريري بكلّ ما أوتي من قوى تحالفيّة وعلاقات إقليميّة على إيجاد حلّ ما، لا سيّما وهو الذي شهد في حياته السياسيّة كلّها على تنازلات وضعته دائمًا في مواقف حرجة مع حلفائه، حتّى بات اليوم يغرّد منفردًا من دون أيّ حليف إلا السلطة السياسيّة التي يجهد عبثًا لإنقاذ نفسه منها.
لذلك، قد ينتقل الحريري إلى الخطّة باء في إعلان حكومة ترضي الأكثريّة الحاكمة ليتجنّب مأزق العقوبات الذي يلوّح بسيفه فوق رقبته. لكنّ هذه المسألة ستضعه في تماس مباشر مع حزب الله الذي يرفض حتّى هذه الساعة التنازل، لئن أبدى ليونة في توجّهه إلى القضاء اللبناني لتوجيه دعويين ضدّ النائب السابق فارس سعيد وضدّ موقع القوّات اللبنانيّة الالكتروني متّخذًا صفة الادّعاء الشّخصي، وهو لا يملك أيّ شخصيّة معنويّة أمام القانون اللبناني حيث لا يوجد أيّ ترخيص لحزب سياسي إسمه حزب الله على ما أُثِيْرَ في الأسبوع المنصرم.
لذلك يبدو الحريري مطمئنًّا بعض الشيء لكنّه لن يقدر على ترجمة اطمئنانه هذا ما لم يلقَ أيّ دعم خارجيّ. أمّا داخليًّا فيبدو أنّ الخلاف سيستعر بين رئيس الجمهوريّة ورئيس حكومة تصريف الأعمال لسببين:
- ترشيد الدّعم الذي يتبنّأه دياب.
- سياسة المجلس الأعلى للدفاع.
هذان السببان كافيان لتوسيع الشرخ السياسي في البلد لكن يبقى أنّ الناس لم تعد مهتمّة بأيّ أمر سياسي بل جلّ همّها هو قوتها اليومي الذي يبدأ بالرغيف ولا ينتهي بحبّة الدواء. وفي هذا السياق سيحاول فريق الرئيس السياسي استرجاع ما فقده من مكتسبات معنويّة بالسياسة على قاعدة حمل لواء الدّفاع عن لقمة النّاس. قد تبدو هذه الطريقة الشعبويّ’ مبتذلة بعض الشيء لأنّ النّاس باتت مدركة بخفايا ألاعيب هذا الطّاقم السياسي مجتمعًا. ولن تنفع بعد اليوم أيّ عمليّات تجميليّة بل المطلوب عمليّة إنقاذيّة ولو قيصريّة.
وبين الفسحة السياسيّة وفشخة ترشيد الدّعم يضيع حقّ المواطن في العيش الكريم. ويبدو أنّ انتظار ساعة الصفر للعودة إلى الشارع باتت قريبة جدًّا، حيث لم يعد هنالك ما تخسره النّاس؛ الأموال عالقة في المصارف، ومن يتقاضى راتبًا بات صوريًّا. أمّا في الملفّ الأمني الذي تتغنّى به هذه الأكثريّة سوف لن يصمد إذا ما غضبت النّاس ونزلت إلى الشوارع بعد المساس بلقمتها.
بين الفسحة والفشخة يبدو أنّ هذه السلطة لن تخرج لبنان من ثلاجة الانتظار. لذلك على النّاس مجتمعة حول مطالبها الاجتماعيّة فقط أن تحوّل قوّة ضغطها الاجتماعيّة إلى قوّة ضغط سياسيّة لأنّ التغيير في لبنان لن يتمّ إلا عبر مؤسسات الدّولة. وأيّ محاولة للتغيير من خارج هذا الإطار ستفشل بحجّة ضرب مقوّمات وجود الدّولة. والغد القريب صار لنظاره أقرب !