#الثائر
كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول: خرج المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان بحصيلتين: حصيلة مساعدات انسانية للشعب اللبناني، وحصيلة سياسية ما هي سوى تأكيد وتكرار للموقف الفرنسي بضرورة تشكيل "حكومة مهمة وإصلاحات"، وإلّا لا مساعدات، فهل يسمع المسؤولون اللبنانيون الشروط الدولية، وتحديداً الفرنسية للتأليف؟ وهل يتحمّل لبنان مزيداً من المراوحة التي ترتد سلباً على واقعه المالي والمعيشي؟ وهل يعقل ان تكون باريس والدول المانحة أحرَص من السلطة في لبنان؟ ولماذا يدور التأليف في حلقة مفرغة؟ وإلى متى يمكن ان تستمر هذه المراوحة؟ وكيف يمكن كسرها؟ ولماذا لا تتم مصارحة اللبنانيين بالعقد وأسبابها؟ ومن يضمن عدم استمرار الفراغ الحكومي إلى أمد غير معروف؟ وهل العرقلة سببها خارجي وتتعلق بالعقوبات الأميركية أم أنّ أسبابها داخلية وتتصل بالمحاصصة؟
تتزاحم التساؤلات وسط مخاوف شعبية من تدهور الأوضاع في ظل الكلام عن رفع الدعم كخيار لا بدّ منه مع انسداد الأفق المالي، وجاء الموقف الفرنسي ليؤكد تَلازم المساعدات بتأليف الحكومة وشروعها في الإصلاحات، ما يعني أن لا مساعدات مرتقبة، وانّ التدهور سيتواصل فصولاً. وبالتالي، فإنّ الخيار الوحيد لِلجم التدهور يكمن في تأليف الحكومة فوراً وسريعاً، فيما الكلام عن زيارة مرتقبة للرئيس المكلف سعد الحريري الى القصر الجمهوري لم يتوقّف منذ أكثر من أسبوع وانّ التشكيلة جاهزة وسيعرضها على رئيس الجمهورية ميشال عون، الأمر الذي لم يحصل حتى اللحظة، ما يدلّ الى خلافات عميقة بين الرجلين، وأكثرها دلالة قول عون في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع: "صحيح انّ الحكومة مستقيلة وهي في مرحلة تصريف الاعمال، إلّا أنّ الظروف الراهنة تفرض بعض التوسّع في تصريف الاعمال لتلبية حاجات البلاد والمواطنين الى حين تشكيل الحكومة العتيدة". فهذا الكلام فسِّر على أنّ التأليف سيطول من جهة، وأنه رسالة إلى الحريري من جهة أخرى مفادها انّ عليه إمّا التأليف وفق وجهة نظر العهد، أو انّ تصريف الأعمال سيكون الخيار البديل.
ولا شك انّ هذا الموقف سيؤدي إلى مزيد من التشنُّج بين عون والحريري، لأنّ الرئيس المكلف يعتبر أنّ اي محاولة لتعويم الحكومة المستقيلة هي رسالة موجهة ضده، وهي ليست الأولى من نوعها منذ تأجيل استشارات التكليف، مروراً بتحميل عون المجلس النيابي مسؤولية هذا التكليف، وصولاً إلى كل الإشارات الصادرة من بعبدا عن عدم ثقتها بالرئيس المكلف، وآخرها أمس من انّ رئيس الجمهورية يَئس من مشاورات التأليف وقرر الاتّكاء على حكومة تصريف الأعمال.
وقد وضعت مصادر مطلعة المواجهة الصامتة بين عون والحريري في إطار المواجهة المفتوحة بين الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي لن يفتح باب التأليف قبل ان يتشاور معه الحريري، وقد جاءَه الدعم على هذا المستوى من " حزب الله " وعلى لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم تحديداً، الذي دعا الحريري إلى ضرورة التشاور مع الكتل، والمقصود في شكل أساسي التشاور مع باسيل، الأمر الذي لا يريده الحريري على رغم من انّ الموفد الفرنسي حاولَ في زيارته الأخيرة للبنان ان يتوسّط بين الرجلين، وبادرَ في هذا الاتجاه من خلال إصراره على التواصل الهاتفي بينهما في حضوره، وقد سُرِّب عن الموفد قوله انّ العقبة الأساسية أمام التأليف تكمن في العلاقة المقطوعة والمأزومة بين الحريري وباسيل.
مقاطعة وقطيعة
الى ذلك استغربت أوساط سياسية مواكبة للملف الحكومي كيف أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري يسعى الى تشكيل الحكومة وسط مقاطعة وقطيعة مع معظم القوى السياسية؟ لافتة إلى أنه "يمتنع حتى عن تحديد مواعيد لبعض الشخصيات السنية التي طلبت مراراً لقائه، في محاولة منه على ما يبدو لإبقاء الطبخة الحكومية طَي الكتمان، علماً انها ما زالت "طبخة بحص".
وتخوّفت الاوساط من ان يكون الحريري يحاول تقطيع الوقت الى حين استلام الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مهماته رسميّاً، خشية من أن يَتسبّب ضَم وزراء محسوبين على "حزب الله" إلى التشكيلة الحكومية، ولو كانوا غير حزبيين، في صدور عقوبات عن إدارة دونالد ترامب ضد شخصيات قريبة من الحريري ويقارب عددها التسع، وفق بعض التوقعات.
........
توسيع تصريف الاعمال
وإذ تبيّن انّ السبب هو الحاجة الى تسيير اعمال الدولة نتيجة تعثر تأليف الحكومة الجديدة وتعذّر انعقاد حكومة تصريف الاعمال لمناقشة ملفات استثنائية، أفادت معلومات لـ"الجمهورية" انّ الرئيس حسان دياب يرفض الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء لحكومة تَخلّى الجميع عنها وطلبَ استقالتها، فلماذا رمي المسؤولية عليها الآن؟ وفي المقابل يرفض عون الرضوخ لضغوط الفراغ الحكومي وتوقيع "حكومة أمر واقع".
وفي معلومات "الجمهورية" انّ اي اتصال لم يحصل بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري، منذ زيارة الاخير لبعبدا قبل نحو اسبوعين.