#الثائر
- " جورج غانم "
في الزمن الروماني، وعند عودة القادة العسكريين من فتوحاتهم منتصرين، كان القيصر الروماني يُعّد لهم استقبالا عظيمًا يجري فيه استعراض الجيش المنتصر. وفيما يدخل القائد الى حلبة الاحتفال، كان يردد احد الجنود الجالس على عربة الحصان خلفه على مسامع هذا القائد العسكري جملة مفادها: "تذكر إنّك إنسان"، كون القيصر حينها يعتبر نفسه الاله الأوحد دون سواه. فهل من يتعظ في بلدنا أنّه لم يعد يوجد على الأرض قياصرة؟
منذ قديم السياسة والساسة في لبنان، يعتبر المنتصر نفسه إله السياسة و"الحاكم بامرو" هوالمتسلط على رقاب الشعب، لكن أيتذكر احد من هؤلاء ان الحرب انتهت وان اتفاق حصل بين اطراف المجتمع اللبناني قَبل به بعضهم بالرغم من وجود الكثير من الاجحافات بحقهم، فقط من اجل إيقاف أزيز الرصاص وأصوات المدافع التي يستعد بعضهم الآخر لاسماعنا إياها من جديد ليبرهن انه قوي ويمتلك الشارع وعلينا الانصياع لارادته؟
فيما على الجميع بالوقت الحاضر خصوصًا التعقل والعودة الى احجامهم الحقيقة من دون استعمال لعبتي القوة والعدد، او لعبة الانتساب الى أي محور إقليمي كان او دولي، بل العودة الى ان يكونوا بشرًا يتمتعون بانسانية كاملة تعمل بفعالية المساواة بينهم وبين مختلف المكونات الأخرى، فلا يجوز الاشتراط بعضنا على بعض، ولا يجوز حبك مؤامرات او نصب افخاخ بعضنا لبعض كمن يجلد نفسه، ولا يجوز تخوين بعضنا بعضًا لمجرد اختلافنا بالاراء، وهو حق للجميع لكنه لا يسمح لاحد جر الاخرين الى خلافات تبدأ ولا تنتهي الا باتفاقات في الخارج ومن الخارج، لا تعيش سوى بضعة سنوات لتقع بهاوية التاريخ، كونها جميعها لم تنل موافقة الرأي العام قبل ابرامها، بل مُرِّرَت على حين غرّة لتنل موافقة مبنية على تقاسم مصالح وحصص من قبل بعض نواب فقدوا صلاحية تمثيلهم منذ ما قبل انتخابهم كونهم وصلوا بلوائح معلبة وملونة بصبغات مذهبية بغيضة، نشتم اليوم روائحها النتنة عند محك الازمة الحكومية في بلد مرهق الاقتصاد والمال والسيادة.
وبما انكم لستم آلهة تُعبد، فانتم اذا بشر خطّاؤون، وبالتالي عليكم اصلاح اخطائكم كون الرجوع عن الخطأ فضيلة، واذا ما تبقى لديكم من فضيلة مع كامل شكوكي بهذا الامر، اسمعوا صرخة الناس الموجوعة وصوت العقلاء المحقة للعودة عن الاصطفافات الإقليمية الى كيان الوطن والى عملية دعم الحياد الذي يصر عليه البطريرك بشارة الراعي كون الحل الوحيد المتاح حالياً او على الأقل المساهمة بانقاذ البلد عبر المبادرة الفرنسية لحين تسمح الظروف باجراء انتخابات نيابية حرة وحقيقة، تليها اقله إعادة النظر بالمراسيم التطبيقية المتعلقة بعمل الدستور من دون الاستقواء بالاعداد او بالتحالفات.
وختامًا نلح على ضرورة حماية الكيان اللبناني كوننا لا نرغب بالعيش في ولايات لبنانية ملونة تحمل روائح الماضي الأليم، كما نشد على اياديكم لصناعة حكومة انقاذية تنشل لبنان من القعر والدرك الذي وصلنا اليه جراء تصرفاتكم، علنا نتمكن من تضميد جرحى انفجار المرفأ ولملمة بيوت المهجرين من احياء بيروت الثكلى ونعيد الطلاب الى مدارسهم والعمال الى معاملهم، والا على الدنيا السلام.