#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
المشهدُ هو نفسهُ كمساءِ الرابعِ من آب... للحظةٍ نقول:
لماذا نتلقى على هواتفنا النقّالةِ افلامَ طريق المرفأ قبل شهرٍ وستةِ ايامٍ. واذا بالاخبارِ تؤكد لنا اننا امام فاجعةٍ جديدةٍ... يُسارع احد المسؤولين الاذكياء ليقول لنا انها لا تُشكلُ خطراً على السلامة العامة..
هي نفسها سذاجةُ الاكاذيبِ التي أُطلقت في اللحظاتِ الاولى لانفجارِ المرفأ تتكرّرُ في حريقِ العاشرِ من ايلول...
***
الأنكى أننا امامَ مشاهدَ سورياليةٍ:
ناسٌ تهرولُ مسرعةً خوفاً من انفجارٍ محتمل للمواد المحترقة... صدمةٌ لدى المراقبينَ من بعيد، وقد امطرت سماءُ الاشرفية ومار مخايل والجميزة والخندق الغميق ووسط بيروت موادَ سوداءَ تتطايرُ في الهواءِ زارعةً السمومَ والملوَّثاتِ المسرطنةَ في ما تبقى من اعضاءٍ بشريةٍ تسيّرُ ما تبقى من مواطنين...
ما هذا الجنونُ؟ ما هذا القرفُ؟ إين نعيشُ؟
الجحيمُ كما وُصف لنا في الكتب قد يكونُ أخفَّ ايلاماً مما نحنُ فيه... وهنا نُطرحُ الاسئلة:
هل يُعْقلُ ان يطلبَ مدير عام الدفاع المدني من ادارةِ مرفأ بيروت تحديدَ نوعيةِ الموادِ المحترقةِ حتى يعرفَ الدفاع المدني كيف يتدخل؟
هل يُعْقلُ ان يقول مدير المرفأ الذي عُين بالوكالةِ من جديد ان ما جرى قد يكون له علاقةٌ بنقلِ موادِ زيوتٍ من العنبر الى مكانٍ آخر من دون اطلاع الادارةِ والمراجع الامنيةِ على ذلك فيما يمكن القول انه ربما هناك من كان يعمل على "التلحيم":
عدنا لنظريةِ التلحيم... وما ادراكَ ما التلحيمُ الذي يُعيدنا الى سببِ انفجار 4 آب، فهل ما جرى هو استكمالٌ لمسلسل 4 آب؟
***
ومَن يريدُ تدميرَ مرفأ بيروت نهائياً وتعطيلهُ، لعلّ السؤالَ الأبرز:
ما دامت عملياتُ المسحِ كانت قائمةً منذ الرابع من آب على كل العنابر والمستوعبات والمستودعات في مرفأ بيروت، ألم ينتبه احدٌ من "الماسحين" ان هناك موادَ اخرى معرّضةٌ عن قصدٍ او غيرِ قصدٍ او عن اهمالٍ للاحتراق وان على بعدِ امتارٍ منها هناك مستودعٌ للكبريتِ قد ينفجرُ بدورهِ؟
ماذا كان يفعلُ كل هؤلاء المنظّرون والمسَّاحون والدجّالون والموفدون الدوليون منذ شهرٍ؟
المحزنُ ان يقول رئيس مرفأ بيروت بالوكالة ان فوج اطفاء مرفأ بيروت لا يملكُ الا شاحنة إطفاءٍ واحدةٍ تمت اعادة تشغيلها من اموالِ الموظفين لان قانون موازنة 2019 لا يسمح الا بدفعِ رواتب موظفي المرفأ فقط...
اين نعيشُ؟ مع من نعيشُ؟ كيف يُمكن لهؤلاء الفاسدين المجرمين ان يحكمونا وان يتحكّموا بأرواحنا واعمارنا وأرزاقنا وأنفسنا...
نعم ...لم يكتفِ هؤلاء الفاسدون المجرمون بما ارتكبوه... ناسٌ فقدت فلذات اكبادها ، ناسٌ فقدت عيونها وبُترت اعضاؤها في انفجارِ الرابع من آب... دُمرت مدينةٌ بكاملها واتشحت بالسوادِ والعتمةِ ورائحةِ الدمِ والموتِ... ألم يكتفِ هولاء...؟
***
ها هم اليومَ يفتكون بأنفاسِنا، بما نتنشقهُ... موادُ مسرطنةٌ تتطايرُ في الهواء الملوث لتدخلَ كل رئةٍ وكل عينٍ وكل قلبٍ... لم يكتفِ اللبنانيون من آثارِ كورونا المتصاعدة ارقامها.. جاءهم من جديد كورونا فسادُ المسؤولين عنهم ليضربهم من جديد في صحتهم ونفَسِهم وهوائهم....
الانكى ان تسمع وتقرأ خبراً ان وزيرة العدلِ في حكومة تصريف الاهمال التي رشقها الثوارُ بالبيض، تطلبُ فور اشتعال الحريق من مدعي عام التمييز اجراء التحقيقاتِ اللازمةِ وتسطيرَ الاستناباتِ القضائيةِ..
كم هذا جميلٌ جداً وكم هذا عظيمٌ.. دائما يأتي فُتاتُ الدولةِ متأخراً عما يُعانيهِ الناس...
***
ماذا بعد؟ ماذا ننتظرُ من "كلهم يعني كلَّهم" الطبقةُ الفاسدةُ المهترئةُ قولاً وفعلاً والتي ادارت البلادَ منذ 25 عاماً؟
هل يريدونَ اخذَ الجميعِ الى المقابرِ... إما انفجاراتٌ وإما سرطاناتٌ؟
ألم يشبع اهلُ الفسادِ من اجرامٍ ومن زهقِ ارواحِ الناس؟
أوليس مريباً ما يحصلُ في مرفأ بيروت منذ سنواتٍ ومنذ شهرٍ ولغايةِ اليوم... مفتعلٌ ام غيرُ مفتعلٍ؟
***
الواقعُ اننا في جحيمٍ شياطينهُ يعيشونَ معنا، ويأكلونَ في صحوننا، وتعايشْنا معهم... حتى ولو قتلونا....