#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
في اللحظةِ التي غادر فيها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بيروت بدأ العدُّ العكسي للمهمةِ المستحيلةِ للرئيس المكلف مصطفى اديب... للمرةِ الاولى تكون المهمةُ بهذا القدرِ من الخطورةِ والدقةِ وربما الاستحالةِ.
مهلةٌ زمنيةٌ ضيقةٌ، ضغوطٌ دوليةٌ لانجاح المساعي، وترصُّدٌ مع كثيرٍ من التحفظ من الجانب الاميركي...
المعاييرُ التي وضُعت من قبل الجانب الفرنسي تبدو وكأنها لحكومةٍ في "جزر القمر".
صحيحٌ انها رائعةٌ وعظيمةٌ ولكن بالعودة الى الارض فانها اصطدمت بشياطين التفاصيل .
وصحيحٌ ان الرئيس المكلّف يأتي بضماناتٍ شخصيةٍ لها علاقة بارتباطاتٍ خاصة بالجانب الفرنسي ولكن هذا لا يكفي لنزعِ فتائلِ تفجير أي تشكيلةٍ حكومية...
***
المداورةُ هل تشملُ كل الحقائب أم تستثني المالية؟
الوجوهُ الجديدةُ القادمة من يختارها ووفق أيِّ معاييرٍ؟ وهل صحيحٌ ان لا علاقة لمن افرزته الثورة بالاسماء المقبلة خشية الاحتكاك بممثلي القوى السياسية؟
من يختارُ الوزراء المسيحيين ومن يختارُ الوزراء المسلمين بكل مذاهبهم؟
وهل ستُترك للرئيس المكلف وحده مسؤوليةُ اختيارِ الاسماء؟ من يضع الفيتوات؟ الرباعي الرئاسي السني أم الرئيس عون ام جبران باسيل أم قيادات الثنائي الشيعي؟
***
جاء ماكرون وتحدث عن وجود جميع الافرقاء في البلد بمن فيهم حزب الله...
في اليوم التالي لمغادرته بيروت حلّ دايفيد شينكر ليعزلَ نفسه عن زيارات الرسميين وليلتقي فقط المجتمع المدني وبعض قياداتِ الثورة والنواب المستقيلين... في اشارةٍ واضحةٍ الى عدم رضى على ما يجري وعلى ما يحضَّر... ويُنقل عن بعض من التقوهُ قولهُ لهم:
قد لا تحضر واشنطن المؤتمر الذي وعد به ماكرون نهاية نوفمبر لمساعدةِ لبنان...
***
اما الشعرةُ التي قصمت ظهرَ البعيرِ فجاءت من واشنطن ليل الثلاثاء وهي العقوبات الاميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس بتهمة تقديمهما الدعم لحزب الله والتورّط في الفساد فيما يقول بومبيو ان أيَ شخصٍ ساعد حزب الله سيُحاسب...
عملياً: رسالةٌ واضحةٌ لما قاله ماكرون حول موقع حزب الله في التركيبةِ السياسية اللبنانية وفي مكوّنات النظام اللبناني...
فكيف سيتعامل الرئيس عون والرئيس المكلّف مع هذه الرسالة التي من الطبيعي ان الثنائي الشيعي سيكون مضطراً للتشدّدِ اكثر في مطالبه وفي سقوفهِ؟ وهل سيسلّم رقبتهُ كما يُقال لحكومةِ اختصاصيين في مرحلةٍ حرجةٍ عشيةَ الانتخاباتِ الاميركية؟
تبدو الامور حتى الان مقفلةً...فريقٌ يجرُّ آخرَ لتحميلهِ مسؤولية تعطيل مبادرة ماكرون... وفي الانتظارِ... بلدٌ مخنوقٌ...
وكأن لا انفجارَ دمّرَ عاصمةً ولا ناسٌ مهجرون خارج بيوتهم ولا اطفال بلا مدارس ولا ناس عاطلون عن العملِ ولا جوعٌ يدقُ الابوابَ...
بلدٌ انهار على ابنائهِ اما المسؤولون عنه فينتشون بصورِ الموتِ اليومي. وانتظار بطاقاتِ الدعمِ الموعودةِ...
هل أنتبه اللبنانيون الى أين وصلوا؟
بلدٌ مفلسٌ، مدمّرٌ، محاصرٌ، فقيرٌ، جائعٌ... ينتظرُ قسائم الدعمِ .