#الثائر
- " جورح غانم "
تقفز كرة حظ لبنان من حفرة السلطة إلى حفر الشعب المنهوك والمنهوب، ومنها إلى كرة الدول الغربية وتدخلاتها، وكأن هذا البلد لا حول ولا قوة له سوى تلقي الصدمات المتكررة ومن دون أي حساب لشعور أهله المصابين جراء انفجار الفساد والاهمال، من قبل المفترضين أن يهتموا بمصير من أولوهم مصيرهم في انتخابات قيل عن قانونها جديد، ولم يكن فيه من التجدد سوى الشكل الذي أعاد من هم في السلطة اليها بدون تعديل أو تحسين لا في الاداء ولا في المضمون. فهل نحتاج إلى إعادة إنتاج سلطة أم نظام؟
الغريب أن أغلبية دول العالم هبّت لنجدتنا، وهبّت معها مشاعر وجهود أبناء الجاليات اللبنانية في الخارج لارسال المساعدات إلينا، في حين أنّ المسؤولين في بلاد الارز لا يهتمون بالجزء اليسير من هذه المهمة التي يكافح فيها المجتمع المدني مشكورًا، والجيش شبه وحيد من أركان هذه السلطة لمواجهة تداعيات الكارثة المتنقلة بين لوني الاحمر والاسود، رمزي الدم والموت في بقعة روليت الوطن، فيما جهود ما يسمى الاغاثة غائبة عن الساحة حتى لا نقول عن الوعي.
شهر بالتمام والهلال مضى وكأن الانفجار وقع البارحة ولم يرفع من الشوارع الا الركام ولا أثر لعملية ترميم وبناء بدأت بجهود الدولة بل من جيوب الناس الشبه فارغة، أو من أموالها المحكوم عليها بالاقامة الجبرية ليس في المصارف اللبنانية، بل في الخارج حيث تم تهريبها للمحافظة على ثروات الاغنياء تاركين الفقراء بعوز مدقع لأموالهم، أشدّ فقرًا من الحاجة نفسها.
بحسب ما يتبين يومًا بعد يوم من تردّد في اتّخاذ قرارات محاسبة المسؤولين عن الكارثة وتباطؤ بعمليات الاعمار، يوحي بأنّ هذا النظام برمّته بحاجة الى عملية إعمار من أساساته بحيث لا تكفيه عملية ترميم حتى لا تزيده تشويهًا.
قد نكون بحاجة إلى قانون انتخابي يمثل بدقّة الواقع اللبناني فيصل من خلاله أكفاء ينكبّون على إعداد دستور جيد وواضح، يلحظ حقوق الانسان كانسان في أساساته، ويتساوى فيه المواطنون من دون أي تمييز لأي فئة انتموا، يعرفون حقوقهم وواجباتهم بالكامل. وهذا ما سينتج بدوره سلطة ضنينة على مصلحة أبنائها، ولا تعير أيّ اهتمام لرغبات الخارج، إلا بما يتناسب مع مصلحة هذا البلد.
المطلوب سلطة تقول نعم واضحة لرغبة أبنائها وبناتها، وتصرخ لا مدوية لمصالح الدول على أرضنا. سلطة تسعى لاستغلال مواردنا النفطية من دون الأخذ بالاعتبار سوى لرغد عيش أبنائها، وليس ما قد تناله من حصص لجيوب المسؤولين فيها، سواء من الشركات المنقبة أو الدول الراعية. سلطة قوية تدافع بكل عزم وعنفوان عن لبنان وأرضه وشعبه، ولا تترك هذه المهمة لأحد مهما كان قويًّا وقادرًا، بل عليه أن يضع إمكاناته دون شروط بين يدي السلطة النزيهة التي ستحميه وتحمي البقية. سلطة عادلة يحتكم إليها الناس من دون أيّ وساطة، بل يتكلّ المتقاضون على ضمير القاضي وحقوقهم التي يرغبون باسترجاعها عبر القانون والقانون فقط، لا بوساطة العشيرة أو الحزب أو زعيم المنطقة.
المطلوب أيضًا السعي لإنتاج سلطة تعلّم أبناءها حبّ الوطن والعلوم معًا بكفاءة عالية، فتخّرج أعلامًا يرودون العالم فيزرعوا لبنان أينما حلَوا، وتخّرج بالوقت عينه حماةً للعلم يحرسون ويحمون الارزة على علمٍ ويزودونها بالدم. سلطة تطبب بنيها من دون انتظار مستشفيات ميدانية من الخارج ولا حفنة مساعدات مشكورة لا تسمن ولا تغنى عن جوع.
أمّا اليوم وكي لا ندور في حلقة مفرغة، أو نحيا بالأحلام والتمنيات، على السلطة الموجودة أن تعمل بشكل فوري وفق النظام المعمول به على الاغاثة الحقيقة لتعيد الناس الى بيوتهم، والطلاب الى مدارسهم، والعمال وأصحاب العمل الى أعمالهم ومصانعهم ومتاجرهم، ومن ثم تسوي الاقتصاد والمالية العامّة بشفافية الارقام والعائدات. لتنتهي بإعداد المطلوب منها عبر إفساح المجال لانتخابات جديدة من خلالها يجري العمل على إنقاذ لبنان، لإنتاج سلطة سياسيّة جديدة تعمل وفق الأسس الني أشرنا إليها، على أمل أن نستطيع تطوير النّظام، لنوقف لعبة الروليت خوفًا من الوصول يومًا ما إلى لعبة الروليت الروسية فنخسر هذا البلد العزيز نتيجة المقامرة عليه والمغامرة بمصيره. وهناك البكاء وصرير الأسنان.