#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
اختارت القوى السياسية اللبنانية مرة جديدة أنصاف الحلول وتقطيع الوقت، بانتظار ما سيسفر عنه المشهد الدولي، من الانتخابات الأمريكية إلى التسويات الكبرى في فلسطين وسوريا والعراق وإيران وليبيا وغيرها .
لم تنضج التسوية بعد، ولذلك تلقّى سعد الحريري نصائح دولية ومحلية بعدم العودة إلى الحكومة الآن، ورُفض نواف سلام باعتباره مشروعاً أمريكياً في مواجهة حزب الله، واتُفق على الدكتور مصطفى أديب ، كرجل أكاديمي ودبلوماسي يجيد التواصل مع أفرقاء الداخل والخارج، لوقف التدهور الاقتصادي الذي لحق بلبنان، وإنجاز بعض الإصلاحات الضرورية التي تطالب بها فرنسا والمجتمع الدولي، كشرط لتقديم المساعدات للبنان .
قال مصدر مطّلع ل «الثائر»: أنه غير صحيح ما يشاع عن أن أديب لن يتمكن من تشكيل حكومة، وأنه سيعتذر ليعاد تكليف الحريري. وأضاف المصدر لو كان الحريري راغباً الآن بتولي رئاسة الحكومة لتمسّك بشروطه وعدم تسمية أحد، لكنه فضّل أن يبتعد ويسمي شخصية غير لصيقة به لكنه يثق بها، فكانت تسمية الدكتور مصطفى أديب الذي وافقت عليه باقي الكتل وكُلّف باغلبية ٩٠ صوتاً .
ويتوقع المصدر أن يتم تشكيل الحكومة قريباً لعدة أسباب: أولها أن هناك قوى لن تشارك في الحكومة بشكل مباشر كما أعلنت، وأولها القوات اللبنانية التي سمّت نواف سلام، واللقاء الديمقراطي، وحزب الكتائب اللبنانية الذي استقال نوابه من المجلس، وكذلك تيار المستقبل. وهذا يعني أن عملية اختيار اسماء الوزراء، ستتركز على شخصيات أكاديمية، مقربة من القوى السياسية لكن غير ملتزمة حزبياً، وهذ سيسهل إلى حد ما عملية التأليف .
ثانياً: إن الدعم الفرنسي للرئيس المكلف مصطفى اديب واضح، وهو كان قد وصل إلى بيروت قبل يومين من موعد الإستشارات النيابية، وترافق وصوله مع اتصالين من الرئيس الفرنسي ماكرون برئيسي الجمهورية اللبنانية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، اسفرا عن التوافق على تكليف السفير اديب المقرب من فرنسا، تشكيل الحكومة المقبلة .
ثالثاً: أنه هناك توافق دولي على وقف تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، وقادت فرنسا حملة اتصالات مكثّفة في هذا الإطار مع الدول المعنية، كالولايات المتحدة وروسيا وإيران والمملكة العربية السعودية والدول الأوروبية .
ويشير المصدر إلى أن وقف التدهور لا يعني إنقاذ لبنان، فالوضع يتطلب معالجات طويلة الأمد، ولن تعود الأوضاع إلى التحسن بسرعة، فكافة الإصلاحات والمشاريع المطروحة تحتاج إلى سنوات لتظهر نتائجها، ولذلك فإن الحكومة المقبلة سيكون عليها تقطيع المرحلة بالحد الأدنى من الخسائر، وإعادة ترميم الوضع، أكان على صعيد أزمة المصارف وتدهور سعر صرف الليرة، أو على صعيد مرفأ بيروت وإعادة إعمار ما تهدم، والذي تبلغ تكلفته حسب بعض التقديرات بحوالي أربعة مليار دولار .
ستلقى الحكومة القادمة معارضة سياسية داخلية، خاصة من القوى التي ستبقى خارجها، أو تلك التي لا تريد المصالحة مع العهد، وكذلك رغم الدعم الفرنسي المعلن، ستكون هذه الحكومة غير مرحب بها في بعض الدول، التي ترغب بإحداث انقلاب سياسي شامل في الاوضاع اللبنانية وإخراج حزب الله من المعادلة .
لم يشأ فريق رئيس الجمهورية إعادة إحياء التسوية مع الرئيس الحريري، ويرفض كذلك عدة فرقاء آخرين ، تقديم تسهيلات أو تنازلات تفيد وتُنقذ العهد، وهم راغبون بزيادة خيباته، واستثمار فشل الإصلاح، للاستفادة من تراجع شعبية التيار الوطني الحر وحلفائه في الانتخابات النيابية القادمة .
إنها نصف تسوية، ونصف حل، ويبدو أن الأزمة مستمرة، ولا انفراجات قبل اتضاح وجهة التسويات الدولية الكبرى في المنطقة، وكذلك انحسار أزمة وباء كوفيد-١٩، الذي كبّل العالم وفاقم مشكلاته، وخلّف أزمات مالية عالمية بالجملة .