#الثائر
- جورج غانم
في الذكرى الخامسة والسبعين،في السادس من شهر آب، من العام 1945، وقعت كارثة هيروشيما على أثر ضرب الولايات المتحدة الاميركية، في نهاية الحرب العالمية الثانية، بأمر مباشر من الرئيس الاميركي، هاري ترومان، عدوتها اللدودة، المتمثلة بأمبراطورية اليابان بقنبلة ذرية، أسمتها: "الولد الصغير" دمرت المدينة بأكملها مخلفة الدمار الشامل لمعظم معالمها، فضلا عن الأعداد المرتفعة من القتلى والجرحى، ولاحقا من المعوّقين، وثم اعقبتها في التاسع من الشهر عينه بقنبلة أخرى أسمتها: "الرجل البدين" على مدينة نغازاكي.
من سخرية القدر أنه تمّ اعتماد قبة الكاتدرائية في المدينة كهدف للتصويب، حيث كان يحتجز 20 عسكري أميركي وبريطاني كأسرى، في أحد مراكز الاحتجاز القريبة، وذلك القصف جاء ردًّا على رفض السيد سوزكي، رئيس وزراء اليابان حينها، مقررات مؤتمر بوتسدام الذي طلب من اليابان الاستسلام من دون شروط.
وبعد حوالي أربعين عام، وفي السادس والعشرين من شهر نيسان، في العام 1986، وقع انفجار في مفاعل تشرنوبيل في أوكرانيا السوفاتية حينها، حاصدًا عددًا من القتلى والجرحى، أعقبه تفشيًا لمرض السرطان في الغدة الدرقية، وذلك نتيجة رعونة مجموعة من المهندسين القليلي الخبرة، لإدارة المفاعل.
ليكمل هذا النوع الكارثي من الانفجارات فيصيب مدينة بيروت بمرفئها الذي احتضن 2750 طن من نترات الامونيوم، بتمام الذكرى الخامسة والثلاثين لانفجار تشرنوبيل، والخامسة والسبعين لذكرى قنبلتي هيروشيما ونغازاكي، وكأنه تحية بغيضة للذكرى الخامسة والسبعين، لعيد الجيش، حيث يأتي هذا الانفجار الضخم بسبب قلة مسؤولية العارفين عن احتضان هذا النوع من المواد المتفجرة، وتلكؤ السلطات الرسمية؛ أكانت سياسية أم قضائية، تجنيب لبنان وعاصمته هذه الفاجعة التي أصابت ما يقارب 135 شهيدًا حتى كتابة هذه السطور، وما يقارب 5000 جريح، يُضاف إليها سقوط أربع من مستشفيات العاصمة بالضربة القاضية، ناهيك عن خسارة الأهراء الاساسي للقمح، دون أن ننسى خروج المرفأ ولفترة طويلة عن العمل في أكثر نظرة تفاؤلية للواقع المرير، وخسائر في المنازل والارزاق بمئات الملايين من الدولارات.
وذلك كلّه حصل في غمرة مصيبة وبائية لجائحة الكورونا حيث نتخبط بمجموعة قرارات همايونية للمسؤولين عن الملف، أقلّ ما يقال فيها، إنّها عشوائية، وبدون أيّ أفق، فأصرّت على فتح البلد بطريقة غير آمنة، مقابل أرباح مادية ومالية على حساب صحّة المواطنين، بدل الاصرار على إقفاله للتعافي التام.
وعليه نشير إلى المعالجات الفورية منها، والبعيدة المدى:
• إعتماد تحقيق قضائي موسع وموثوق يطال كبار المقصرين، وليس أضعفهم، أو من لا حول ولا قوة لهم.
• إعادة الاعمار بطريقة آمنة تحفظ الارواح، والممتلكات، والتراث بالوقت عينه.
• إعتماد نظرة مستقبلية لبناء مرفأ حديث لمدينة بيروت دون الوقوع في المحاصصة والسرقات.
• إعادة إعمار وترميم المنازل الاثرية وتجنيب أصحابها الوقوع فريسة جشع تجار البناء.
• إعادة إعمار المنازل والمحلات والفنادق بسرعة قصوى لإيواء المواطنيين.
• التعويض على المتضررين بما يسدّ حاجاتهم، وليس فتات تصيب الناس بالقهر بعد المعاناة والعذاب.
• إعتماد جزر صناعية اصطناعة وسط البحر تبعد ما لا يقل عن الميل الواحد، تستعمل لتخزين هذا النوع من المواد المتفجرة الخطرة، مع وجوب السعي في المستقبل القريب لنقل خزانات الوقود كافّة الى هكذا نوع من الجزر ، وابعادها عن البر الرئيسي.
ختامًا، نطلب من الله أن يرحم الشهداء، ويشفي الجرحى، ويعضد المتعبين والمضنوكين من اللبنانيين، وندعو لقيامة لبنان بعد جلجلة قاسية، متأملين أن يعي مسؤولوه واجباتهم، ومتألمين على الخسائر البشرية والمادية التي أصابت أبناءه، وإلا ... فعلى الدنيا السلام.