#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
صدر عن وزارة التربية والتعليم العالي خطة، وضعت ثلاث احتمالات لما يمكن أن تفعله المدارس والجامعات والطلاب في العام الدراسي القادم، دون أن تحسم الأمر ما إذا كان الطلاب سيعودون إلى المقاعد الدراسية، أم سيتم التعليم عن بُعد، أو فتح جزئي للمدارس .
خطة مزركشة بكل الألوان، أشبه بعرض مسرحي لمشاكل قطاع التعليم في لبنان. تشكيل لجان، ووضع مخرجات عامة، وتوصيات ومواعيد، بعضها غير واقعي وغير قابل للتنفيذ، مما جعل العديد من الأساتذة والتربويين والأهل، يُعربون عن امتعاضهم من هذه الخطة التي وصفوها "بمسرحية الضياع".
وتساءل الكثيرون لماذا لم تتخذ الوزارة قراراً بالشراكة مع وزارة الصحة والداخلية والاقتصاد، طالما أننا ما زلنا في حالة طوارئ صحية، جراء الوباء الذي تُشير التوقعات العلمية إلى احتمال ازدياد خطره في الأشهر القادمة .
هل تحولت كل وزارة إلى دويلة؟ فهذه تفتح المدارس وتلك تُغلقها؟ وهذه تفتح الأماكن السياحية والمطاعم وتجيز الحفلات ووزارة أُخرى تمنعها؟ وهذه تضع خطة عودة إلى الحياة الطبيعية وتلك تُجهضها؟ .
وبالعودة إلى خطة وزارة التربية وعناوينها الفضفاضة، لا يمكن أن نفهم ما هو دور المركز التربوي، وأين تلك الدراسات التي هي من صلب مهامه؟ فهل تلك الدراسات غير موجودة فعلاً؟ أم أن الوزارة لا تريد الأخذ بدراسات المركز؟ وإذا كان لا حاجة للمركز التربوي فلماذا لا يتم إلغاؤه؟ .
كيف ستنجز الوزارة مناقلات الأساتذة في أيلول كما ذكرت الخطة، وقبل أن تكتمل لديها المعطيات عن أعداد التلاميذ وحالات الاكتضاض في المدارس، التي لحظت الخطة ايضاً أنها ستُنجز في ايلول؟ .
ورد في الخطة أن ٣٦٤ مدرسة رسمية في وضع سيّء وتحتاج إلى صيانة، لكن الدراسات والتوصيات والموازنة كلها ستُنجز في ايلول. فهل هذا موعد لفتح أبواب هذه المدارس واستقبال التلاميذ؟ أم هو موعد بدء ورشة الصيانة؟ وكيف سيتعلم ٨٠ الف تلميذ في تلك المدارس وهي غير جاهزة؟
لا يمكن أن تجد جواباً واحداً شافياً وكافياً في خطة وزارة التربية، فقط توصيات وتساؤلات ومخرجات وعناوين. وكأن من يجب أن يأخذ القرارات هو هيئة أُخرى غير هذه الوزارة .
نُقل عن رئيس الجمهورية أنه سيتابع الموضوع التربوي في البلاد، وسيوليه اهتمامه، وهذا أمر جيد طبعاً. لكن الحقيقة أن هذا الكلام كان يجب أن يصدر عن مجلس الوزراء ورئيسه، الذي أناط به الدستور السلطة التنفيذية، ومسؤولية اتخاذ القرارات .
كما أنه في ظل الظروف الراهنة، يجب أن يكون موضوع إعادة فتح المدارس أو عدمه، مسؤولية مشتركة بين كل الوزارات، خاصة المعني الأول بصحة الناس ومكافحة الوباء، أي وزارة الصحة العامة، وكذلك وزارة الداخلية، والدفاع، والشؤون الاجتماعية، والإعلام، وغيرها .
لقد اتخذت الدول الأوروبية قراراً بفتح المدارس والجامعات، وبمتابعة التعليم عن بُعد (اونلاين) حتى نهاية كانون الأول ٢٠٢٠، وذلك بسبب الأوضاع الصحية، وعدم اتضاح الصورة بعد لما يُمكن أن تؤول إليه حالة وباء كوفيد-١٩ .
أفلا يجدر بنا اتخاذ قرار كهذا وحسم الأمور؟ ولماذا الإنتظار؟
أم هناك جهات من أصحاب المصالح والمدارس الخاصة تضغط على وزير التربية، وتستعجل عودة الطلاب ودفع الأقساط، مهما كانت نتائج المخاطرة بالوباء؟ .
العالم في حالة طوارئ صحية، والخيارات محدودة. فإما فتح البلاد وما سُمّي بمناعة القطيع، وإمّا التشدد بالوقاية وإجراءات السلامة، خاصة أن ما شهدناه مؤخراً في لبنان من استهتار وفوضى شعبية عارمة، لا يُشجع على فتح البلاد. وعلى مجلس الوزراء مجتمعاً اتخاذ القرارات، والتشدد في تنفيذها، أو الإستقالة وإفساح المجال أمام سلطة أُخرى، تكون قادرة على اتخاذ القرارات .
يتصرف بعض الوزراء وكأنه على أريكة الإسترخاء، ثم يُطل علينا كمَن استفاق من حلم جميل، فيوزّع التوصيات والتساؤلات، ويعين اللجان والمستشارين، ويغط مجدداً في نوم عميق، والبلد يغرق والناس تئن، ومعالي السادة الوزراء يُطلّون علينا بابتسامة عريضة، تغمرهم فرحة عظيمة بسحر اللقب، وترف المواكب والحراس .