#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
وَلَيْسَ يَصُحُّ فِي الْأَفْهَامِ شَيْءٌ إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلِ
قالها المتنبي يوماً، ونعيدُ هذا القول اليوم تحت عنوان :
وهل يحتاجُ النهارُ إلى دليل؟
والمقصودُ بهذا الكلام أن معنى المقالات والعناوين في كثيرٍ من الأحيان، لا يحتاج إلى شرحٍ تماماً كما "النهار لا يحتاجُ إلى دليل".
***
كتبنا الأسبوع الماضي مقالاً تحت عنوان :
معزوفة "تحميل المصارف الخسائر" :
لا يجوز ان تسرقوا الناس مرتين !"
قلنا في آخر المقال :
" تريدون التوزيع العادل للخسائر؟
إستردوا ما وزعتموه نَصْباً وتنفيعاتٍ قبل أن تمدوا أيديكم مجدداً إلى أموال المصارف التي هي في معظمها اموال المودعين .
لا يجوز أن تسرقوا الناس مرَّتين ! "
المقصود لمَن فهِم خطأ ما يلي :
التوزيعُ العادل للخسائر واردٌ في الخطة المالية للحكومة، إذا لا علاقةَ للمصارف بها ،ولم نقصدها .
وكتبنا: استردوا ما وزعتموه نصبًاً وتنفيعات ... وليست المصارف هي التي وزعت نصباً وتنفيعات بل السلطة السياسية .
وكتبنا: "لا يجوز أن تمدوا أيديكم مجدداً إلى أموال المصارف التي هي في معظمها اموالُ المودعين .
لا يجوز أن تسرقوا الناس مرَّتين ! "
هنا نخاطب الحكومة التي تريد ان تقتطعَ من أموال المصارف ومن أموال المودعين" ... فكيف نكون نتهم المصارف بسرقة الناس مرتين؟
المصارف والمودعون كلاهُما سُرِقا على يد السلطات التنفيذية المتعاقبة، فرجاءً لا تُفسِّروا ما لم نكتبه لأنه واضحٌ ولا يحتاجُ إلى دليل، كما قال المتنبي .
***
بعد هذه الجدلية، أين نحن اليوم؟
هذا الأسبوع هو اسبوع انطلاق المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي :
الوفد اللبناني سيرئسه وزير المال مع مجموعة من الخبراء الذين ساهموا في وضع الخطة المالية .
وفد صندوق النقد الدولي يدخل إلى المفاوضات حاملاً الخطة المالية للحكومة اللبنانية مع الملاحظات التي وضعها عليها .
مما لا شك فيه أن المفاوضات ستكون شاقة وصعبة، ومن المحتمل ان يضعَ صندوق النقد الدولي سلسلةً من الشروط تشكِّل السقفَ الذي سيبدأ به المفاوضات، كما تشكِّل بالون اختبارٍ وجس نبضٍ حول ما يقبل به لبنان وما لا يقبل به، تمهيدًا لكشف ورقتهِ عن الشروط التي يضعها على لبنان تمهيداً لمدِّه بالمساعدات على شكلِ قروض، ومن هذه الأفكار كجس نبض :
خفضُ حجم القطاع العام بنسبة 30 % على الأقل .
وما أدراكم ما في القطاع العام الذي يضم 370 الف موظف،وفيه فائض كبير بالادارات المدنية للدولة .
وان القطاع الخاص الذي كان يدعم القطاع العام طوال السنين الماضية، قد أفلسَ وشبعَ افلاساً.
تغييرٌ شامل لمسألة رواتب التقاعد، ما يؤدي إلى خفض كلفتها .
خفض العمالة الأجنبية في البيوت بنسبة تتجاوز 90 % والتي تشمل كل العمالة الاجنبية التي تحول الى بلادها دولاراً،وعدم السماح بها إلا في حالاتٍ توضَع عليها شروطٌ قصوى ورسومٌ مرتفعة .
رفع تعرفة الكهرباء بحيث يتحول هذا القطاع من قطاع خاسر إلى قطاعٍ مُربِح .
***
هذا غيضٌ من فيض ما سيطلبه صندوق النقد الدولي، كجس نبضٍ، فهل يقبل لبنان؟
السؤال الأهم: هل لبنان قادرٌ على عدم القبول؟ أليس هو الحلقة الأضعف؟
لبنان هو الذي لجأ إلى صندوق النقد الدولي للإقتراض ، بعد ان نهبوهُ وسرقوه وشربوا مال فسادهم وهدرهم على مدى أكثر ايلاما خلال 15 عاما.
وليس صندوق النقد الدولي هو الذي طلب أن يقترض من لبنان .
على الحكومة والسلطة السياسية أن تتذكَّر دائماً هذا "التفصيلَ الصغيرَ".