تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
يحاول البعض التصويب على الجيش ودوره، مستغلاً العدوان الاسرائيلي في الجنوب، وعملية الخطف التي حصلت في البترون. ومن الواضح أن خلف هذا الهجوم الممنهج على الجيش، هدف أكبر، ورسالة يريد البعض ايصالها إلى قيادة الجيش، وإلى أطراف سياسية أخرى في الداخل والخارج، وهي ليست بعيدة عن الدعم الذي يحظى به ترشيح قائد الجيش، العماد جوزيف عون لمنصب رئاسة الجمهورية.
أولاً في موضوع موقف الجيش، فالكل يعلم أن الجيش ينفذ الأوامر السياسية الصادرة عن السلطة التنفيذية، وفقاً للدستور وقانون الدفاع الوطني، ويتقيد بكل ما يصدر عنها من توجيهات وأوامر وتعليمات. ولذلك فأي سؤال في السياسة، يجب أن يتم توجيهه إلى الحكومة مباشرة، والاستفسارات منها حول ما هي القرارات التي أصدرتها للجيش، منذ بداية العدوان الإسرائيلي.
ثانياً من يريد الدولة وينادي بالحفاظ على السيادة، لا يهاجم الجيش ويحاصره ويقوم بتجويعه ومنع السلاح عنه، بل على العكس فعلى هؤلاء تقديم كل ما يلزم لتجهيز الجيش وتسليحه ودعمه، وتأمين مستلزمات الحياة الكريمة واللائقة لضباطه وعناصره، المستعدين لفداء الوطن بأرواحهم، فيما يستكثر عليهم البعض، راتباً لا يؤمن لهم الحد الأدنى من متطلبات الاكتفاء والعيش الكريم.
ثالثاً ليس سرّاً أو خفياً على أحد، أن الجيش يفتقر إلى الأسلحة اللازمة لمواجهة إسرائيل، وهذا نتاج سياسات الحكومات اللبنانية المتعاقبة، والحصار الدولي الذي فُرض على تسليح الجيش، مرة بحجة الخشية من استيلاء حزب الله على هذا السلاح، ومرة بالتحجج بعدم قدرة الدولة المالية على تسليح الجيش، ومرة بعدم جدوى هذا الأمر لأن إسرائيل ستبقى متفوقة على لبنان.
ولكن الحقيقة هي أنه في دولة أهدرت أكثر من مئة مليار دولار في السرقة وجيوب السماسرة والمنتفعين، لا يوجد من يُريد بِحَق، بناء دولة قانون وعدالة ومساواة، يحميها جيش قادر وقوي.
رابعاً ما زال البعض يتبنى شعار "قوة لبنان في ضعفه"، ويراهن على الشرعية الدولية، التي أثبتت إسرائيل مراراً وتكراراً أنها لا تقيم لها وزناً، ولم ولن تُنفذ أي قرار دولي سوى بالقوة.
ولقد جرّت سياسة التخلي عن الجيش ويلات على لبنان، فكلما ضعف الجيش، قويت الجماعات المسلحة خارج الدولة، وهذا ما حدث بعد اتفاق القاهرة، وانتشار السلاح بشكل عشوائي في المخيمات الفلسطينية، وانتقاله لاحقاً إلى كل المدن والقرى اللبنانية، فوقعت الحرب، التي أعادت لبنان سنوات إلى الوراء، وأوقعت شعبه في حالة من العجز والبؤس، ثم خرج البعض لينظّر بأنها حرب الآخرين على أرضنا، دون أن يسأل عن الأسباب، ومن الذي سمح بذلك.
خامسًا إن القاعدة واضحة، وهي أنه كلما ضعف الجيش انهارت الدولة وتفككت، وسادت الفوضى، وبات المجتمع أرضاً خصبة للعصابات، ووحده الجيش القوي يضمن الأمن، وسلامة الدولة، ومصلحة الشعب.
سادسًا البعض يطالب بحصرية السلاح بيد الجيش، وهذا مطلب حق، لكن المشكلة أن هؤلاء يطالبون بذلك، ليس من أجل تقوية الجيش، بل هدفهم تجريد المقاومة من السلاح، دون أن يلتفتوا إلى أن المقاومة ما كانت لتكن موجودة أصلاً، لولا الفوضى ووجود الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، وأن مطلب تسليم المقاومة سلاحها للجيش، بقدر ما هو ضروري، يجب أن يرتبط بسياسة دفاعية واضحة، تُبنى على تسليح الجيش وتعزيز قوته ودوره، كي لا يُشكّل هذا المطلب مجرّد محاولة لتجريد لبنان من أي قوة أو سلاح مقاوم يقف بوجه إسرائيل.
سابعاً سيقول البعض أن المقاومة فشلت في هذه الحرب في حماية لبنان، وانظروا إلى حجم الدمار الذي الحقته بالبلد.
طبعاً الخسائر كبيرة، ولا شك أن إسرائيل تتعمد إيذاء لبنان وشعبه.
لكن هل يجوز الانكار أن المقاومة أفشلت خطة إسرائيل باجتياح لبنان، وأن المقاومة ولأول مرة بتاريخ الحروب العربية الاسرائيلية، تنجح في استباحة أجواء إسرائيل، وصولاً إلى تل ابيب وقتساريا ومنزل نتنياهو نفسه؟؟؟
وهل يجوز الإنكار أن إسرائيل حشدت خمس فرق على الحدود مع لبنان، وبدأت عملية برية واسعة منذ أكثر من أربعين يوماً، وهي ما زالت تقاتل على أطراف قرى حدودية صغيرة مثل؛ عيتا الشعب، ومارون الراس، والخيام، وغيرها، وما زالت عاجزة عن السيطرة عليها؟؟؟
إنكار الحقائق من قبل البعض لا يُلغي وجودها، والإصرار على سياسة الضعف والانهزام والاستسلام لا يُحرر الاوطان والشعوب، ووحدها الإرادة الصلبة والكفاح، يوصلان إلى الحرية.
وحده الجيش القوي ضمانة لبنان، والسلام في لبنان، وإذا أراد البعض عن جهل أو عن قصد، أن يصوب في هذا الوقت على الجيش أو على المقاومة، فهو لا يخدم بذلك مصلحة لبنان، بل يُقدم خدمة جلية للعدو.
لكن يبدو أن بعض من يصوب اليوم على الجيش، أو على المقاومة، لديه أجندات خاصة، وهذا الهجوم على الجيش ليس بريئاً، بل مرتبط بحسابات داخلية، ومصالح ضيقة بات البعض يُقدّمها على مصلحة الوطن.