تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
بقلم ريهام طارق
رحل عن عالمنا الفنان القدير صلاح السعدني، في 19 من شهر أبريل 2024، ليترك وراءه ليس فقط إرثا فنيا لامعا وذكريات محفورة في قلوب الجماهير، بل يترك أيضا سيرة ذاتية تحكي قصة إنسانية ملهمة.
في هذا المقال الصحفي، نتأمل مساره الفني الممتد ونستعرض لحظاته البارزة، مع التركيز على الإسهامات الفنية التي ستظل خالدة في ذاكرة الفن المصري والعربي.
صلاح السعدني: بين فن الأداء وفلسفة الحياة
تنوعت أدواره اللافتة، وكان في كل تجسيد، يبدع صلاح السعدني في تصوير الإنسان العادي الذي يسعى للعيش بكرامة وصدق تلك الفلسفة العميقة التي يتبناها في حياته تعكس عمق الفكرة التي يحملها، وتظهر بوضوح في أسلوبه الفني المتميز.
بعيدًا عن الأضواء والشهرة، كانت قناعاته وقيمه الأساسية محور اهتمامه كان يؤمن بأن الحياة تتجاوز مجرد سباق وانتصارات، بل هي رحلة يجب على الإنسان أن يعيشها بتواضع وعمق وقد انعكست هذه القيم في حياته الشخصية ومسيرته الفنية، حيث برزت تلك الروح العميقة والإنسانية في كل عمل قام به، مما جعله يترك بصمة لا تنسى في عالم الفن والسينما، ليظل صلاح السعدني بلا منازع عنوانًا للابتسامة والتميز يتجلى نجاحه في تحويل قصص وتجارب المصريين إلى أعمال فنية تعبر عن عمق وحساسية تجذب القلوب وتنقل رسائل فنية ملهمة.
من خلال تنويع خبراته الفنية، استطاع السعدني أن يبرز في مجموعة واسعة من الأدوار، مزجًا بين الدراما والكوميديا ببراعة ليصبح قامة فنية بارزة في سماء الفن المصري والعربي تألقت أدواره بفضل موهبته الاستثنائية في إبراز التفاصيل الفريدة والحضور القوي، مما جعله يحظى بمكانة لا تُنسى في مشهد الفن ، وأكثر ما ميز صلاح السعدني حرصه على التجديد والابتكار، حيث يخلق أداءً يتسم بالحضور الجاذب والضحكات العفوية، بجانب قدرته الفائقة على التفاعل مع كلمات المؤلف ورؤى المخرج، وتقديم الأدوار بانضباط وتحكم مذهلين، باستخدام الوجه والصوت كأدوات أساسية للتعبير، يستمر السعدني في إثارة إعجاب الجمهور وإضفاء البهجة والضحكات على قلوبهم، مما يجعله ليس فقط ممثلًا بارعًا، بل مبدعًا يتألق بروحه الفنية وإبداعه المتجدد دائمًا
صلاح السعدني: صوت الشارع المصري في عالم الفن
في بريق عالم الفن يتألق صوت الشارع المصري من خلال فنانين يحملون روحًا وطنية عميقة، ومن بين هؤلاء الفنانين يبرز اسم صلاح السعدني كرمز لهذا الصوت المميز.
استطاع صلاح السعدني أن يأسرنا بأعماله الفنية، بأجواء الأزقة المصرية وتنوع حياتها، سواء كانت في الضوضاء الحضرية أو السكينة الريفية، وبأداء متميز، نقل صلاح السعدني مجموعة متنوعة من المشاعر، من الحزن العميق إلى السخرية والفكاهة، مما يعكس روح الشعب المصري، كما نجح صلاح السعدني في تجسيد شخصيات مصرية بكل قوة وإبداع، مما جعله يتألق على خشبات المسارح وفي عالم السينما بمهاراته الاستثنائية.
باختصار، يظل الفنان صلاح السعدني رمزًا للفن الذي ينبع من جذور الثقافة المصرية، وصوتًا مميزًا يعبر عن تجارب ومشاعر الشارع المصري بكل فخر وعزة.
وتاريخ صلاح السعدني ليس مجرد قصة فنية، بل هو درس إنساني ملهم، حيث نتعلم منه أن النجاح الحقيقي يأتي من خلال ترسيخ القيم الأساسية والتفاني في بناء حياة معنوية، مما يجعله لا يُنسى في عالم الفن وخارجه.
صلاح الدين السعدنى: رحلة فنية من البذور إلى الإبداع
صلاح الدين عثمان السعدني: رحلة فنية ممتدة
صلاح الدين عثمان السعدني، المعروف بين الأوساط الفنية باسمه الفني صلاح السعدني، قد وُلد في 23 يناير 1943، حيث نشأ في بيت أسرة فنية معروفة، إذ كان شقيقا الكاتب الكبير محمود السعدني، وعمّا لـ الكاتب الصحفي أكرم السعدني، ووالد الممثل الشهير أحمد السعدني.
بدايته في الفن:
بدأت مسيرته الفنية مع فرقة عبد الرحمن الخميسي، لكنه سرعان ما برز في المسرح الجامعي بفضل تعاونه مع الفنان الكبير عادل إمام.
قدما معًا عروضًا فنية متعددة، منها مسرحية "ثورة الموتى" التي عرضت لفريق الكلية، وكانت مشاركته في تأسيس فرق التلفزيون المسرحي في عام 1963 خطوة هامة في مسيرته الفنية. لقد ترك بصمته في عدة مجالات، حيث شارك في أكثر من 35 مسرحية و65 فيلمًا و150 مسلسل تلفزيوني. وقد برزت مواهبه في مسلسل "الرحيل" عام 1962، ولكن لم يكن هذا إلا البداية، فبعد ذلك ارتبط اسمه بعدد كبير من الأعمال الدرامية التي أثرت في الثقافة الفنية المصرية
تألقه الفني:
رغم تأخره عن العمل الفني لبضع سنوات، إلا أن اسمه أشعل الساحة الفنية في السبعينيات، حيث لعب دورًا بارزًا كممثل في الأدوار الصغيرة المؤثرة في العديد من الأفلام والمسرحيات، منها "أغنية على الممر"، و"الرصاصة لا تزال في جيبي"، و"مدرستي الحسناء"، و"الأرض"، و"طائر الليل الحزين"، و"حكمتك يا رب"، حيث شارك في تلك الفترة مع عدة فرق مسرحية سواء في مسارح الدولة أو القطاع الخاص، وقدّم عروضًا مميزة مثل "برج المدابغ"، و"العمر لحظة"، و"الملوك يدخلون القرية"، و"ابتسامة بمليون جنيه"، و"الجيل اللي طالع"، و"نجمة نصف الليل"، "حب و فركشة"، و"قصة الحي الغربي".
ثم شارك على مدى سنوات عديدة، حيث شهدت الدراما التلفزيونية المصرية تطورًا لافتًا، و تبوّأت بعض المسلسلات مكانة مميزة في قلوب المشاهدين وأصبحت علامات فارقة في تاريخ الفن العربي. من بين هذه الأعمال الفنية الرائعة لصلاح السعدني، نجد : "الضحية"، و"الساحرة"، و"الرحيل"، و"لا تطفئ الشمس"، و"طريق الذئاب"، و"القاهرة والناس"، و"عادات وتقاليد"، و"أم العروسة"، و"قطار منتصف الليل"، و"الليلة الموعودة"، و"الشوارع الخلفية"، و"غريب في المدينة"، و"أبناء الأعزاء"، و"شكرًا"، و"صيام صيام"، و"ولسه بحلم بيوم"، و"وقال البحر"، و"أديب"، و"بين السرايات"، و"شاهد الوحيد"، و"أبناء العطش"، و"عصر الحب"، و"يوميات نائب في الأرياف"، و"الرحايا"، و"أهلا جدو العزيز"، و"شارع المواردي"، و"النوه"، و"ضرب ابن برقوق"، و"ليالي الحلمية"، و"أرابيسك"، و"أوراق مصرية"، و"سنوات الشقاء والحب"، و"حلم الجنوبي"، و"بين القصرين"، و"قصر الشوق"، و"رجل في زمن العولمة"، و"عمارة يعقوبيان"، و"الباطنية"، و"الأخوة الأعداء"، و"القاصرات"، و"الناس في كفر عسكر"، و"حارة الزعفراني للثروة"، و"حسابات أخرى". ويجدر بالذكر أن أحد أهم الأدوار التي برع في تأديتها هي شخصية العميد سليمان غانم في مسلسل "ليالي الحلمية" إلى جانب الفنانين الكبار الفخراني وصفية العمري، وشخصية حسن في "أرابيسك"، وعاطف ابن الأوسط في "أبناء الأعزاء"، وكذلك شخصية إبراهيم في "وقال البحر"، والشيخ محمد النجار في "أديب"، وشخصية نصر وهدان القط في "حلم الجنوبي". هذه الأعمال الفنية ليست مجرد مسلسلات تلفزيونية بل هي تحف فنية تجسدت بأداء نخبة من ألمع نجوم الدراما المصرية.
في فترة السبعينات من القرن العشرين، شهدت صناعة السينما تركيزاً وتكثيفاً للأنشطة الفنية، وأثر صلاح السعدني بشكل كبير من خلال أداءه لبعض الأدوار الرئيسية المؤثرة وأدوار البطولة الثانوية في عدد كبير من الأفلام المتميزة. وقد أتاحت له هذه الأفلام فرصة تجسيد شخصيات درامية لا تُنسى، مثل شخصية علواني في "الأرض"، ومسعد في "أغنية على الممر"، ورؤوف في "الرصاصة لا تزال في جيبي"، وحمدي في "شقة في وسط البلد"، وجلال في "حكمتك يا رب"، وسمير المتهم بالباطل في "طائر الليل الحزين"، وهشام في "الأشقياء"، ودكتور محيي في "الشيطان يغني"، والمقدم سعيد أبو الهدى في "ملف من الآداب"، وعزوز عبد التواب في "كونشرتو درب سعادة".
صلاح السعدني: رحلة فنية متجددة عبر ساحات المسرح والشاشة
لقد شكّل المسرح ركنًا أساسيًا في مسيرة الفنان صلاح السعدني لسنوات طويلة، حيث أخذ يعبر عن إبداعه وموهبته الفنية على هذا المسرح لنصف قرن تقريبًا انضم السعدني إلى عدة فرق مسرحية بارزة، من بينها فرقة المتحدين، وخاصةً المسرح الكوميدي والمسرح الحديث، حيث برزت موهبته وبقي وفيًا لهذا الميدان الفني، خاصةً مع فرقة مسرح الدولة، وتحديدًا فرقة المسرح الكوميدي والمسرح الحديث.
ومع انتهاء عام 1995، قرر السعدني الانتقال إلى تحديات جديدة، حيث قدّم استقالته من فرقة مسرح الدولة ليكرس وقته وجهوده للعمل في قطاع الأعمال الخاصة والتلفزيون، مُنتجًا وممثلاً في عدة مناسبات، معززًا بذلك تراثه الفني المتجدد ومسيرته المهنية المتنوعة.
عندما نتأمل مسيرة الفنان، نجد أن له بصماته الخاصة في عالم المسرح، حيث أتاحت له فرصًا متعددة لتجسيد شخصيات درامية مميزة استطاع أن يلعب دور الشاب العابث الذي يتحول مكافح وطني في مسرحية "حارة السقا"، والمجند الوطني المدافع عن تراب وطنه في مسرحية "أغنية على الممر"، وشخصية المؤلف الناشئ في "زهرة الصبار"، و الشاب المتطلع للحرية في "الجيل إللي الطالع".
وكانت مسرحية "الملوك يدخلون القرية" هي أول بطولة مسرحية مطلقة بالنسبة له، ولم يكتف بذلك بل تألق في أدوار متنوعة مثل العشيق في "ابتسامة بمليون دولار"، وشخصية صلاح الشاب المرح في "العمر لحظة"، وشخصية مبارك الذي نجح بتعليقاته الساخرة في مسرحية "الملك هو الملك"، حيث جسد دور الصعلوك الفقير والملك الطاغي.
على الرغم من تقديمه للعديد من العروض، إلا أن تعاونه مع المخرجين توقف في التسعينيات، بفضل استكمال مشواره الفني عبر وسائل الإعلام والسينما، وكانت آخر أعماله المسرحية كانت في فرق القطاع الخاص، مسرحية، "بالو بالو" مع المخرج سمير العصفوري عام 1969، ومن ثم قدم مسرحية "الملك هو الملك" مع المخرج مراد منير عام 1998. تنوعت مشاركاته المسرحية عبر تاريخه
مثل "قلوب خالية" عام 1962، و"الرجل والطريق" و"مهرجان الحب" عام 1963، و"رجل فقد ظله" عام 1963، و"حارة السقاة" عام 1966، و"أغنية على الممر" عام 1968، و"العمر لحظة" عام 1974، و"برج المدابغ" عام 1977، و"الملك هو الملك" عام 1988. أما المسرح الكوميدي، فشهد إبداعات منها "السكرتير الفني لقمة الفردوس" عام 1963، و"معروف الإسكافي" عام 1967، و"زهرة الصبار" عام 1968، و"إمبراطورية ميم" عام 1969، و"الملوك يدخلون القرية"، و"ابتسامة بمليون روبل" عام 1970، و"الجيل الذي طال انتظاره"، و"نجمة نصف الليل" عام 1971، و"ممنوع دخول الستات" عام 1980. ويتميز المسرح الصغير بأعمال مثل "مسحوق الذكاء" عام 1967، و"وزارة الثقافة: الحرب والسلام" عام 1974، و"أنغام الشباب: حب وفركشة" عام 1974."
عبد الرحمن الخميسي "عزبة بنايوتي" في عام 1960، و"فيضان النبا" في عام 1961، بينما انطلقت رحلة المصري مع "القرد وملك الهيبز" في عام 1970.
الفنانين المتحدين: "قصة الحي الغربي" في عام 1970، و"البحر بيضحك ليه" في عام 1990، و"اثنين في قفه" في عام 1991.
ولم تقتصر الإبداعات على المسرح فقط، بل امتدت إلى عالم التلفزيون، حيث أنتجت مجموعة من المسرحيات المصورة التي لاقت استحساناً واسعاً. من بين هذه المسرحيات "مخ مخرج ملخبط خالص" في عام 1968، و"الباسبور" في عام 1973، و"الجيل اللي جاي" في عام 1977، و"حاجة تحير" في عام 1985، و"الدخان" في عام 1990.
وفي السينما قدم الأفلام التالية
كراكيب ، شقه في وسط البلد، الحلال يكسب، لعدم كفاية الادلة، تحت الصفر، خلف اسوار الجامعة، الشيطان يغني، زوجة بلا رجل، المحترفون، الموظفون في الارض، بنات في ورطه، لعنة الزمن، الأرض، طائر الليل الحزين، انهم يقتلون الشرفاء، قضيه عم احمد، شحاتين ونبلاء، ملف في الآداب، شياطين الليل، برج المدابغ ،الحزين، ملف في الآداب، الشرفاء، مهمة صعبة جدا، ليه يا دنيا ، الرصاصة لا تزال في جيبي، الاعتراف الاخير ، احترس نحن المجانين، اليوم السادس، زمن حاتم زهران، ليل وخونه ، كونشر تو ضرب سعاده، العملاق، الغول، الحساب يا مدموزيل ، فوزيه البرجوازيه، اغنية علي الممر، الحب والثمن، حكمتك يا رب
فتوه الناس الغلابه، الاشقياء ، هكذا الايام ، الزمار ، ليه يا هرم ، احلام صغيره، الوحش داخل الانسان، هكذا الايام ، جبروت امرأة ، سوزي بائعة الحب ، بدون زواج افضل.
وقدم للتلفزيون مجموعه من الاعمال المتميزه صدرت اسم بحروف من ذهب فعلى مدى ما يزيد عن النصف قرن قدم: " الضحية، الساقية، الرحيل، لا تطفئ الشمس، معاش مبكر، طريق الذئاب، عاصفة على بحر هادئ، الجوارح، قرية الرعب، بيت الحب، حسابى مع الايام، اشجان، القاهرة والناس، عادات وتقاليد ، المعجزة، أم العروسه، شاطئ المهجور، قطار نصف الليل، الليلة الموعودة، الشوارع الخلفية، زياره وديه ، غريب في المدينة، ابنائي الاعزاء شكرا ، صيام صيام، ولسه بحلم بيوم ، وقال البحر، اديب، المصيدة، ابواب المدينه، بين السرايات ، الشاهد الوحيد، الأب العادل، ابناء العطش، قصر الحب، حصاد الشر، يوميات نائب في الأرياف، ينابيع النهر، سفر الاحلام، المكتوب على الجبين، هذا الرجل، الزوجة آخر من يعلم ، اسف لا يوجد حل، الرحايه، اهلا جدو العزيز، شارع المواردي، سحور على مائدة الشعب، النوه، قلب الاسد، المحاكمة ، رجل الليل، حواء والتفاحة، الحساب، درب ابن برقوق، عمو عزيز،
وجع البعاد، أهل الدنيا ، شعاع من أمل، سر السعيد الزواني ، الاصدقاء ، ليالي الحلمية، الزوج أول من يعلم ، أرابسك، اوراق مصريه، سنوات الشقاء والحب، حلم الجنوبي، بين القصرين ، قصر الشوق، السيف الوردي، رجل في زمن العولمة ، جسر الخطر، ارض الرجال، بيت الباشا ، حصاد الشر ،عمارة يعقوبيان، عدي النهار، نقطة نظام، الباطنية، الاخوه الاعداء ،القاصرات ،الناس في كفر عسكر، حارة الزعفراني، للثروة حسابات اخرى، ملحمة الحب والرحيل".
وفي الإذاعة قدم عددا كبيرا من المسلسلات والسهرات نذكر منها:
" عصر الحب، الولد الشقي، مذكرات المعلم شعبان، رحله مع الاحلام، رحلة في الزمن القديم، عشاق لا يعرفون الحب، فارس عصره وأوانه، ابو عرام، اوف سايد، قبض الريح ،انا والحبيب".
رحيل فنان الجماهير وأيقونة التمثيل المصري
إن رحيل صلاح السعدني خسارة كبيرة للساحة الفنية المصرية، فقد فقدنا فناناً متعدد المواهب ومبدعاً له أثره الخالد في تاريخ الفن المصري، ولكن ما زال إرثه الفني حياً في قلوب الجماهير، وسيظل محفوراً في ذاكرتنا رحم الله عمدة الدراما صلاح السعدني.