تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
الخبير في أسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي " اكرم كمال سريوي "
أعلنت إسرائيل مرارًا وتكرارًا أنها لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وهددت بضرب المنشآت النووية الإيرانية، ووضعت خططًا مفصّلة لذلك.
عمدت إسرائيل إلى إجراء تعديلات على طائرات F-35 لتصبح قادرة على الوصول إلى داخل إيران، وضرب أهداف محددة، تبعد عن قاعدة النقب حوالي 1750 كلم، وتم تدريب الطيارين الإسرائيليين عليها.
المنشآت النووية الإيرانية
يمكن تقسيم المنشآت النووية الإيرانية إلى أربعة أقسام:
١- مناجم استخراج اليورانيوم: وأهمها منجم سغند، و منجم زاريغان، ويتبعهما مركز أصفهان لتنقية اليورانيوم وتحويله إلى غاز هكسا فلورايد اليورانيوم، ثم يتم تبريده ليتحول إلى يورانيوم صلب.
٢- مراكز تخصيب اليورانيوم وتشمل؛ نطنز - رامانده - ولشكر آباد - داروخين - اردكان .
٣- مفاعلات نووية: أهمها مفاعل آراك يعمل بالماء الثقيل D2O2 ، و مفاعل بوشهر الذي يعمل بالماء الخفيف، و خوزستان مفاعل انصهار نووي.
وتجدر الإشارة إلى أن المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل، يمكنه استخدام اليورانيوم الطبيعي (0,7% يورانيوم 235)، بينما المفاعلات التي تعمل بالماء الخفيف، تحتاج إلى وقود نووي مخصب بنسبة 3,5% إلى 5%.
وتستخدم إيران اليورانيوم المخصب بنسبة 20% في الابحاث العلمية ومعالجة الامراض السرطانية.
فيما تحتاج صناعة القنبلة النووية إلى يورانيوم مخصب بنسبة أكثر من 90% ، كما يمكن استخدام البلوتونيوم الذي ينتجه مفاعل بوشهر في صناعة هذه القنابل.
٤- مراكز أبحاث نووية أهمها ؛ جامعة شريف للبحوث، مركز جورغان، مركز دامنا لأبحاث فيزياء البلازما، مركز بومان للبحث والتطوير، مركز كالايه للبحوث النووية.
وتؤكد أجهزة المخابرات الأميركية، أن إيران تملك عدة منشآت نووية سرية، وأقامت مفاعلات محصّنة جداً تحت الأرض، منها مثلاً مفاعل فوردو، الذي يقع في منطقة جبلية وتحت الارض بعمق 80 متراً، ومجهز بأحدث أجهزة الطرد المركزية IR-6 . كما أنه وفق التقديرات الأمريكية والإسرائيلية، فإن مفاعل نطنز يحتوي أكثر من 7000 جهاز طرد مركزي، وهو يسمح بتطوير 20 رأس نووي سنوياً.
وخصصت إيران موقع انارك لتخزين المخلفات النووية.
الخطة الإسرائيلية
وضعت إسرائيل خطة لضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وتضع في رأس القائمة مفاعل؛ نطنز و بوشهر و اراك، واخيراً اضافت مفاعل فورده.
وللتغلب على مشكلة التحصينات تحت الأرض، عملت الشركات الأمريكية على صناعة قنبلة عملاقة قادرة على اختراق الارض بعمق 60 متراً، أُطلق عليها اسم "ام القنابل" ، وهي من نوع GBU-57 يبلغ وزنها 12300 كلغ، وتحتوي القنبلة على مزيج من مادة متفجرة يطلق عليها اسم "AFX-757"، ومركب متفجر يُسمى "PBXN-114".
كما هناك صاروخ امريكي AGM -183 الذي تباهى به الرئيس ترامب وقال: أن روسيا سرقته. وهو يسمى ايضاً "سوبر بوبر" ، ويطير بسرعة تصل إلى 20 ماخ، وبمدى 1600 كلم. ويتم اطلاقه من قاذفات B-52 . لكن بعد سلسلة تجارب فاشلة لاطلاقه، تم التخلي عن المشروع عام 2023، ولم يشترِ الجيش الأمريكي هذا الصاروخ.
كما لحظت الخطة الإسرائيلية- الأمريكية، استخدام القنابل الأمريكية من طراز BLU-109 و GBU-28 و GBU-57.
وتقترح الخطة القاء قنبلة على سطح المفاعل لتحدث حفرة فيه، ثم يتم القاء قنبلة ثانية في الحفرة لتخترق السطح وتنفجر داخل المفاعل.
أما بالنسبة لمفاعلي فورد وتطنز، فيتم استهداف المداخل لإغلاقها، لكن المشكلة أن هذا الإغلاق سيكون مؤقتاً.
معوقات الضربة
تواجه إسرائيل عدة مسائل، حالت وتحول حتى الآن، دون توجيه ضربة لمنشآت إيران النووية:
١- بُعد المسافة: تفصل بين إسرائيل ومفاعلات إيران النووية، مسافة تتراوح بين 1750 كلم و 3000 كلم. وهذه مسافة طويلة حتى لطائرات F-35 التي يبلغ مداها الأقصى 2160 كلم.
٢- لا يمكن للطائرات الاسرائيلية F-35 حمل القنبلةGBU-57 ، وهي تحتاج إلى قاذفات B-2 كون الطائرات العادية، مثل C-130، لن تكون خياراً جيداً، نظراً لقدرة إيران على رصدها واستهدافها.
٣- تطور وسائل الرصد والمراقبة وسلاح الدفاع الجوي لدى إيران، وقدرتها على التصدي حتى لطائرات شبحية متطورة مثل F-35.
٤- تباعد المنشآت النووية الإيرانية عن بعضها البعض، فهي موزعة في أنحاء البلاد، وقصفها يحتاج إلى طلعات جوية منفصلة، ولا يمكن فعل ذلك بطلعة واحدة.
٥- استحالة تدمير البرنامج النووي الإيراني، فالامر مختلف كثيراً عن تدمير المفاعل العراقي أوزيراك.
فإيران باتت دولة تمتلك تقنيات الدارة النووية بشكل كامل، بدءاً من مناجم اليورانيوم، وإلى الأبحاث العلمية، والقدرة على تصنيع أحدث أجهزة الطرد المركزية، وتخصيب اليورانيوم، والمفاعلات الحصينة، القادرة على انتاج كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية، وانتاج البلوتونيوم، وحتى تكنولوجيا صناعة القنابل النووية.
٦- خشية أمريكية من أن أي استهداف للمنشآت النووية الايرانية، سيدفع بايران إلى تسريع برنامجها النووي، وإنتاج أسلحة نووية لحماية نفسها مستقبلاً.
٧- خشية إسرائيل من قدرة إيران على الرد، وتوجيه ضربات قاسية إلى المنشآت الإسرائيلية، بما فيها قواعد الطيران، ومفاعل ديمونا النووي.
كما أن لدى إيران القدرة على فتح عدة جبهات على إسرائيل، عبر حلفائها في محور المقاومة.
٨- عدم رغبة أمريكا في الدخول بحرب شاملة مع إيران، لأن ذلك سيقوض أمن المنطقة، ويضر بالمصالح الأمريكية.
٩- عدم جهوزية القوات الأميركية في المنطقة لشن هذه الحرب، فأي هجوم على إيران، يحتاج إلى حشد أضعاف هذه القوات. وإذا لم تنجح في تدمير القوة الإيرانية وإلحاق الهزيمة بها، فهذا يعني أن القواعد الأميركية ستكون عرضة للاستهداف، وقد تتكبد خسائر كبيرة.
١٠- الحاجة إلى حشد الدعم الدولي لهذه الحرب، وهذا غير ممكن في ظل الصراعات الدائرة اليوم، بدءاً من أوكرانيا، وصولًا إلى تايوان، وكوريا، وسوريا، وفنزويلا، وغيرها من نقاط ساخنة في العالم.
١١- خطر اندلاع صراع عالمي كبير، ودخول أطراف دولية أخرى إلى جانب إيران، في حال اندلاع الحرب الشاملة.
١٢- قدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز، وقطع آخر شرايين امدادات النفط والغاز، إلى الدول الصناعية، خاصة أوروبا.
وفي ظل مقاطعة وحظر النفط الروسي، والفنزويلي، والإيراني، ومشاكل ليبيا، فإن هذا سيخلق أزمة عالمية على كل المستويات، وفقدان النفط سيجعل سعره يتضاعف عدة مرات.
من الواضح أن إيران فرضت نفسها كقوة وازنة في المنطقة لا يمكن تجاهلها، ولا تحجيمها، وبالتالي فإن كل التهديدات الاسرائيلية بضرب منشآت إيران النووية، باتت دون معنى ومجرد أحلام مستحيلة.
وهذا ما تؤكده إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن، التي انتقدت بشدة انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وأكّدت أن هذا الانسحاب، جعل البرنامج النووي الإيراني دون قيود، ودفعها إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%.
والآن وبنتيجة التهديدات الإسرائيلية المتكررة، والاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق، تتصاعد مطالبات شعبية، لتعديل فتوى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، والسماح للقوات المسلحة الإيرانية، بانتاج أسلحة نووية.
ليس إيران وحدها ستدخل النادي النووي، بل يبدو أن سياسة سباق التسلح التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية، على أوروبا والعالم، ستُدخل إلى النادي النووي، دول عديدة، أوروبية، وعربية، واستراليا، واليابان، وربما تايوان أيضاً، مما يجعل العالم أكثر قرباً واستعدادًا ليوم الهرمجدون.